145
موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج2

القُلوبِ ، وتَشاحُنِ الصُّدورِ ، وتَدابُرِ النُّفوسِ ، وتَخاذُلِ الأيدي . وتَدَبَّروا أحوالَ الماضينَ مِنَ المُؤمِنينَ قَبلَكُم ، كَيفَ كانوا في حالِ التَّمحيصِ وَالبَلاءِ . ألَم يَكونوا أثقَلَ الخَلائِقِ أعباءً ، وأجهَدَ العِبادِ بَلاءً ، وأضيَقَ أهلِ الدُّنيا حالاً! اِتَّخَذَتهُمُ الفَراعِنَةُ عَبيدا ، فَساموهُم سوءَ العَذابِ ، وجَرَّعوهُمُ المُرارَ ، فَلَم تَبرَحِ الحالُ بِهِم في ذُلِّ الهَلَكَةِ وقَهرِ الغَلَبَةِ ، لا يَجِدونَ حيلَةً فِي امتِناعٍ ، ولا سَبيلاً إلى دِفاعٍ . حَتّى إذا رَأَى اللّهُ سُبحانَهُ جِدَّ الصَّبرِ مِنهُم عَلَى الأَذى في مَحَبَّتِهِ ، وَالاِحتِمالِ لِلمَكروهِ مِن خَوفِهِ ، جَعَلَ لَهُم مِن مَضايِقِ البَلاءِ فَرَجا ، فَأَبدَلَهُمُ العِزَّ مَكانَ الذُّلِّ ، وَالأَمنَ مَكانَ الخَوفِ ، فَصاروا مُلوكا حُكّاما ، وأئِمَّةً أعلاما ، وقَد بَلَغَتِ الكَرامَةُ مِنَ اللّهِ لَهُم ما لَم تَذهَبِ الآمالُ إلَيهِ بِهِم .
فَانظُروا كَيفَ كانوا حَيثُ كانَتِ الأَملاءُ ۱ مُجتَمِعَةً ، وَالأَهواءُ مُؤتَلِفَةً (مُتَّفِقَةً) ، وَالقُلوبُ مُعتَدِلَةً ، وَالأَيدي مُتَرادِفَةً ، وَالسُّيوفُ مُتَناصِرَةً ، وَالبَصائِرُ نافِذَةً ، وَالعَزائِمُ واحِدَةً . ألَم يَكونوا أربابا في أقطارِ الأَرَضينَ ، ومُلوكا عَلى رِقابِ العالَمينَ ؟ ! فَانظُروا إلى ما صاروا إلَيهِ في آخِرِ اُمورِهِم ، حينَ وَقَعَتِ الفُرقَةُ ، وتَشَتَّتَتِ الاُلفَةُ ، وَاختَلَفَتِ الكَلِمَةُ وَالأَفئِدَةُ ، وتَشَعَّبوا مُختَلِفينَ ، وتَفَرَّقوا مُتَحارِبينَ (مُتَحازِبينَ) ، قَد خَلَعَ اللّهُ عَنهُم لِباسَ كَرامَتِهِ ، وسَلَبَهُم غَضارَةَ ۲ نِعمَتِهِ ، وبَقِيَ قَصَصُ أخبارِهِم فيكُم عِبَرا للمُعتَبِرينَ .
فَاعتَبِروا بِحالِ وُلدِ إسماعيلَ وبَني إسحاقَ وبَني إسرائيلَ عليهم السلام ، فَما أشَدَّ اعتِدالَ الأَحوالِ ، وأقرَبَ اشتِباهَ الأَمثالِ! ۳

1.المَلأُ : أشراف الناس ورؤساؤهم ومتقدّموهم الذين يرجع إلى قولهم ، وجمعه أملاء (النهاية : ج ۴ ص ۳۵۱ «ملأ»).

2.الغضارة : طيب العيش (الصحاح : ج ۲ ص ۷۷۰ «غضر»).

3.نهج البلاغة : الخطبة ۱۹۲ ، بحار الأنوار : ج ۱۴ ص ۴۷۲ ح ۳۷ .


موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج2
144

في أعمالِها بَرَّةً تَقِيَّةً ، وإنَّ اللّهَ لَيَستَحيي أن يُعَذِّبَ اُمَّةً دانَت بِإِمامٍ مِنَ اللّهِ وإن كانَت في أعمالِها ظالِمَةً مُسيئَةً . ۱

راجع : التنمية الإقتصادية في الكتاب والسنّة : ص 256 (الحكومة الصالحة والتنمية).

4 / 2

اِتِّحادُ الاُمَّةِ

الكتاب

« وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ ءَايَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ » . ۲

الحديث

۱۴۲۹.الإمام عليّ عليه السلام :اِحذَروا ما نَزَلَ بِالاُمَمِ قَبلَكُم مِنَ المَثُلاتِ ۳ ، بِسوءِ الأَفعالِ وذَميمِ الأَعمالِ ، فَتَذَكَّروا فِي الخَيرِ وَالشَّرِّ أحوالَهُم ، وَاحذَروا أن تَكونوا أمثالَهُم .
فَإِذا تَفَكَّرتُم في تَفاوُتِ حالَيهِم ، فَالزَموا كُلَّ أمرٍ لَزِمَتِ العِزَّةُ بِهِ شَأنَهُم (حالَهُم) ، وزاحَتِ الأَعداءُ لَهُ عَنهُم ، ومُدَّتِ العافِيَةُ بِهِ عَلَيهِم ، وَانقادَتِ النِّعمَةُ لَهُ مَعَهُم ، ووَصَلَتِ الكَرامَةُ عَلَيهِ حَبلَهُم ؛ مِنَ الاِجتِنابِ لِلفُرقَةِ ، وَاللُّزومِ لِلاُلفَةِ ، وَالتَّحاضِّ عَلَيها ، وَالتَّواصي بِها . وَاجتَنِبوا كُلَّ أمرٍ كَسَرَ فِقرَتَهُم ، وأوهَنَ مُنَّتَهُم ؛ مِن تَضاغُنِ ۴

1.الكافي : ج ۱ ص ۳۷۶ ح ۵ ، الغيبة للنعماني : ص ۱۳۳ ح ۱۵ كلاهما عن عبد اللّه بن سنان ، بحار الأنوار : ج ۶۸ ص ۱۱۳ ح ۲۷ .

2.آل عمران : ۱۰۳ .

3.المُثلَة : نقمة تنزل بالإنسان فيُجعَل مِثالاً يَرتَدِع به غَيره ، وجمعه : مُثُلات ومَثُلات (مفردات ألفاظ القرآن : ص ۷۶۰ «مثل») .

4.الضِّغْنُ : الحِقْدُ والعداوة والبغضاء (النهاية : ج ۳ ص ۹۱ «ضغن»).

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج2
    سایر پدیدآورندگان :
    المسعودي، عبدالهادي؛ الطباطبائي، محمد کاظم؛ الأفقي، رسول؛ الموسوي، رسول
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 170721
الصفحه من 563
طباعه  ارسل الي