الغِيبة - الصفحه 12

جِلبابَ الحَياءِ عن‏وَجهِهِ فلا غِيبةَ لَهُ» . وظاهر الخبر جواز غيبته وإن استنكف عن ذكر ذلك الذنب . وفي جواز اغتياب مطلق الفاسق احتمال ناشٍ من قوله صلى اللَّه عليه وآله : «لا غِيبَة لفاسِقٍ» ورُدَّ بمنع أصل الحديث ، أو بحمله على‏ فاسق خاصٍّ ، أو بحمله علَى النَّهي وإن كان بصورة الخبر ، وهذا هو الأجود إلّا أن يتعلَّق بذلك غرض دينيٌّ ومقصد صحيح يعود علَى المغتاب بأن يرجو ارتداعه عن معصيته بذلك ، فيلحق بباب النهي عن المنكر .
السابع : أن يكون الإنسان معروفاً باسم يُعرِب عن غِيبته كالأعرج والأعمش فلا إثم على من يقول ذلك ، كأن يقول : روى أبو الزناد الأعرج وسليمان الأعمش ومايجري مجراه ، فقد نقل العلماء ذلك لضرورة التعريف ، ولأ نّه صار بحيث لايكرهه صاحبه لو علمه بعد أن صار مشهوراً به . والحقُّ أنَّ ما ذكره العلماء المعتمدون من ذلك يجوز التعويل فيه على‏ حكايتهم ، وأمّا ما ذكره عن الأحياء فمشروط بعلم رضا المنسوب إليه لعموم النهي ، وحينئذٍ يخرج عن كونه غِيبة ، وكيف كان فلو وجد عنه معدلاً وأمكنه التعريف بعبارة اُخرى‏ فهو أولى‏ ، ولذلك يقال للأعمى‏ : «البصير» عُدولا عن اسم النَّقص .
الثامن : لو اطَّلع العدد الذين يثبت بهم الحدُّ أو التعزير على‏ فاحشة جاز ذكرها عند الحكّام بصورة الشهادة في حضرة الفاعل وغيبته ، ولا يجوز التعرُّض لها في غير ذلك إلّا أن يتَّجه فيه أحد الوجوه الاُخرى‏ .
التاسع : قيل : إذا عَلم اثنان من رجل معصية شاهداها فأجرى‏ أحدهما ذِكرها في غيبة ذلك العاصي جاز ؛ لأ نّه لايؤثِّر عند السامع شيئاً ، وإن كان الأولى تنزيه النفس واللسان عن ذلك لغير غرض من الأغراض المذكورة ، خصوصاً مع احتمال نسيان المَقول له لذلك المعصية ، أو خوف اشتهارها عنهما .

الصفحه من 20