الغِيبة - الصفحه 14

على‏ عيوب آخر غير مستحقٍّ للغيبة ، أمّا ما يخطر فِي النفس من نقائص الغير فلايعدُّ غيبة ؛ لأنَّ اللَّه تعالى‏ عفا عن حديث النفس ، ومن الأخفى‏ أن يذمَّ نفسه بطرائق غير محمودة فيه أو ليس متَّصفاً بها لينبِّه على‏ عورات غيره ، وقد جوِّزت صورة الغيبة في مواضع سبعة :
الأوّل : أن يكون المَقول فيه مستحقّاً لذلك ، لتظاهره بسببه ، كالكافر و الفاسق المتظاهر ، فيذكره بما هو فيه لابغيره ، ومنع بعض الناس من ذكر الفاسق وأوجب التعزير بقذفه بذلك الفسق ، وقد روى الأصحاب تجويز ذلك ، قال العامّة : حديث «لا غيبة لفاسق» أو «في فاسق» لا أصل له ، قلت : ولو صحَّ أمكن حمله علَى النهي أي خبر يراد به النهي ، أمّا من يتفكَّه بالفسق ويتبجَّح به في شعره أو كلامه فيجوز حكاية كلامه .
الثاني : شكاية المتظلِّم بصورة ظلمه .
الثالث : النصيحة للمستشير .
الرابع : الجرح والتعديل للشاهد و الرّاوي .
الخامس : ذكر المُبتَدِعة وتصانيفهم الفاسدة وآرائهم المُضلَّة ، وليقتصر على‏ ذلك القدر ، قال العامَّة : من مات منهم ولا شيعة له تُعظِّمه ولا خلَّف كتباً تُقرأ ولا ما يخشى‏ إفساده لغيره ، فالأولى أن يُستَر بستر اللَّه عَزَّوجلَّ ، ولايُذكر له عيب البتَّة ، وحسابه علَى اللَّه عَزَّوجلَّ ، و قال عليٌّ عليه السلام : «اُذكُرُوا مَحاسِنَ مَوتاكُم» ، وفي خبرٍ آخَرَ : «لاتَقُولُوا في مَوتاكُم إلّا خَيراً» .
السادس : لو اطَّلع العَددُ الذين يَثبُت بهم الحدُّ أو التعزير على‏ فاحشة جاز ذِكرُها عند الحكّام بصورة الشهادة في حضرة الفاعل وغيبته .
السابع : قيل : إذا علم اثنان من رجل معصية شاهداها ، فأجرى‏ أحدهما ذكرَها في غيبة ذلك العاصي جاز ؛ لأ نّه لايؤثِّر عند السامع شيئاً ، والأولى‏ التنزُّه عن هذا ؛ لأ نّه ذكر له

الصفحه من 20