«ثمّ اعلم أنّ لحديث التمسّك بذلك طرقاً كثيرة وردت عن نيّف وعشرين صحابيّاً ، ومرّ له طرق مبسوطة . . . وفي بعض تلك الطرق أنّه قال ذلك بحجّة الوداع بعرفة ، وفي اُخرى أنّه قاله بالمدينة في مرضه وقد امتلأت الحجرة بأصحابه ، وفي اُخرى أنّه قال ذلك بغدير خم ، وفي اُخرى أنّه قال [ذلك] لمّا قام خطيباً بعد انصرافه من الطائف ۱ ، كما مرّ ، ولا تنافي ؛ إذ لا مانع من أنّه كرر عليهم ذلك في تلك المواطن وغيرها ؛ اهتماما بشأن الكتاب العزيز والعترة الطاهرة» . ۲
خامسا : المُراد من العترة وأهل البيت عليهم السلام
بيّن رسول اللّه صلى الله عليه و آله بنفسه المُراد من عترته وأهل بيته ـ في تفسيره آية التطهير ـ بحيث لم يبقَ أيّ مجال للإبهام والترديد أو التفسير والتأويل ، ولا أحد يشكّ في أنّ مراده من أهل البيت في حديث الثّقلين ـ الّذي اعتبرهم فيه عِدلاً للقرآن ـ هو نفس الّذين نزلت آية التطهير بشأنهم .
وعلى هذا فمن الضروري أن نقدّم إيضاحا مختصرا حول آية التطهير لينكشف المراد من أهل البيت في حديث الثّقلين .
أهل البيت عليهم السلام في آية التطهير
وهذا هو نصّ الآية :
«إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا» . ۳
ومن الملفت للانتباه أنّ هذه الآية نزلت في أواخر عمر رسول اللّه صلى الله عليه و آله ۴ ، كما
1.لم نجد هذا الموضوع في المصادر ، ولعلّه إشارة إلى قول عبد الرحمن بن عوف : إنّ النبيّ قال بعد الغارة على الطائف : «أيُّها الناسُ! إنّي فَرَطٌ لَكُم وأوصيكُم بِعِترَتي خَيرا وإنَّ مَوعِدَكُم الحَوض» (راجع : مسند أبي يعلى : ج ۱ ص ۳۹۳ ح ۸۵۶ ، المستدرك على الصحيحين : ج ۲ ص ۱۳۱ ح ۲۵۵۹ ، المطالب العالية : ج ۴ ص ۵۶ ح ۳۹۴۹ ؛ الأمالي للطوسي : ص ۵۰۴ ح ۱۱۰۴ ، المناقب للكوفي : ج ۱ ص ۴۸۸ ح ۳۹۵) .
2.الصواعق المحرقة : ص ۱۵۰ .
3.الأحزاب : ۳۳ .
4.روي عن الإمام الحسن عليه السلام أنّه بعد أن نزلت آية التطهير كان النبيّ صلى الله عليه و آله يقف على بابهم كلّ يوم عند ف طلوع الفجر حتّى نهاية عمره الشريف ويقول : «الصلاة يرحمكم اللّه ، «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا» » (الأمالي للطوسي : ص۵۶۵ ح ۱۱۷۴) . ونظرا لأنّ أغلب الروايات ذكرت أنّ مدّة قيام رسول اللّه صلى الله عليه و آله بهذا العمل هي ستّة أشهر (راجع : سنن الترمذي : ج ۵ ص ۳۵۲ ح ۳۲۰۶ ، مسند ابن حنبل : ج ۴ ص ۵۱۶ ح ۱۳۷۳۰ ، المستدرك على الصحيحين : ج ۳ ص ۱۷۲ ح ۴۷۴۸ ، المعجم الكبير : ج ۳ ص ۵۶ ح ۲۶۷۱ ، المصنف لابن أبي شيبة : ج ۷ ص ۵۲۷ ح ۴ ، تفسير الطبري : ج ۱۲ الجزء ۲۲ ص ۶) يمكن أن نستنتج أنّ آية التطهير نزلت في أواخر عمر النبيّ صلى الله عليه و آله .