97
حكم النّبيّ الأعظم ج4

الفكريّة ، والإعراض عن الدنيا ، والمعارضة للفرح والبهجة ، والانزواء عن الناس ، والامتناع عن الزواج ، فإنّهم ، في الحقيقة ، يمارسون عملاً إعلاميّاً مضادّا للدين .
ويضيف الاُستاذ مطهّري قائلاً :
«عندما بلغ الكبت والاستبداد ذروته في اُوربا ، كان الناس يفكّرون في حقوقهم في الحكم ، وكانت تُنشَر في مقابل ذلك ، من قِبل الكنيسة أو مؤيّديها أو من خلال الاستناد إلى أفكارها ، آراء تفيد بأنّ الشعب ملزَم ومكلّف أمام الحكم فقط ، وليس له أيّ حقّ في الحكم . وكان هذا كافياً لإثارة المجتمع المتعطّش إلى الديمقراطيّة والحرّيّة في الحكم ، ضدّ الكنيسة» . ۱
إنّ إحدى خصائص الإسلام الأصيل هي أنّه يأخذ جميع الميول الفطريّة للإنسان بنظر الاعتبار . وتعني طبيعة الدين الفطريّة ، أساسا ، أنّ كلّ مُثُله (على صعيد المعتقدات والأخلاق والأعمال) لها جذور متأصّلة في فطرة الإنسان . ومن هنا فإنّ المبلّغ إذا كان عارفا حقّ المعرفة بالإسلام وكان خبيرا بالحاجات الفطريّة للمخاطب ، فإنّه لا يأتي أبدا ، باسم الدين وبهدف تبليغ الإسلام ، بما يتعارض وحاجات الناس الفطريّة وحقوقهم الطبيعيّة .

1.المصدر السابق .


حكم النّبيّ الأعظم ج4
96

مسؤوليّة التخطيط للتبليغ

يتّضح ، من خلال التأمّل في ميزان تأثّر المخاطبين واختلافهم في درجات الاستيعاب الذاتي والاكتسابي ، مدى أهمّية وضع خطّة تبليغيّة صحيحة وصعوبتها . وهذا ، في الحقيقة ، يُلقي مسؤوليّة مضاعفة على عاتق المبلّغين والمؤسّسات الإعلاميّة والمراكز الثقافيّة ، خاصّة الإذاعة والتلفزيون في النظام الإسلامي ، ويدعوها إلى وضع الخطط الإعلاميّة المناسبة والمفيدة .

2 . عدم الاصطدام مع الرغبات الفطريّة للناس

أحد العيوب التي ترافق عمليّة التبليغ ، بشكل عامّ ، هو تحويل التبليغ إلى عملٍ مضادّ للذات من قبل المبلّغ نفسه . وكثيراً ما يقع في مجالات الإعلام السياسي والاجتماعي والثقافي أن ينجم عن الإعلام تأثير معاكس ، ويعزى أحد أسباب هذه الظاهرة إلى عدم أخذ الجانب النفسي بنظر الاعتبار ؛ فيجيء العمل التبليغي أو الإعلامي متعارضاً مع الحاجات الفطريّة والطبيعيّة للناس . يقول الاُستاذ مطهّري في هذا المجال :
«أحد موجبات التخلّف الديني ، من زاوية علم النفس الديني ، أن يخلق المتصدّون لشؤون الدين تعارضاً بين الدين وإحدى الحاجات الطبيعيّة ، خاصّة إذا كانت تلك الحاجة ظاهرة على صعيد الرأي العامّ وتهمّ المجتمع بأسره» . ۱
إذا حصل نوع من التضادّ في خطّة التبليغ الديني بين الدين وحقوق الناس السياسيّة أو الاجتماعيّة أو الفرديّة ، فإنّ العمل التبليغي سيكون مآله إلى الفشل ، بل أكثر من ذلك سيتحوّل إلى عملٍ مضادّ للتبليغ . وانطلاقاً من هذه الرؤية ، فإنّ الذين يفسّرون التديّن بمعنى عدم احترام الحقوق السياسيّة للشعب ، والحجر على الحريّة

1.راجع : سيري در نهج البلاغة ( بالفارسيّة ) : ص ۱۱۹ .

  • نام منبع :
    حكم النّبيّ الأعظم ج4
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دار الحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق/1387 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 203003
الصفحه من 702
طباعه  ارسل الي