37
موسوعة العقائد الإسلاميّة ج3

ويتحقق له السفر إلى اللّه سبحانه، يتجلى له الحق المتعالي قبل كل شيء، على قلبه المقدس بالأُلوهية ومقام ظهور الأسماء والصفات . ويكون هذا التجلّي أيضا مرتّبا ومنظّما، حيث ينطلق من الأسماء المحاطة مرورا بالأسماء المحيطة حسب شدّة السير وضعفه وحسب قوّة قلب السالك وضعفه على التفصيل الذي لا يستوعبه هذا الكتاب المختصر، حتى ينتهي إلى رفض كل تعيّنات عالم الوجود سواء كانت تعيّنات تعود إلى نفسه أو تعيّنات راجعة إلى غيره والتي تعتبر ـ أي هذه التعينات الغيرية ـ في المنازل والمراحل التالية من التعيّنات العائدة إلى نفسه أيضا وبعد الرفض المطلق ، يتمّ التجلّي بالأُلوهية، ومقام اللّه الذي هو مقام أحديّة جمع ظهور الأسماء، وتظهر «إعرِفُوا اللّهَ ـ بِاللّهِ ـ » في مرتبتها الأوّليّة النّازلة .
ولدى وصول العارف إلى هذا المقام والمنزلة، يفنى في هذا التجلّي، فإذا وسعته العناية الأزليّة، لحصل للعارف الفاني في هذا التجلّي، استيناس، ولزالت عنه وحشة الطريق ونصب السفر، واستفاق، فلم يقتنع بهذا المقام، ويستمرّ بخطوات ملؤها الشوق والعشق، ويكون الحقّ المتعالي في سفر العشق هذا مبدأ السفر والباعث على السفر ونهاية السفر، وتتمّ خطواته في أنوار التجلّي، فيسمع هاتفا يقول له «تَقَدَّم» ويستمرّ في التقدّم إلى أن تتجلّى في قلبه بصورة مرتّبة ومنظّمة، الأسماء والصفات في مقام الواحديّة، حتى يبلغ مقام الأحديّة، ومقام الاسم الأعظم الذي هو اسم اللّه ، فيتحقق في هذا المقام «اِعرِفُوا اللّهَ بِاللّهِ» في مرتبة عالية . ويوجد أيضا بعد هذا المقام، مقام آخر لا مجال لذكره فعلاً». ۱

1.الأربعون حديثا: ص ۶۹۵ .


موسوعة العقائد الإسلاميّة ج3
36

وجاء هذا التفسير أَيضا في عدد من الأَحاديث كقول أَمير المؤمنين عليه السلام في جواب من سأَله: كيف عرّفك نفسه؟
«لا يَشبَهُهُ صورَةٌ ، ولا يُحَسُّ بالحَواسِّ ولا يُقاسُ بِالنّاسِ»۱.

3 . معرفة اللّه عن طريق الشهود القلبيّ

إِنّ أتمّ تفسير لمعرفة اللّه باللّه هو معرفته بواسطة الشهود القلبيّ إِذ أنّ «استطالة الشيء بنفسه تُغني عن وصفه» ، أو كما جاء في الأدب الفارسيّ ۲ ما تعريبه: «بزوغ الشَّمس دليل على الشَّمس» .
وأشار عدد من الأحاديث إِلى هذا التفسير ۳ كالذي ورد في صُحُف إِدريس عليه السلام :
«بِالحَقِّ عُرِفَ الحَقُّ ، وبِالنّورِ أُهتُدِيَ إِلَى النّورِ وبِالشَّمسِ أُبصِرَتِ الشَّمسُ» .۴
وقال صدر الدِّين الشيرازيّ قدس سره في شرح أُصول الكافي حول معرفة اللّه باللّه :
«إِنّ معرفة اللّه باللّه له وجهان أحدهما : إِدراك ذاته بطريق المشاهدة وصريح العرفان . والثاني : بطريق التنزيه والتقديس...» ۵ .
وقال الإمام الخميني رحمه الله في شرح : «اِعرِفُوا اللّهَ بِاللّهِ ، وَالرَّسولَ بِالرِّسالَةِ ، وأُولِي الأَمرِ بِالأَمرِ بِالمَعروفِ وَالعَدلِ وَالإِحسانِ» :
«فبعد أن يغادر السالك إلى اللّه ـ بخطوات ترويض النفس والتقوى الكاملة ـ بيت النفس ، ولم يصطحب معه في هذا الخروج العُلقة الدنيوية، والتعيّنات،

1.راجع : ص ۳۱۵ ح ۳۷۸۳ .

2.آفتاب آمد دليل آفتاب .

3.راجع: ص ۷۲ «القلب» .

4.راجع : ص ۳۱ ح ۳۳۶۷ .

5.شرح اُصول الكافي : ج ۳ ص ۶۱ .

  • نام منبع :
    موسوعة العقائد الإسلاميّة ج3
    المساعدون :
    برنجکار، رضا
    المجلدات :
    6
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق / 1387 ش
    الطبعة :
    الثالث
عدد المشاهدين : 107402
الصفحه من 488
طباعه  ارسل الي