51
الرواشح السماوية

في درجة صيغة المفرد لشيء واحد هو إحدى تلك المراتب ، على سياق ما في التنزيل الكريم من قوله عزّ قائلاً : «يَـنِسَآءَ النَّبِىِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَآءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ»۱ أي كجماعة واحدة من جماعات النساء .
وكذلك الأمر في «مصابيحا» و«مفاتيحا» و«دعائما» . وعلى هذا السبيل في التنزيل الكريم قوله سبحانه : « سَلَـسِلاَْ »۲ و « قَوَارِيرا »۳« قَوَارِيرا » على القراءة بالتنوين فيها جميعا . وهذا ألطفُ وأدقّ وأعذب وأحقّ من قول الكشّاف : «وهذا التنوين بدل من ألف الإطلاق ؛ لأنّه فاصلة . وفي الثاني ؛ لإتّباعه الأولَّ» . ۴ كيف؟ وليس هو في حيّز مسيس الحاجة إلى صرف الإطلاق ألبتّة ، وغاية ما يستحقّ أمر الإتّباع من الاعتبار إتّباع مقام الوصل لمقام الوقف لاأزيدَ من ذلك . وحذاءَ ممشايَ مشى ، ونظيرَ مسيري سار حاذق تفتازانَ في تنوين «أوّلاً» ولو كان مشفوعا بالموصوف في الذكر ؛ حيث قال في كتاب التلويح : «إنّ انتصاب أوّلاً وثانيا على الظرفيّة» . ۵
وأمّا التنوين في «أوّلاً» ـ مع أنّه أفعل التفضيل بدليل الأُولى والأوائل ، كالفُضلى والأفاضل ـ فلأنّه هاهنا ظرف بمعنى قبلُ ، وهو حينئذٍ منصرف لا وصفيّة له أصلاً . وهذا معنى ما قال في الصحاح :
إذا جعلته صفة لم تصرفه ، تقول : لقيته عاما أوّلَ ، وإذا لم تجعله صفة صرفته ، تقول : لقيته عاما أوّلاً ، ومعناه في الأوّل : أوّل من هذا العام ، وفي الثاني : قبل هذا العام . ۶
هذا قوله بألفاظه .

1.الأحزاب (۳۳) : ۳۲ .

2.الإنسان (۷۶) : ۴ .

3.الإنسان (۷۶) : ۱۵ ـ ۱۶ .

4.الكشّاف ۴ : ۶۶۷ ، ذيل الآية ۴ ، وص ۶۷۱ ، ذيل الآية ۱۵ ـ ۱۶ من الإنسان .

5.لم نعثر على هذا الكتاب .

6.الصحاح ۳ : ۱۸۳۸ ، (و . أ . ل) .


الرواشح السماوية
50

وكذلك سبيل القول في دعاء الاستخارة : «اللهمّ خِرْلي» . ۱ أي اختر لي أصلح الأمرين ، واجعل لي الخيرة فيه خيرة في عافية .
قوله : (وأبلج بهم عن سبيل مناهجه) .
إفعال من البلوج ، وهو الظهور والإشراق . وبلج الصّبح أي أضاءَ ، والأمرُ أي اتّضح ، وتبلّج مثله ، وكلّ شيء وضح فقد ابلاجّ إبليجاجا ، وأبلجه أي أظهره وجعله مشرقا أو واضحا .
وإيراد «عن» إمّا لِدَعْم ۲ المعنى وتثبيته ـ كما في «عرض له» و«أوضح عنه» ـ أو على تضمين معنى الذبّ والدفع ، أو الكشط ـ وهو رفعك شيئا عن شيء قد غشّاه ـ أو التكشيفِ ، تقول : كشّفته عن كذا تكشيفا إذا وكّلته وأكرهته على إظهاره .
و«بهم» أي بتسبيبهم للبلوج والوضوح ، أو بتوسيطهم بينه وبين خلقه للدلالةِ على سبيله ، والهداية إلى جنابه .
قوله : (مَسالكا لمعرفته ، ومَعالما لدينه) .
التنوين في «مسالكا» و«معالما» ـ على ما في أكثر النسخ العتيقة المعوّل على صحّتها ـ للتنكير ، أي طائفةً مّا من المسالك ومن المعالم ، على ما في «مساجدا من المساجدات» و«مشامّا من المشامّات» بإعجام الشين ، وكذلك «مسامّا من المسامّات» بالسين المهملة .
والتنكير هاهنا للنباهة والجلالة والتعظيم والتفخيم ، وبذلك خرجت الصيغة عن منع الصرف ؛ إذ لايلحظ فيها بحسب هذا الاعتبار معنى جمعيّتها بالقياس إلى صيغة المفرد ، وبالقياس إلى الآحاد ، بل إنّما يعتبر كونها واحدةً من المراتب الجمعيّة ، ومفردةً بالقياس إلى صيغة جمعها بالألف والتاء لمراتب الجماعات ، فهي إذن كأنّها

1.الكافي ۳ : ۴۷۱ ، باب صلاة الاستخارة ح۳ .

2.في حاشية «أ» : «دعمت الشيء دعما ، والدعامة : عماد البيت ، وقد أدعمت : إذا اتّكأت» . كما في لسان العرب ۱۲ : ۲۰۲ ، (د . ع . م) .

  • نام منبع :
    الرواشح السماوية
    المساعدون :
    قيصريه ها، غلامحسين؛ الجليلي، نعمة الله؛ محمدي، عباس؛ رضا نقي، غلام
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1422 ق / 1380 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 82755
الصفحه من 360
طباعه  ارسل الي