«إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَآءَ إِذَا وَلَّوْاْ مُدْبِرِينَ * وَ مَآ أَنتَ بِهَـدِى الْعُمْىِ عَن ضَلَــلَتِهِمْ» . ۱
وهكذا ، فإنّ المصابين بموت الروح بسبب كثرة الذنوب لا يمكنهم الاستفادة من عنصر التبليغ .
المسألة الجديرة بالتأمّل في هذا المجال ؛ هي أنّ الإنسان المصاب بموت الروح والفكر على أثر اقتراف الرذائل ، يدرك الحقيقة إلّا أنّه لا يتقبّلها . ومثل هذا الشخص يصفه القرآن فيقول :
«أَفَرَءَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَـهَهُ هَوَاهُ وَ أَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَ خَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَ قَلْبِهِ وَ جَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَـوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ» . ۲
فحينما تستحوذ النزوات على الإنسان وتصبح على شكل صنم يعبده نتيجة لتراكم الآثام على قلبه ، عند ذلك لا يكون ثمّة أمل في هدايته ؛ لا بسبب عدم معرفته للحقّ ، ولكن بسبب عدم قدرته على الامتثال للحقّ ، ومن هنا يمكن وصفه بأنّه ضالّ يعرف الطريق .
المسألة الاُخرى هي أنّ عدم جدوى التبليغ في شأن أمثال هؤلاء الناس لا يسقط المسؤوليّة التبليغيّة للمبلّغ ، والقرآن يرى أنّ المبلّغ مكلّف بإعداد خطّة تبليغيّة لمثل هذه المجموعة من الناس ، لا لأنّ هناك أملاً في هدايتهم ، بل لأجل إتمام الحجّة عليهم ؛ لكي لا يحتجّوا على اللّه عندما يذوقون وبال استغلالهم الحرّيّة الممنوحة لهم ، ويقولوا : ربّنا لولا أرسلتَ إلينا هادياً . ۳