الغِيبة - الصفحه 13

العاشر : إذا سمع أحدٌ مغتاباً لآخر وهو لايعلم استحقاقَ المقول عنه للغيبة ولاعدمه ، قيل : لايجب نهي القائل ، لإمكان استحقاق المقول عنه ، فيحمل فعل القائل علَى الصحّة مالم يعلم فساده ؛ لأنَّ ردعه يستلزم انتهاك حرمته ، وهو أحد المُحرَّمَين ، والأولى‏ التنبيه على‏ ذلك إلى‏ أن يتحقَّق المخرج عنه ؛ لعموم الأدلَّة وترك الاستفصال فيها ، وهو دليل إرادة العموم حذراً من الإغراء بالجهل ، ولأنّ ذلك لو تمَّ لتمشّى‏ فيمن يعلم عدم استحقاق المقول عنه بالنسبة إلَى السامع ، لاحتمال اطِّلاع القائل على‏ ما يوجب تسويغ مقاله ، وهو هدم قاعدة النهي عن الغيبة ، وهذا الفرد يستثنى‏ من جهة سماع الغيبة وقد تقدَّم أنّه إحدَى الغِيبتَين .
وبالجملة : فالتحرُّز عنها من دون وجه راجح في فعلها فضلاً عن الإباحة أولى‏ ، لتتَّسم النفس بالأخلاق الفاضلة، ويؤيِّدُه إطلاق النهي فيما تقدَّم لقولِهِ صلى اللَّه عليه وآله : «أتَدرُونَ ما الغِيبةُ ؟ قالوا : اللَّهُ ورسولُهُ أعلمُ ، قالَ : ذِكرُكَ أخاكَ بما يَكرَهُ» . وأمّا مع رُجحانها كردِّ المُبتَدِعة ، وزَجرِ الفَسَقة ، والتَّنفير عنهم ، والتحذير من اتِّباعهم ، فذلك يوصف بالوجوب مع إمكانه فضلاً من غيره ، والمُعتمَد في ذلك كلِّه علَى المقاصد ، فلا يغفل المتيقِّظ عن ملاحظة مقصده وإصلاحه ، واللَّه الموفِّق. انتهى‏ ملخَّص كلامه نوَّر اللَّه ضريحه.۱
وقال الشهيد رفع اللَّه درجته في قواعده : الغيبة محرَّمة بنصِّ الكتاب العزيز والأخبار ، وهي قسمان : ظاهر وهو معلوم و خفيٌّ وهو كثير ، كما فِي التعريض مثل : أنا لا أحضر مجلس الحكّام ، أنا لا آكل أموال الأيتام أو فلان ، ويشير بذلك إلى‏ من يفعل ذلك ، أو الحمد للَّه الذي نزَّهنا عن كذا يأتي به في معرض الشُّكر . ومن الخفيِّ الإيماء والإشارة إلى‏ نقص فِي الغير وإن كان حاضراً ، ومنه لو فعل كذا كان خيراً ، ولولم يفعل كذا لكان حسناً ، ومنه التنقّص بمستحقِّ الغيبة لينبِّه به

1.بحار الأنوار : ۷۵/۲۳۱ - ۲۳۴ .

الصفحه من 20