رقم 76434

التعريف بالموسوعة «مدارك فقه أهل السنة على نهج وسائل الشيعة »

التعريف بالموسوعة «مدارك فقه أهل السنة على نهج وسائل الشيعة »

لمّا كان شيعة أهل البيت علیهم السلام وأتباعهم یقطنون في مختلف الحواضر والبلاد والمناطق الإسلامية إلی جانب إخوانهم أهل السنّة الذين كانوا يشكلون الأكثرية الساحقة؛ لابدّ أن نكون بصدد إحصاء العناصر التي تشكل وتبيّن ظرف الصدور وتصنعه للفقيه؛ ليفهم المراد ممّا جاء في أحاديث الرسول(ص) التي اجتمعت في الجوامع الحديثية لإخواننا أهل السنّة

التعريف بالموسوعة الحاضرة ودواعي تأليفها

يتوقّف الاستنباط الفقهي علی مقدّمات ومهارات يلزم تحصيلها، ولا يتسنّی للفقيه أن يستنبط الأحكام الشرعية الفرعية من دونها؛ فإنّ الاستنباط كما يتوقّف علی معرفة القواعد الاُصولية والرجالية؛ هو بحاجة إلی فهم دقيق وشامل للمعاني المرادة والمقصودة للأحاديث؛ وغيرها من الاُمور؛ وممّا يؤثّر في فهم المقصود والمراد ممّا جاء في نصوص الحديث هو الإلمام بالقرائن الداخلية والخارجية والحالية والمقالية... .

ومن جملة القرائن الخارجية: بيئة صدور الحدیث أو ظرف صدوره والدواعي التي أدّت إلی صدوره التي اصطلح عليها بـ «أسباب ورود الحديث»؛ و يتألّف ظرف الصدور من عدّة عناصر متداخلة، مثل: سؤال الراوي، وقناعته الفردية، أو العامّة المجتمعية، أو عُرف مجتمعه وعاداتهم والثقافة التي تحكمهم، ومرتكزاتهم الذهنية.

و من هنا كلّما كانت الإحاطة بظرف الصدور أكثر وأعمق كان فهم المقصود أقرب إلی الواقع وأدقّ. ولذلك تكون آراء مشاهیر أهل السنّة وذوي الرأي المؤثّر في الساحة الإجتماعية العامّة، وعدم إمكان التصريح بالرأي أو الحكم الذي لابدّ للإمام علیه السلام من الإدلاء به أو إمكان التصريح به؛ من جملة العناصر التي تصنع ظرف صدور الحديث.

ولمّا كان شيعة أهل البيت علیهم السلام وأتباعهم یقطنون في مختلف الحواضر والبلاد والمناطق الإسلامية إلی جانب إخوانهم أهل السنّة الذين كانوا يشكلون الأكثرية الساحقة؛ لابدّ أن نكون بصدد إحصاء العناصر التي تشكل وتبيّن ظرف الصدور وتصنعه للفقيه؛ ليفهم المراد ممّا جاء في أحاديث الرسول(ص) التي اجتمعت في الجوامع الحديثية لإخواننا أهل السنّة، ومنها: آراء الصحابة وأقوال التابعين والعلماء في القرنين الأوّلين، وفي الحواضر العلمية الكبيرة، مثل: المدينة والكوفة، و... ممّا يمكن عدّها من القرائن التي تؤلّف ظرف صدور أحاديث الرسول وأهل بيته الطاهرين علیهم السلام. ونعرضها عرضاً يساعد على تصوير ظرف الصدور للفقيه الذي يريد أن يقوم بعملية إستنباط الحكم الشرعي عندما يراجع مصادر الاستنباط المتوفّرة لديه.

نتائج هذا المشروع العلمي

إنّ جمع نصوص الحديث من مصادر أهل السنّة لتطبيقها مع نصوص الحديث المتوفّرة لدی علماء شيعة أهل البيت علیهم السلام يمكن أن يحقّق مجموعة من الأهداف التي تستحقّ الاهتمام، وهي:

۱. إيضاح ظرف الصدور وتبيينه.

۲. فهم وفرز الروايات التي صدرت عن أهل البيت علیهم السلام تقيّة في ظل الإرهاب والظلم الاُموي والعبّاسي بالنسبة لأهل البيت علیهم السلام وأتباعهم.

۳. الثمار العقائدية: إنّ تمييز أتباع أهل البيت علیهم السلام عن عامّة المسلمين في بعض مظاهر السلوك العبادي قد حصل في وقت متأخّر، فإنّ آراء وسيرة جملة من الصحابة والتابعين كانت تتطابق مع ما عليه جمهور أتباع أهل البيت علیهم السلام ، وقد عرفنا من خلال تتبّع آراء الصحابة والتابعين وعلماء أهل السنّة أنّ هناك توافقاً ملفتاً للنظر بين ما عليه جمهور مدرسة أهل البيت علیهم السلام ، وجملة من الصحابة والتابعين والعلماء غير التابعين لمدرسة أهل البيت علیهم السلام.

٤. التقريب بين المذاهب الإسلامية: هناك نصوص مشتركة في مصادرنا ومصادرهم وآراء فقهية مشتركة بين المذاهب الإسلامية بحيث تكون سبباً للتقارب بين هذه المذاهب، ومن هنا كان جمعها وتمييزها عاملاً من عوامل التقريب بين المسلمين وتقليل شقّة الخلاف والتباعد فيما بينهم.

٥. بلورة دقائق الفقه الإمامي وغناه: إنّ فقه أهل البيت علیهم السلام يتميّز بالغنی والكمال والشمول، وانتشار آرائهم علیهم السلام وتميّزها بالنضج والغنى، كان سبباً من أسباب التأثّر بها؛ ومن هنا يلاحظ الباحث المتتبّع لآراء مؤسّسي المذاهب _  فضلاً عن الصحابة والتابعين _ مدى تأثّرهم بآراء أهل البيت علیهم السلام.

مميّزات الكتاب الحاضر

في هذه الموسوعة الحديثية استعرضنا الروايات الفقهية المتوافرة في مصادر أهل السنّة مع الاهتمام بآراء الصحابة والتابعين وعلماء القرنين الأوّل والثاني الهجريّين، والتي تتضمّن آراء مؤسّسي المذاهب الأربعة أيضاً _ أبي حنيفة (۱٥۰ﻫ) ومالك بن أنس (۱۷۹ﻫ) والشافعي (۲۰٤ﻫ) وأحمد بن حنبل (۲٤۱ﻫ) _ لتكون الموسوعة جامعة لكلّ ما يحتاجه الفقيه، وما يمكن أن يستفيده من خلال المقارنة بين الأحاديث في كلّ مصادر الفريقين.

و الاقتصار علی القرنين الأوّلين إنّما هو باعتبار أنّ أكثر روايات أهل البيت علیهم السلام ناظرة إلی ما اجتمع في هذه الفترة من أحاديث وما تمخّض فيها من آراء وثقافة؛ وروايات القرن الثالث قليلة جدّاً، وقلمّا نجد فيها النظر إلی ثقافة العامة  في الساحة الاجتماعية السنّية أو آراء علمائها.

و قد تمّ تبويب هذه الموسوعة الحديثية علی أساس عناوين كتاب «وسائل الشيعة» والنصوص الحديثية التي تضمّنها كلّ باب وعنوان، فإذا جمع الفقيه بين نصوص «وسائل الشيعة» ونصوص هذه الموسوعة تسنّی له أن يصل إلی المقارنة بيسر وسهولة.

و تتميّز موسوعتنا عمّا سواها بالأهداف كما تتميّز بالمنهج والتبويب معاً ویتّضح ذلك فیما يلي:

_ الاهتمام بالأبواب الفقهية وعناوينها التفصيلية.

_ الاهتمام بكلّ مصادر الحديث السنّية.

_ الاهتمام بكلّ نصوص الحديث والآراء الفقهية المذكورة في مصادر أهل السنّة،  سواء وافقت الشيعة أو خالفتهم.

_ كلّ الأحاديث أوردناها بشكل مباشر من المصادر الأساسية المتقدّمة لأهل السنّة.

_ اتّبعنا في ترتيب أحاديث هذه الموسوعة الترتيب المتّبع في تبويب «وسائل الشيعة» المعروف لدی المحقّقين والفقهاء.

_ للاحتراز من اختلاط نصوص أحاديث الفريقين، جعلناهما في مجموعتين متمايزتين؛ لنحفظ لكلّ مجموعة خصائصها ومميّزاتها التي ورثتها إلی يومنا هذا.

_ اهتممنا بضبط الإرجاعات اللازمة فيما بين الأبواب بشكل كامل ودقيق؛ تیسیراً للإفادة.

لقد تمّ إنجاز هذه الموسوعة بجهود أصحاب الفضيلة من  الباحثين في قسم الفقه والحقوق في المركز العلمي، البحثي الخاصّ بالعلوم والمعارف الحديثية في مؤسّسة دار الحديث العلمية الثقافية. وقد تمّ الإشراف العلمي عليها في قسم الفقه والحقوق بإرشاد  ومتابعة حثيثة من قبل آية الله محمّدي الريشهري؛ ومن خلال تقييم العمل المنجز من قبل آية الله الشيخ رضا الاُستادي وآية الله الشيخ محمّد واعظ زاده الخراساني.

المصدر: