785
الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام

الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام
784

2 / 2

دُعاءُ الإِمامِ صَباحَ عاشوراءَ ۱

۸۴۹.الإرشاد عن عليّ بن الحسين زين العابدين عليه السلام : لَمّا صَبَّحَتِ الخَيلُ الحُسَينَ عليه السلام ، رَفَعَ يَدَيهِ وقالَ : اللَّهُمَّ أنتَ ثِقَتي في كُلِّ كَربٍ ، ورَجائي في كُلِّ شِدَّةٍ ، وأنتَ لي في كُلِّ أمرٍ نَزَلَ بي ثِقَةٌ وعُدَّةٌ ، كَم مِن هَمٍّ يَضعُفُ فيهِ الفُؤادُ ، وتَقِلُّ فيهِ الحيلَةُ ، ويَخذُلُ فيهِ الصَّديقُ ، ويَشمَتُ فيهِ العَدُوُّ ، أنزَلتُهُ بِكَ وشَكَوتُهُ إلَيكَ رَغبَةً مِنّي إلَيكَ عَمَّن سِواكَ ، فَفَرَّجتَهُ وكَشَفتَهُ ، وأنتَ وَلِيُّ كُلِّ نِعمَةٍ ، وصاحِبُ كُلِّ حَسَنَةٍ ، ومُنتَهى‏ كُلِّ رَغبَةٍ . ۲

2 / 3

كَلِمَةُ زُهَيرِ بنِ القَينِ لِجَيشِ الكوفَةِ

۸۵۰.تاريخ الطبري عن كثير بن عبد اللَّه الشعبي : لَمّا زَحَفنا قِبَلَ الحُسَينِ ، خَرَجَ إلَينا زُهَيرُ بنُ القَينِ عَلى‏ فَرَسٍ لَهُ ذَنوبٍ . ۳ شاكٍ فِي السِّلاحِ ، فَقالَ : يا أهلَ الكوفَةِ ، نَذارِ لَكُم مِن عَذابِ اللَّهِ نَذارِ ! إنَّ حَقّاً عَلَى المُسلِمِ نَصيحَةُ أخيهِ المُسلِمِ ، ونَحنُ حَتَّى الآنَ إخوَةٌ ، وعَلى‏ دينٍ واحِدٍ ومِلَّةٍ واحِدَةٍ ، ما لَم يَقَع بَينَنا وبَينَكُمُ السَّيفُ ، وأنتُم لِلنَّصيحَةِ مِنّا أهلٌ ، فَإِذا وَقَعَ السَّيفُ انقَطَعَتِ العِصمَةُ ، وكُنّا اُمَّةً وأنتُم اُمَّةً ، إنَّ اللَّهَ قَدِ ابتَلانا وإيّاكُم بِذُرِّيَّةِ نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صلى اللَّه عليه وآله ، لِيَنظُرَ ما نَحنُ وأنتُم عامِلونَ ، إنّا نَدعوكُم إلى‏ نَصرِهِم وخِذلانِ الطّاغِيَةِ عُبَيدِ اللَّهِ بنِ زِيادٍ ؛ فَإِنَّكُم لا تُدرِكونَ مِنهُما إلّا بِسوءِ عُمُرِ سُلطانِهِما كُلِّهِ ، لَيَسمُلانِّ أعيُنَكُم ، ويَقطَعانِّ أيدِيَكُم وأرجُلَكُم ، ويُمَثِّلانِّ بِكُم ، ويَرفَعانِّكُم عَلى‏ جُذوعِ النَّخلِ ، ويُقَتِّلانِّ أماثِلَكُم وقُرّاءَكُم ، أمثالَ حُجرِ بنِ عَدِيٍّ وأصحابِهِ ، وهانِئِ بنِ عُروَةَ وأشباهِهِ .
قالَ : فَسَبّوهُ وأثنَوا عَلى‏ عُبَيدِ اللَّهِ بنِ زِيادٍ ، ودَعَوا لَهُ ، وقالوا : وَاللَّهِ ، لا نَبرَحُ حَتّى‏ نَقتُلَ صاحِبَكَ ومَن مَعَهُ ، أو نَبعَثَ بِهِ وبِأَصحابِهِ إلَى الأَميرِ عُبَيدِ اللَّهِ سِلماً .
فَقالَ لَهُم : عِبادَ اللَّهِ! إنَّ وَلَدَ فاطِمَةَ رِضوانُ اللَّهِ عَلَيها أحَقُّ بِالوُدِّ وَالنَّصرِ مِنِ ابنِ سُمَيَّةَ ، فَإِن لَم تَنصُروهُم فَاُعيذُكُم بِاللَّهِ أن تَقتُلوهُم ، فَخَلّوا بَينَ الرَّجُلِ وبَينَ ابنِ عَمِّهِ يَزيدَ بنِ مُعاوِيَةَ ، فَلَعَمري إنَّ يَزيدَ لَيَرضى‏ مِن طاعَتِكُم بِدونِ قَتلِ الحُسَينِ عليه السلام .
قالَ : فَرَماهُ شِمرُ بنُ ذِي الجَوشَنِ بِسَهمٍ ، وقالَ : اُسكُت ، أسكَتَ اللَّهُ نَأمَتَكَ ۴ ، أبرَمتَنا ۵ بِكَثرَةِ كَلامِكَ !
فَقالَ لَهُ زُهَيرٌ : يَابنَ البَوّالِ عَلى‏ عَقِبَيهِ ، ما إيّاكَ اُخاطِبُ ، إنَّما أنتَ بَهيمَةٌ ، وَاللَّهِ ما أظُنُّكَ تُحكِمُ مِن كِتابِ اللَّهِ آيَتَينِ ! فَأَبشِر بِالخِزيِ يَومَ القِيامَةِ وَالعَذابِ الأَليمِ .
فَقالَ لَهُ شِمرٌ : إنَّ اللَّهَ قاتِلُكَ وصاحِبَكَ عَن ساعَةٍ .
قالَ : أفَبِالمَوتِ تُخَوِّفُني ؟ فَوَاللَّهِ ، لَلمَوتُ مَعَهُ أحَبُّ إلَيَّ مِنَ الخُلدِ مَعَكُم .
قالَ : ثُمَّ أقبَلَ عَلَى النّاسِ رافِعاً صَوتَهُ ، فَقالَ : عِبادَ اللَّهِ ! لا يَغُرَّنَّكُم مِن دينِكُم هذَا الجِلفُ ۶ الجافي ۷ وأشباهُهُ ! فَوَاللَّهِ ، لا تَنالُ شَفاعَةُ مُحَمَّدٍ صلى اللَّه عليه وآله قَوماً هَراقوا ۸ دِماءَ ذُرِّيَّتِهِ وأهلِ بَيتِهِ ، وقَتَلوا مَن نَصَرَهُم وذَبَّ عَن حَريمِهِم.
قالَ : فَناداهُ رَجُلٌ ، فَقالَ لَهُ : إنَّ أبا عَبدِ اللَّهِ عليه السلام يَقولُ لَكَ : أقبِل ، فَلَعَمري لَئِن كانَ مُؤمِنُ آلِ فِرعَونَ نَصَحَ لِقَومِهِ وأبلَغَ فِي الدُّعاءِ ، لَقَد نَصَحتَ لِهؤُلاءِ وأبلَغتَ لَو نَفَعَ النُّصحُ وَالإِبلاغُ . ۹

1.من الأقوال المتداولة: «كُلُّ يَومٍ عاشوراءُ وَ كُلُّ أَرضٍ كَربَلاءُ» وقد يضاف إليه عبارة «وَكُلُّ شَهرٍ مُحَرَّمٌ»، ونلاحظ أنّه يُنسب أحياناً إلى أهل البيت عليهم السلام ، في حين إنّنا لا نرى‏ مثل هذه العبارات في مصادر الحديث، نعم جاء مضمونها في أشعار محمّد بن سعيد البوصيري (القرن السابع الهجري) في رثاء الإمام الحسين عليه السلام وأصحابه، إذ يقول: كلُّ يومٍ وكلُّ أرضٍ لِكَربي‏فيهِمُ كربلاءُ و عاشورا . (أعيان الشيعة : ج ۱ ص ۶۲۵ ، الدر النضيد : ص ۱۸) . ومن المحتمل أن يكون هذا البيت مصدر تلك العبارة المشهورة .

2.الإرشاد : ج ۲ ص ۹۶ ، بحار الأنوار : ج ۴۵ ص ۴ ؛ تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۴۲۳ ، تاريخ دمشق : ج ۱۴ ص ۲۱۷ وفيه «كلّ غاية» بدل «كلّ رغبة» وكلاهما عن أبي خالد الكابلي ، الكامل في التاريخ : ج ۲ ص ۵۶۱ وفيه «واقتتل أصحابه بين يديه» بدل «لمّا صبّحت الخيل الحسين» وكلّها من دون إسنادٍ إلى أحدٍ من أهل البيت عليهم السلام وراجع : الطبقات الكبرى (الطبقة الخامسة من الصحابة) : ج ۱ ص ۴۶۸ .

3.الذَّنُوبُ : أي وافر شعر الذَنَب (النهاية : ج ۲ ص ۱۷۰ «ذنب») .

4.النَّأمة : الصوت (الصحاح : ج ۵ ص ۲۰۳۸ «نأم») .

5.بَرِمَ به - بالكسر - يبرَمُ بَرَماً - بالتحريك - : إذا سئمه وملّه (النهاية : ج ۱ ص ۱۲۱ «برم») .

6.الجِلْفُ : الأحمق (النهاية : ج ۱ ص ۲۸۷ «جلف») .

7.الجافي : الغليظ الخِلقَة والطبع (لسان العرب : ج ۱۴ ص ۱۴۸ «جفا») .

8.هَراقَ الماء يهريقه : صَبّه ، وأصله : أراقه يُريقه (القاموس المحيط : ج ۳ ص ۲۹۰ «هراق») .

9.تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۴۲۶ ، الكامل في التاريخ : ج ۲ ص ۵۶۲ ، البداية والنهاية : ج ۸ ص ۱۸۰ كلاهما نحوه وراجع : أنساب الأشراف : ج ۳ ص ۳۹۷ .

  • نام منبع :
    الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام
عدد المشاهدين : 287165
الصفحه من 850
طباعه  ارسل الي