259
موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج2

بعضهما البعض؟!
وقد اكتفى رسول اللّه صلى الله عليه و آله في جوابه بقراءة هذا المقطع من الآية موضوع البحث (الآية 21 من سورة الروم) :
«وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَ رَحْمَةً» . ۱
وبناءً على ذلك، فإنّ من الضروري من أجل إشاعة المودّة في الأُسرة والانتفاع بشكلٍ أكثر من بركاتها، أن توضع خطط طويلة الأمد وشاملة من أجل تعزيز هذه المودّة والرحمة الإلهيّة .
وقد قيل في بيان الفرق بين المودّة والرحمة، اللتين تختلفان من بعض الجوانب :
أوّلاً: المودّة، هي الدافع إلى الارتباط في البداية ؛ إلّا أحد الزوجين إذا ما ابتلي بالضعف وعجز عن خدمة الآخر فان الرحمة ستحلّ محلّها .
ثانياً: تكون المودّة عند الكبار، حيث تدفعهم إلى خدمة بعضهم البعض؛ ولكنّ الأطفال والأولاد ينشؤون ويترعرعون في ظلّ الرحمة.
ثالثاً: تكون المودّة متبادلة من الطرفين في الغالب، وأمّا الرحمة فهي من جانبٍ واحد، ويغلب عليها طابع الإيثار والتضحية . ۲
وعلى حدّ تعبير العلّامة الطباطبائي :
من أجل موارد المحبّة والرحمة في المجتمع المنزلي فإنّ الزوجين يتلازمان بالمودّة والمحبّة، وهما معا وخاصّة الزوجة يرحمان الصغار من الأولاد ؛ لما يريان ضعفهم وعجزهم عن القيام بواجب العمل لرفع الحوائج الحيوية، فيقومان بواجب العمل في حفظهم وحراستهم وتغذيتهم وكسوتهم وتربيتهم، ولولا هذه الرحمة

1.راجع : ص ۲۷۴ ح ۱۶۵۲ .

2.راجع : الأمثل في تفسير كتاب اللّه المنزل : ج ۱۲ ص ۴۹۶ .


موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج2
258

ناقص مشتاق إلى كماله، وكلّ مفتقر مائل إلى ما يزيل فقره، وهذا هو الشبق المودّع في كلٍّ من هذين القرينين . ۱
وهذه الجاذبة الطبيعية، هي الضمانة التنفيذية لمدبّر العالم الحكيم، من أجل بقاء الجنس البشري والحيوانات الأُخرى . وقد نُقل عن الإمام الصادق عليه السلام قوله :
وَلَو كانَ إنَّما يَتَحَرَّكُ لِلجِماعِ بِالرَّغبَةِ فِي الوَلَدِ، كانَ غَيرَ بَعيدٍ أن يَفْتُرَ عَنهُ حَتّى يَقِلَّ النَّسلُ أو يَنقَطِعَ . ۲
والملاحظة المهمّة أنّ الأحاديث الإسلاميّة ۳ ، أضفت القدسية والقيمة المعنوية على اللذّة الجنسية في كيان الأُسرة والّتي تبدو موضوعاً مادّياً تماماً . ۴

ج ـ مركز المودّة والرحمة

يتمثّل الدرس الثالث لمعرفة اللّه في موضوع الأُسرة ـ والّذي يُستخلص من الآية 21 من سورة الروم ـ في أنّ الخالق الحكيم، جعل الأُسرة مركز المودّة والرحمة. وفي الحقيقة فإنّ المودّة والرحمة هما أساس تعزيز الرباط الأُسري، فكلّما تعزّز الرباط الأُسري، تعزّز هذا الكيان أكثر، وازدادت الأُسرة قوّة وثباتا وسادت الحياةَ طمأنينةٌ أكثر.
وقد جعل اللّه تعالى ميثاق الزواج العامل الطبيعي لإيجاد المودّة والرحمة، ولذلك فقد روي أنّ رجلاً جاء إلى رسول اللّه صلى الله عليه و آله وقال له متعجّباً : كيف يتزوّج الرجل من امرأة لم يرها من قبل أبداً ولم تره هي أيضاً، ولكن بمجرّد أن يتمّ الزواج ويدخل الرجل على المرأة، تحدث المودّة بينهما حتّى لا يكون هناك شيء أحبّ إليهما من

1.الميزان في تفسير القرآن: ج ۱۶ ص ۱۶۶.

2.بحار الأنوار : ج ۳ ص ۷۹ .

3.راجع : ص ۴۱۴ (الحثّ على تلبية الغريزة الجنسية).

4.راجع : ص ۴۵۳ (التأكيد على الأجر المعنوي لتأمين الحاجات الجنسية).

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج2
    سایر پدیدآورندگان :
    المسعودي، عبدالهادي؛ الطباطبائي، محمد کاظم؛ الأفقي، رسول؛ الموسوي، رسول
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 170678
الصفحه من 563
طباعه  ارسل الي