موسوعة العقائد الإسلاميّة ج3 صفحه 9

المدخل

الحمد للّه الأوّل بلا أوّل كان قبله ، والآخر بلا آخر يكون بعده ، الذي قصر عن رؤيته أبصار الناظرين ، و عجزت عن نعته أوهام الواصفين .
والحمد للّه على ما عرّفنا من نفسه ، وألهمنا من شكره ، وفتح لنا من أبواب العلم بربوبيّته ، ودلّنا عليه من الإخلاص له في توحيده ، وجنّبنا من الإلحاد والشكّ في أمره . حمدا يرتفع منّا إِلى أعلى علّيّين ، في كتابٍ مرقوم ، يشهده المقرّبون .
والصلاة على عبده المصطفى محمّد خاتم النبيّين وآله الطيّبين الطاهرين الذين أذهب اللّه عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا ، وعلى أصحابه الذين أحسنوا الصحبة ، واستجابوا له ، وأسرعوا إِلى وفادته ، وسابقوا إِلى دعوته .
إِنّ معرفة اللّه سبحانه من أهمّ القضايا التي شغلت ذهن الإنسان على مرّ التاريخ ، وصُنِّفت فيها كتب كثيرة ، لكن هل يتسنّى لنا أن نسأل عن أفضل كتابٍ يُعرِّف الناسَ بخالقهم؟

الكتاب الأفضل في معرفة اللّه

لا ريب في أنّ أفضل كتابٍ في معرفة اللّه تعالى هو الكتاب الذي دوّنه أفضلُ عارفٍ باللّه ، وهو اللّه ـ جلّ وعلا ـ نفسه ، وليس لأحدٍ أن يعرف ذاته كذاته المقدّسة عينها ،

موسوعة العقائد الإسلاميّة ج3 صفحه 10

ثُمّ لم يعرفه من مخلوقاته أحد كأنبيائه وأوصيائهم ، ومن هنا قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله للإمام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام : «يا عَلِيُّ ، ما عَرفَ اللّهَ حَقَّ مَعرِفَتِهِ غيري وغَيرَكَ». ۱
على هذا الأساس يُعدُّ القرآن الكريم وكلام أهل البيت أفضل وسيلةٍ لمعرفة اللّه ـ جلّ شأنه ـ وتعريفه ، وأفضل كتاب في معرفة اللّه هو الكتاب المستنير بتعاليم القرآن و السُنّة ، المسترشد بهما ، و أنّ إِهمال هذه التعاليم ، والاستناد على الفكر الوضعيّ الناقص لا يُبعدان الباحثَ عن الطريق الذي يؤدّي به إِلى المقصد فحسب ، بل يجعلانه عرضةً لخطر الضلال أيضا .

دراسة الأبحاث في معرفة اللّه

إِنّ الدِّراسة الدقيقة للأبحاث التي توفّرت على معرفة اللّه لحدّ الآن من جهةٍ ، والتأمّل في تعاليم الكتاب والسنّة في هذا الشأن من جهة أُخرى ، تدلّ على مدى قصور المسلمين أو تقصيرهم ـ ولا سيما الباحثين منهم ـ في هذا المجال .
إِنّ هذه الدراسة تُرشد إِلى أنّ اللّه تعالى نفسه هو أفضل من أرشد الناس إِلى أدلّة معرفته بواسطة رُسُله ، وأعمقُ من كان ، وأبسطُ من هدى إِلى ذلك وأنفعُ في الوقت ذاته ، بَيْدَ أنّ ما قاله فيما يتعلّق بالتأمّل والتحقيق في هذه الأدلّة لم يَنَلْ نصيبه من البحث .
وتُشعر هذه الدراسة أنّه على الرغم ممّا بذله الباحثون المسلمون من وقتٍ كثير محقّقين في هذا الموضوع ، ومع وجود الكتب الجمّة في هذا المجال ، لكنّ أدلّة اللّه سبحانه على وجوده ما زالت بحاجةٍ إِلى البحث والتحقيق كما هي حقّها .
وتهدي هذه الدراسة إِلى أنّ الآيات التي تتحدّث عن معرفة اللّه ـ أي: الإنسان ،

1.المناقب لابن شهر آشوب : ج ۳ ص ۲۶۷ .