33
حكم النّبيّ الأعظم ج3

والواضحة عن النبيّ صلى الله عليه و آله في تفسير هذا العنوان ، وسيرته العمليّة في هذا المجال .
والملاحظة الملفتة للنظر ، أنّ خلود حديث الثّقلين ، وتأكيد رسول اللّه صلى الله عليه و آله على أنّ القرآن وأهل البيت لا يفترقان إلى يوم القيامة وأنّ من الواجب على الاُمّة الإسلاميّة اتّباعهما ، يدلّان بوضوح على أنّ مصاديق أهل البيت لا تنحصر في أصحاب الكساء الّذين استشهد آخرهم ـ وهو الإمام الحسين عليه السلام ـ بعد خمسين عاما من رحيل النبيّ صلى الله عليه و آله ، بل اُضيف إليهم تسعة من أبناء الإمام الحسين عليه السلام ، كما ورد التصريح به في روايات أهل البيت .
فقد روي عن الإمام عليّ عليه السلام في بيان معنى عترة النبيّ صلى الله عليه و آله قوله :
أنا وَالحَسَنُ وَالحُسَينُ وَالأئِمَّةُ التِّسعَةُ مِن وُلدِ الحُسَينِ ، تاسِعَهُم مَهدِيُّهُم وقائِمُهُم ، لا يُفارِقونَ كِتابَ اللّهِ ولا يُفارِقُهُم حَتَّى يَرِدوا عَلى رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله حَوضَهُ .۱
وعلى الرغم من أنّ «العترة» لم تطبّق بهذه الصراحة في الأحاديث المعتبرة لأهل السنّة على الأئمّة الاثني عشر من أهل بيت الرسالة ، ولكنّ الأحاديث الّتي تؤكّد أنّ خلفاء رسول اللّه صلى الله عليه و آله اثنا عشر شخصا لا يمكن تبريرها ۲ إلّا بالأساس العقيدي لأتباع أهل البيت ، مثل الحديث التالي :
لا يَزالُ الدِّينُ قائِما حَتَّى تَقومَ السّاعَةُ ، أو يَكونَ عَلَيكُم اثنا عَشَرَ خَليفَةً ، كُلُّهُم مِن قُرَيشٍ .۳
وجاء في نقل آخر :

1.راجع : المصدر السابق .

2.راجع : أهل البيت في الكتاب والسنّة : (القسم الأوّل/ الفصل الخامس : عدد الأئمة من أهل البيت/ تحقيق حول أحاديث عدد الأئمّة) .


حكم النّبيّ الأعظم ج3
32

البيت عنه صلى الله عليه و آله ۱ ، وما رواه سبعة عشر صحابيا من أصحاب رسول اللّه صلى الله عليه و آله في هذا المجال ۲ ، وما روي عن أهل البيت أنفسهم في تفسير أهل البيت ۳ ، واتّفاق جميع هؤلاء على اعتبار هذه الفئة الخاصّة أهل بيت النبيّ صلى الله عليه و آله ، واعتبار أزواج النبيّ صلى الله عليه و آله خارج هذه الفئة ، لا يبقى أدنى مجال للشكّ عند الباحث المنصف في المقصود من أهل البيت في الآية المذكورة . ۴
ويؤيّد مضمون آية التطهير وسياقها ، الأحاديث الّتي فسّرت أهل البيت بمجموعة خاصّة من المقرّبين إلى النبيّ صلى الله عليه و آله .
كما أنّ السيرة العمليّة لرسول اللّه صلى الله عليه و آله في تبيين هذه الآية الكريمة ـ منذ أن منع دخول زوجته الكريمة اُمّ سلمة تحت الكساء ؛ لدفع احتمال دخول زوجاته تحت عنوان «أهل البيت» وحتّى وفاته صلى الله عليه و آله ۵ ـ كانت بشكل بحيث لم يكن في زمان حياته أيّ اختلاف في مفهوم أهل البيت ومصداقهم ، فلم يكن أحد يدّعي هذا العنوان سوى فئة خاصّة من المقرّبين إلى النبيّ صلى الله عليه و آله والّذين كانوا يتمتّعون بالكفاءة لهداية الاُمّة الإسلاميّة وقيادتها . ۶
وبناءً على ذلك فإنّ أيّ شبهة حول مفهوم أهل البيت ومصداقهم في آية التطهير وحديث الثّقلين ، فاقدة للقيمة العلميّة ، خصوصاً بعد ورود الأحاديث الصريحة

1.راجع : المصدر السابق .

2.تبدو هذه الملاحظة جديرة بالاهتمام وهي أنّ «أهل البيت» في آية التطهير تشمل النبيّ الأعظم صلى الله عليه و آله أيضا ، ولكنّه سيخرج من هذه المجموعة في حديث الثّقلين الّذي طرح فيه أهل البيت باعتبارهم خلفاء رسول اللّه صلى الله عليه و آله .

3.راجع : أهل البيت في الكتاب والسنّة : (القسم الأوّل/ الفصل الرابع : تسليم النبي على أهل البيت وتخصيصهم بالأمر بالصلاة .)

4.للاطّلاع أكثر راجع : أهل البيت في الكتاب والسنة : (القسم الأوّل : معنى أهل البيت .)

  • نام منبع :
    حكم النّبيّ الأعظم ج3
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دار الحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق/1387 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 157809
الصفحه من 676
طباعه  ارسل الي