271
مكاتيب الأئمة ج5

جَهْدَ أَيْمَـنِهِمْ لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَن يَمُوتُ بَلَى وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا » 1 في التَّوراةِ وَ الإِنجيلِ ، إِلى قَولِهِ عز و جل : « وَلِيَقْتَرِفُواْ مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ » 2 . فَلَو تُجيبُهُم فيما سَألوا عَنهُ استَقاموا وَ سَلَّموا ، وَ قَد كانَ مِنِّي ما أَنكَرتُ وَ أَنكَروا مِن بَعدي ، وَ مُدَّ لي لِقائي ، وَ ما كانَ ذلِكَ مِنِّي إِلَا رَجاءَ الإِصلاحِ ، لِقَولِ أَميرِ المُؤمِنينَ صَلَواتُ اللّهُ عَلَيهِ : اقتَرِبوا اقتَرِبوا وَسَلوا وَسَلوا ، فإِنَّ العِلمُ يَفيضُ فَيضا ، وَ جَعَلَ يَمسَحُ بَطنَهُ وَيَقولُ : ما مُلِئَ طَعامٌ ، وَ لكِن مَلأََهُ عِلمٌ ، وَ اللّهِ ما آيةٌ نَزَلَت في بَرٍّ وَ لا بَحرٍ وَ لا سَهلٍ وَ لا جَبَلٍ إِلَا أَنا أَعلَمُها و أَعلَمُ فيمَن نَزَلَت .
وَ قَولُ أَبي عَبدِ اللّهِ عليه السلام : إِلى اللّهِ أَشكو أَهلَ المَدينَةِ إِنَّما أَنا فيهِم كَالشّعرِ أَتَنَقَّلُ ، يُريدونَني عَلى أَلّا أَقولُ الحَقَّ ، وَ اللّهِ لا أَزالُ أَقولُ الحَقَّ حَتَّى أَموتُ ، فَلمَّا قُلتُ حَقّا أُريدُ بِهِ حَقنَ دِمائِكُم ، وَ جَمعَ أَمرِكُم عَلى ما كُنتُم عَلَيهِ ، أَن يَكونَ سِرُّكُم مَكنونا عِندَكُم غَيرُ فاشٍ في غَيرِكُم ، وَ قَد قالَ رسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : سِرَّا أَسَرَّهُ اللّهُ إِلى جَبريلَ ، وَ أَسَرَّهُ جَبريلَ إِلى مُحَمَّدٍ ، وَ أَسَرَّهُ مُحمَّدُ إِلى عَليٍّ صَلَواتُ اللّهِ عَلَيهِم ، وَ أَسرَّهُ عَليٌّ إلى مَن شاءَ .
ثُمَّ قالَ : قالَ أَبو جَعفَرٍ عليه السلام : ثُمَّ أَنتُم تُحَدِّثونَ بِهِ في الطَّريقِ ، فَأَردتُ حَيثُ مَضى صاحِبُكُم أَن أَلَفَّ أَمرَكُم عَلَيكُم ، لِئَلَا تُضَيِّعوهُ في غَيرِ مَوضِعِهِ ، وَ لا تَسأَلوا عَنهُ غَيرَ أَهلِهِ فَتَكونوا في مَسأَلتِكُم إِيَّاهُم هَلَكُتُم ، فَكَم دُعيَ إِلى نَفسِهِ وَ لَم يَكُن داخِلُهُ ، ثُمَّ قُلتُم : لابُدَّ إِذا كانَ ذلِكَ مِنهُ يَثبُتُ عَلى ذلِكَ ، وَ لا يَتَحَوَّلَ عَنهُ إِلى غَيرِهِ .
قُلتُ : لِأَنَّه كانَ مِنَ التَّقيَّةِ وَ الكَفِّ أَوَّلاً ، وَ أَمَّا إِذا تَكَلَّمَ فَقَد لَزَمَهُ الجَوابُ فيما يَسألُ عَنهُ ، فَصارَ الّذي كُنتُم تَزعَمونَ أَنَّكُم تَذُمُّونَ بِهِ ، فَإِنَّ الأَمرُ مَردودٌ إِلى غَيرِكُم ، وَ إِنَّ الفَرضَ عَلَيكُم اتّباعُهُم فيهِ إِلَيكُم ، فَصَيَّرتُم ما استَقامَ في عُقولِكُم وَ آرائِكُم ، وَ صَحَّ بِهِ القياسُ عِندَكُم بِذلِكَ لازِما ، لِما زَعَمتُم مِن أَلّا يَصُحُّ أَمرُنا ، زَعَمتُم حَتّى يَكونَ ذلِكَ عَلَيَّ لَكُم .
فَإِن قُلتُم : إِن لَم يَكُن كَذلِكَ لِصاحِبِكُم فَصارَ الأَمرُ إِن وَقَعَ إِلَيكُم ، نَبَذتُم أَمرَ رَبِّكُم وَراءَ

1.النحل : ۳۸.

2.الأنعام : ۱۱۳.


مكاتيب الأئمة ج5
270

أحمد بن محمّد 1 ، قال : كتب الحسين بن مهران 2 إلى أبي الحسن الرّضا عليه السلام كتابا ، قال : فكان يمشي شاكّا في وقوفه .
قال : فكتب إلى أبي الحسن عليه السلام يأمره و ينهاه. فأجابه أبو الحسن عليه السلام بجواب و بعث به إلى أصحابه فنسخوه ، و ردّ إليه لئلّا يستره حسين بن مهران ، و كذلك كان يفعل إذا سُئل عن شيء ، فأحبّ ستر الكتاب ، و هذه نسخة الكتاب الّذي أجابه به :بِسمِ اللّهِ الرَّحمنِ الرَّحيم
عافانا اللّهُ وَ إِيَّاكَ ، جاءَني كِتابُكَ تَذكُرُ فيهِ الرَّجلَ الّذي عَلَيهِ الخيانَةُ ، وَ العَينُ تَقولُ أَخَذتُهُ ، وَتَذكُرُ ما تَلقاني بِهِ وَ تَبعَثُ إِليَّ بِغَيرِهِ ، وَ احتَجَجتَ فيهِ فَأَكثَرتَ ، وَ عِبتَ عَلَيهِ أَمرا وَ أَرَدتَ الدُّخولَ في مِثلِهِ .
تَقولُ إِنَّهُ عَمَلَ في أَمري بِعَقلِهِ وَ حيلَتِهِ ، نَظَرا مِنهُ لِنَفسِهِ ، وَ إِرادَةَ أَن تَميلَ إِليهِ قُلوبُ النَّاسِ ، لِيَكونَ الأَمرُ بِيَدِهِ وَ إِليهِ ، يَعمَلُ فيهِ بِرَأيِهِ وَ يَزعُمُ أَنَّي طاوَعتُهُ فيما أَشارَ بِهِ عَلَيَّ ، وَ هذا أَنتَ تَشيرُ عَلَيَّ فيما يَستَقيمُ عِندَكَ في العَقلِ وَ الحيلَةِ بَعدَكَ ، لا يَستَقيمُ الأَمرُ إِلَا بِأَحدِ أَمرَينِ :
إِمَّا قَبِلتَ الأَمرَ عَلى ما كانَ يَكونُ عَلَيهِ ، و إمَّا أَعطَيتَ القَومَ ما طَلَبوا وَ قَطَعتَ عَلَيهِم ، وَ إِلَا فَالأَمرُ عِندنا مِعوَجٌ ، وَ النَّاسُ غَيرُ مُسلِّمينَ ما في أَيديهِم مِن مالٍ وَ ذاهِبونَ بِهِ ، فَالأَمُر لَيسَ بِعَقلِكَ وَ لا بِحيلَتِكَ يَكونُ ، وَ لا تَفعَل الّذي تَجيلُهُ بِالرَّأيِ وَ المَشوَرَةِ ، وَلكِنَّ الأَمرَ إِلى اللّهِ عز و جلوَحدَهُ لا شَريكَ لَهُ ، يَفعَلُ في خَلقِهِ ما يَشاءُ ، مَن يهدي اللّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ وَ مَن يُضلِلهُ فَلا هاديَ لَهُ ، وَ لَن تَجِد لَهُ مُرشِدا .
فَقُلتَ : وَأَعمَلُ في أَمرِهِم وَ أَحتِلُ فيهِ ، وَ كَيفَ لَكَ الحيلَةُ ، وَ اللّهُ يَقولُ : « وَ أَقْسَمُواْ بِاللَّهِ

1.راجع : ص ۲۵۰ الرقم ۱۷۲ .

2.الحسين بن مهران بن محمّد بن أبي نصر السّكونيّ ، روى عن أبي الحسن موسى و الرّضا عليهماالسلام ، وكان واقفا ، وله مسائل ( راجع : رجال النجاشي : ج ۱ ص۱۶۷ الرقم۱۲۶ ، رجال الطوسي : ص ۳۵۵ الرقم۵۲۶۰ ، الفهرست للطوسي : ص ۱۱۰ الرقم۲۲۴ ، رجال ابن الغضائري : ص۵۱ الرقم ۳۲ ) .

  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمة ج5
    المساعدون :
    الفرجي، مجتبی
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحديث
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1387
    الطبعة :
    الاولى
عدد المشاهدين : 113744
الصفحه من 464
طباعه  ارسل الي