35
موسوعة العقائد الإسلاميّة ج3

1 . معرفة اللّه عن طريق الآثار

يعرّف اللّه الخالق الحكيم القدير الإنسان بنفسه من خلال إِراءَتِه آثار علمه وقدرته وحكمته في نظام الوجود ، ويشير عدد من الأحاديث إِلى هذا التفسير .
«إِنَّما عَرَّفَ اللّهُ ـ جَلَّ و عَزَّ ـ نَفسَهُ إِلى خَلقِهِ بِالكَلامِ وَالدَّلالاتِ عَلَيهِ وَالأَعلامِ»۱.

2 . معرفة اللّه عن طريق التنزيه والتقديس

تنزيه الخالق سبحانه وتقديسه عن مشابهة المخلوقات هو التفسير الثاني لمعرفة اللّه باللّه . قال المحدّث الأقدم الشيخ الكلينيّ قدس سره في تبيان هذا التفسير :
«إنّ اللّه خلق الأَشخاص والأَنوار والجواهر والأَعيان ؛ فالأَعيان : الأَبدان ، والجواهر : الأرواح ، وهو ـ جلّ وعزّ ـ لا يشبه جسما ولا روحا ، وليس لأَحد في خلق الروح الحسّاس الدرّاك أَمر ولا سبب ، هو المتفرّد بخلق الأَرواح والأَجسام ، فإذا نفى عنه الشبهين : شبه الأَبدان وشبه الأَرواح ، فقد عرف اللّه باللّه ، وإذا شبّهه بالروح أو البدن أو النور فلم يعرف اللّه باللّه » ۲ .
وقال صدر الدِّين الشيرازيّ قدس سره في معرفة اللّه باللّه عن طريق التنزيه والتقديس :
«وهو أن يستدلّ أَوّلاً بوجود الأَشياء على وجود ذاته ، ثمّ يعرف ذاته بنفي المثل والشبه عنه . . . فإذا نفى عنه ما عداه وسلب عنه شبه ما سواه سواء كانت أبدانا أو أرواحا ، فعرف أنّه منزّه عن أن يوصف بشيء غير ذاته . . . فمن عرف اللّه بأنّه لا يشبه شيئا من الأَشياء ولا يشبهه شيء ، فقد عرف اللّه باللّه لا بغيره» ۳ .

1.راجع : ص۲۶ ح ۳۳۵۰ .

2.الكافي : ج ۱ ص ۸۵ ح ۱ .

3.شرح اُصول الكافي : ج ۳ ص ۶۱ .


موسوعة العقائد الإسلاميّة ج3
34

والأَدوات والإمكانيّات الداخليّة والخارجيّة لمعرفته بكلّ طريق متيسّر ، من هنا قال شيخ المحدّثين في تفسير كلام أَمير المؤمنين عليّ عليه السلام إِذ قال: «اعرفوا اللّهَ باللّهِ» :
«عَرَفنَا اللّهَ بِاللّهِ لأَِنّا إن عَرَفناهُ بعُقولِنا فَهُوَ عز و جل واهِبُها؛ وإن عَرَفناهُ عز و جل بِأَنبِيائِهِ ورُسُلِهِ وحُجَجِهِ عليهم السلام فَهُوَ عز و جلباعِثُهُم ومُرسِلُهُم ومُتَّخِذُهُم حُجَجا؛ وإن عَرَفناهُ بِأَنفُسِنا فَهُوَ عز و جلمُحدِثُها ، فَبِهِ عَرَفناهُ»۱.
إِنّ ما أَودع اللّه في داخل وجود الإنسان لمعرفته ، هو فطرة معرفته ، والعقل والقلب ، تلك الأُمور التي سيأتي تفصيلها في الفصل الثالث تحت عنوان «مبادئ معرفة اللّه » ، وما جعل في خارج وجوده ، هو الوحي والأنبياء .
ومهمّة الأَنبياء عليهم السلام ، كما قال الإمام عليّ عليه السلام هي هداية الفطرة والعقل ، وإِزالة الموانع والحجب التي تحول دون معرفة اللّه من بصائرهم:
«فَبَعَثَ فيهِم رُسُلَهُ ، وواتَرَ إِلَيهِم أَنبِياءَهُ ، لِيَستَأدوهُم ميثاقَ فِطرَتِهِ ، ويُذَكِّروهُم مَنسِيَّ نِعمَتِهِ ، ويَحتَجّوا عَلَيهِم بِالتَّبليغِ ، ويُثيروا لَهُم دَفائِنَ العُقولِ ، ويُروهُم آياتِ المَقدِرَةِ ...»۲
في ضوء ذلك ، وكما ورد في عدّة أَحاديث ۳ ، المعرفة من صنع اللّه ، فهو الذي علّم الإنسان أدوات معرفته ، وهيّأ له سبيل كسبها . و يستطيع الإنسان أن يشاهد مظاهر جماله سبحانه ببصيرته جليّةً ، مستظهرا بهداية الأنبياء وإِزالة موانع المعرفة .
وانطلاقا من هذا التحليل يمكننا أن نقدّم ثلاثة تفاسير واضحة لمعرفة اللّه باللّه وفقا لمراتب معرفة اللّه :

1.التوحيد : ص ۲۹۰ ذيل ح ۱۰ ، بحار الأنوار : ج ۳ ص ۲۷۳ .

2.نهج البلاغة : الخطبة ۱ ، بحار الأنوار : ج ۱۱ ص ۶۰ ح ۷۰ .

3.راجع : ص۲۱ «اللّه عز و جل» .

  • نام منبع :
    موسوعة العقائد الإسلاميّة ج3
    المساعدون :
    برنجکار، رضا
    المجلدات :
    6
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق / 1387 ش
    الطبعة :
    الثالث
عدد المشاهدين : 103927
الصفحه من 488
طباعه  ارسل الي