799
الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام

الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام
798

۸۶۰.مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي عن عبد اللَّه بن الحسن : خَرَجَ الحُسَينُ عليه السلام مِن أصحابِهِ حَتّى‏ أتَى النّاسَ ، فَاستَنصَتَهُم ، فَأَبَوا أن يُنصِتوا .
فَقالَ لَهُم : وَيلَكُم ! ما عَلَيكُم أن تُنصِتوا إلَيَّ ، فَتَسمَعوا قَولي ، وإنَّما أدعوكُم إلى‏ سَبيلِ الرَّشادِ ، فَمَن أطاعَني كانَ مِنَ المُرشَدينَ ، ومَن عَصاني كانَ مِنَ المُهلَكينَ ، وكُلُّكُم عاصٍ لِأَمري ، غَيرُ مُستَمِعٍ لِقَولي ، قَدِ انخَزَلَت عَطِيّاتُكُم مِنَ الحَرامِ ، ومُلِئَت بُطونُكُم مِنَ الحَرامِ ، فَطَبَعَ اللَّهُ عَلى‏ قُلوبِكُم ، وَيلَكُم ألا تُنصِتونَ ؟ ألا تَسمَعونَ ؟
فَلاوَمَ أصحابُ عُمَرَ بنِ سَعدٍ ، وقالوا : أنصِتوا لَهُ .
فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام : تَبّاً لَكُم أيَّتُهَا الجَماعَةُ وتَرَحاً ! أفَحينَ استَصرَختُمونا وَلِهينَ مُتَحَيِّرينَ ، فَأَصرَخناكُم مُؤَدّينَ مُستَعِدّينَ ، سَلَلتُم عَلَينا سَيفاً في رِقابِنا ، وحَشَشتُم عَلَينا نارَ الفِتَنِ الَّتي جَناها عَدُوُّكُم وعَدُوُّنا ، فَأَصبَحتُم إلباً عَلى‏ أولِيائِكُم ، ويَداً عَلَيهِم لِأَعدائِكُم ، بِغَيرِ عَدلٍ أفشَوهُ فيكُم ، ولا أمَلٍ أصبَحَ لَكُم فيهِم ، إلَّا الحَرامَ مِنَ الدُّنيا أنالوكُم ، وخَسيسَ عَيشٍ طَمِعتُم فيهِ ، مِن غَيرِ حَدَثٍ كانَ مِنّا ، ولا رَأيٍ تَفَيَّلَ لَنا .
فَهَلّا - لَكُمُ الوَيلاتُ - إذ كَرِهتُمونا تَرَكتُمونا ، فَتَجَهَّزتُموها وَالسَّيفُ لَم يُشهَر ، وَالجَأشُ طامِنٌ ، وَالرَّأيُ لَم يَستَحصِف ، ولكِن أسرَعتُم عَلَينا كَطَيرَةِ الدَّبا ، وتَداعَيتُم إلَيها كَتَداعِي الفَراشِ ، فَقُبحاً لَكُم ، فَإِنَّما أنتُم مِن طواغيتِ الاُمَّةِ ، وشُذّاذِ الأَحزابِ ، ونَبَذَةِ الكِتابِ ، ونَفَثَةِ الشَّيطانِ ، وعَصَبَةِ الآثامِ ، ومُحَرِّفِي الكِتابِ ، ومُطفِئِي السُّنَنِ ، وقَتَلَةِ أولادِ الأَنبِياءِ ، ومُبيري عِترَةِ الأَوصِياءِ ، ومُلحِقِي العُهّارِ بِالنَّسَبِ ، ومُؤذِي المُؤمِنينَ ، وصُراخِ أئِمَّةِ المُستَهزِئينَ ، الَّذينَ جَعَلُوا القُرآنَ عِضينَ ، وأنتُمُ ابنَ حَربٍ وأشياعَهُ تَعتَمِدونَ ، وإيّانا تَخذُلونَ ؟!
أجَل وَاللَّهِ ، الخَذلُ فيكُم مَعروفٌ ، وشَجَت عَلَيهِ عُروقُكُم ، وتَوارَثَتهُ اُصولُكُم وفُروعُكُم ، ونَبَتَت عَلَيهِ قُلوبُكُم ، وغُشِيَت بِهِ صُدورُكُم ، فَكُنتُم أخبَثَ شَي‏ءٍ ، سِنخاً ۱ لِلنّاصِبِ ، واُكلَةً لِلغاصِبِ ؛ ألا لَعنَةُ اللَّهِ عَلَى النّاكِثينَ ، الَّذينَ يَنقُضونَ الأَيمانَ بَعدَ تَوكيدِها ، وقَد جَعَلتُمُ اللَّهَ عَلَيكُم كَفيلاً ؛ فَأَنتُم - وَاللَّهِ - هُم .
ألا إنَّ الدَّعِيَّ ابنَ الدَّعِيِّ قَد رَكَزَ بَينَ اثنَتَينِ ، بَينَ القَتلَةِ وَالذِّلَّةِ ، وهَيهاتَ مِنّا أخذُ الدَّنِيَّةِ ، أبَى اللَّهُ ذلِكَ ورَسولُهُ ، وجُدودٌ طابَت ، وحُجورٌ طَهُرَت ، واُنوفٌ حَمِيَّةٌ ، ونُفوسٌ أبِيَّةٌ ، لا تُؤثِرُ طاعَةَ اللِّئامِ عَلى‏ مَصارِعِ الكِرامِ .
ألا إنّي قَد أعذَرتُ وأنذَرتُ ، ألا إنّي زاحِفٌ بِهذِهِ الاُسرَةِ عَلى‏ قِلَّةِ العَتادِ ، وخَذَلَةِ الأَصحابِ . ثُمَّ أنشَدَ :
فَإِن نَهزِم فَهَزّامونَ قِدماًوإن نُهزَم فَغَيرُ مُهَزَّمينا
وما إن طِبُّنا جُبنٌ ولكِن‏مَنايانا ودَولَةُ آخَرينا
أما إنَّهُ لا تَلبَثونَ بَعدَها إلّا كَرَيثِ ما يُركَبُ الفَرَسُ ، حَتّى‏ تَدورَ بِكُم دَورَ الرَّحى‏ ، عَهدٌ عَهِدَهُ إلَيَّ أبي عَن جَدّي (فَأَجْمِعُواْ أَمْرَكُمْ وَ شُرَكَاءَكُمْ)۲(فَكِيدُونِى جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنظِرُونِ إِنِّى تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّى وَ رَبِّكُم مَّا مِن دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ ءَاخِذُ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّى عَلَى‏ صِرَ طٍ مُّسْتَقِيمٍ)۳ .
اللَّهُمَّ احبِس عَنهُم قَطرَ السَّماءِ ، وَابعَث عَلَيهِم سِنينَ كَسِنِي يوسُفَ ، وسَلِّط عَلَيهِم غُلامَ ثَقيفٍ يَسقيهِم ، كَأساً مُصَبَّرَةً ، فَلا يَدَعُ فيهِم أحَداً ، قَتلَةً بِقَتلَةٍ ، وضَربَةً بِضَربَةٍ ، يَنتَقِمُ لي ولِأَولِيائي وأهلِ بَيتي وأشياعي مِنهُم ، فَإِنَّهُم غَرّونا وكَذَّبونا وخَذَلونا ، وأنتَ رَبُّنا ، عَلَيكَ تَوَكَّلنا ، وإلَيكَ أنَبنا ، وإلَيكَ المَصيرُ . ۴

1.السِّنْخ - بالكسر - من كلّ شي‏ء: أصله، والجمع‏أسناخ مثل حمل أحمال(مجمع البحرين: ج‏۲ ص‏۴۳۵ «سنخ»).

2.يونس : ۷۱ .

3.هود : ۵۵ و ۵۶ .

4.مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : ج ۲ ص ۶ ؛ بحار الأنوار : ج ۴۵ ص ۸ .

  • نام منبع :
    الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام
عدد المشاهدين : 287130
الصفحه من 850
طباعه  ارسل الي