333
الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام

الفصل الثاني : من المدينة إلى مكّة

2 / 1

رُؤيَا النَّبِيِّ صلى اللَّه عليه وآله فِي المَنامِ عِندَ وَداعِ قَبرِهِ‏

۲۰۲.الأمالي للصدوق عن عبد اللَّه بن منصور ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن جدّه [زين العابدين‏] عليهم السلام : لَمّا أقبَلَ اللَّيلُ راحَ [الحُسَينُ عليه السلام ]إلى‏ مَسجِدِ النَّبِيِّ صلى اللَّه عليه وآله لِيُودِّعَ القَبرَ ، فَلَمّا وَصَلَ إلَى القَبرِ سَطَعَ لَهُ نورٌ مِنَ القَبرِ ، فَعادَ إلى‏ مَوضِعِهِ .
فَلَمّا كانَتِ اللَّيلَةُ الثّانِيَةُ راحَ لِيُوَدِّعَ القَبرَ ، فَقامَ يُصَلّي فَأَطالَ ، فَنَعَسَ وهُوَ ساجِدٌ ، فَجاءَهُ النَّبِيُّ صلى اللَّه عليه وآله وهُوَ في مَنامِهِ ، فَأَخَذَ الحُسَينَ عليه السلام وضَمَّهُ إلى‏ صَدرِهِ ، وجَعَلَ يُقَبِّلُ بَينَ عَينَيهِ ، ويَقولُ : بِأَبي أنتَ ، كَأَنّي أراكَ مُرَمَّلاً ۱ بِدَمِكَ بَينَ عِصابَةٍ مِن هذِهِ الاُمَّةِ ، يَرجونَ شَفاعَتي ، ما لَهُم عِندَ اللَّهِ مِن خَلاقٍ ۲ . يا بُنَيَّ ، إنَّكَ قادِمٌ عَلى‏ أبيكَ واُمِّكَ وأخيكَ ، وهُم مُشتاقونَ إِلَيكَ ، وإنَّ لَكَ فِي الجَنَّةِ دَرَجاتٍ لا تَنالُها إلّا بِالشَّهادَةِ . فَانتَبَهَ الحُسَينُ عليه السلام مِن نَومِهِ باكِياً ، فَأَتى‏ أهلَ بَيتِهِ فَأَخبَرَهُم بِالرُّؤيا ووَدَّعَهُم . ۳

۲۰۳.الفتوح : خَرَجَ الحُسَينُ بنُ عَلِيٍّ مِن مَنزِلِهِ ذاتَ لَيلَةٍ وأتى‏ إلى قَبرِ جَدِّهِ صلى اللَّه عليه وآله فَقالَ : السَّلامُ عَلَيكَ يا رَسولَ اللَّهِ ، أنَا الحُسَينُ ابنُ فاطِمَةَ ، أنَا فَرخُكَ وَابنُ فَرخَتِكَ ، وسِبطُكَ فِي الخَلَفِ الَّذي خَلَفتَ عَلى‏ اُمَّتِكَ ، فَاشهَد عَلَيهِم يا نَبِيَّ اللَّهِ أنَّهُم قَد خَذَلوني وضَيَّعوني وأنَّهُم لَم يَحفَظوني ، وهذا شَكوايَ إلَيكَ حَتّى‏ ألقاكَ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيكَ وَسلَّمَ . ثُمَّ وَثَبَ قائِماً وصَفَّ قَدَمَيهِ ولَم يَزَل راكِعاً وساجِداً .
قالَ : وأرسَلَ الوَليدُ بنُ عُتبَةَ إلى‏ مَنزِلِ الحُسَينِ عليه السلام لِيَنظُرَ هَل خَرَجَ مِنَ المَدينَةِ أم لا ؟ فَلَم يُصِبهُ في مَنزِلِهِ ، فَقالَ : الحَمدُ للَّهِ‏ِ الَّذي لَم يُطالِبنِي اللَّهُ عزّ وجلّ بِدَمِهِ . وظَنَّ أنَّهُ خَرَجَ مِنَ المَدينَةِ .
قالَ : ورَجَعَ الحُسَينُ عليه السلام إلى‏ مَنزِلِهِ مَعَ الصُّبحِ . فَلمَّا كانَتِ اللَّيلَةُ الثّانِيَةُ خَرَجَ إلَى القَبرِ أيضاً فَصَلّى‏ رَكعَتَينِ ، فَلَمّا فَرَغَ مِن صَلاتِهِ جَعَلَ يَقولُ : اللَّهُمَّ إنَّ هذا قَبرُ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ وأنَا ابنُ بِنتِ مُحَمَّدٍ ، وقَد حَضَرَني مِنَ الأَمرِ ما قَد عَلِمتَ ، اللَّهُمَّ وإنّي اُحِبُّ المَعروفَ وأكرَهُ المُنكَرَ ، وأنَا أسأَ لُكَ يا ذا الجَلالِ وَالإِكرامِ بِحقِّ هذَا القَبرِ ومَن فيهِ مَا اختَرتَ مِن أمري هذا ما هُوَ لَكَ رِضىً .
قالَ : ثُمَّ جَعَلَ الحُسينُ عليه السلام يَبكي ، حَتّى‏ إذا كانَ في بَياضِ الصُّبحِ وَضَعَ رَأسَهُ عَلَى القَبرِ فَأَغفى‏ ساعَةً ، فَرَأَى النَّبِيَّ صلى اللَّه عليه وآله قَد أقبَلَ في كَبكَبَةٍ ۴ مِنَ المَلائِكَةِ عَن يَمينِهِ وعَن شِمالِهِ ومِن بَينِ يَدَيهِ ومِن خَلفِهِ ، حَتّى‏ ضَمَّ الحُسَينَ عليه السلام إلى‏ صَدرِهِ وقَبَّلَ بَينَ عَينَيهِ ، وقالَ : يا بُنَيَّ يا حُسَينُ ، كَأَنَّكَ عَن قَريبٍ أراكَ مَقتولاً مَذبوحاً بِأَرضِ كَربٍ وبَلاءٍ ، مِن عِصابَةٍ مِن اُمَّتي ، وأنتَ في ذلِكَ عَطشانُ لا تُسقى‏ وظَمآنُ لا تُروى‏ ، وهُمَ مَعَ ذلِكَ يَرجونَ شَفاعَتي ! ما لَهُم ؟ ! لا أنالَهُمُ اللَّهُ شَفاعَتي يَومَ القِيامَةِ ، فَما لَهُم عِندَ اللَّهِ مِن خَلاقٍ . حَبيبي يا حُسَينُ ، إنَّ أباكَ واُمَّكَ وأخاكَ قَد قَدِموا عَلَيَّ وهُم إلَيكَ مُشتاقونَ ، وإنَّ لَكَ فِي الجَنَّةِ دَرَجاتٍ لَن تَنالَها إلّا بِالشَّهادَةِ .
قالَ : فَجَعَلَ الحُسَينُ عليه السلام يَنظُرُ في مَنامِهِ إلى‏ جَدِّهِ صلى اللَّه عليه وآله ويَسمَعُ كَلامَهُ وهُوَ يَقولُ : يا جَدّاه لا حاجَةَ لي فِي الرُّجوعِ إلَى الدُّنيا أبَداً ، فَخُذني إلَيكَ وَاجعَلني مَعَكَ إلى‏ مَنزِلِكَ .
قالَ : فَقالَ لَهُ النّبِيُّ صلى اللَّه عليه وآله : يا حُسَينُ ، إنَّهُ لا بُدَّ لَكَ مِنَ الرُّجوعِ إلَى الدُّنيا حَتّى‏ تُرزَقَ الشَّهادَةَ وما كَتَبَ اللَّهُ لَكَ فيها مِنَ الثَّوابِ العَظيمِ ؛ فَإِنَّكَ وأباكَ وأخاكَ وعَمَّكَ وعَمَّ أبيكَ تُحشَرونَ يَومَ القِيامَةِ في زُمرَةٍ واحِدَةٍ حَتّى‏ تَدخُلُوا الجَنَّةَ .
قالَ : فَانتَبَهَ الحُسَينُ عليه السلام مِن نَومِهِ فَزِعاً مَذعوراً ، فَقَصَّ رُؤياهُ عَلى‏ أهلِ بَيتِهِ وبَني عَبدِ المُطَّلِبِ ، فَلَم يَكُن ذلِكَ اليَومُ في شَرقٍ ولا غَربٍ أشَدَّ غَمّاً مِن أهلِ بَيتِ الرَّسولِ صلى اللَّه عليه وآله ولا أكثَرَ مِنهُ باكِياً وباكِيَةً .
وتَهَيَّأَ الحُسَينُ بنُ عَلِيٍّ عليه السلام وعَزَمَ عَلَى الخُروجِ مِنَ المَدينَةِ ، ومَضى‏ في جَوفِ اللَّيلِ إلى‏ قَبرِ اُمِّهِ ، فَصَلّى‏ عِندَ قَبرِها ووَدَّعَها .
ثُمَّ قامَ عَن قَبرِها وصارَ إلى‏ قَبرِ أخيهِ الحَسَنِ عليه السلام فَفَعَلَ مِثلَ ذلِكَ ، ثُمَّ رَجَعَ إلى‏ مَنزِلِهِ . ۵

1.رَمَلَ الثوبَ : لطخه بالدم (القاموس المحيط : ج ۳ ص ۳۸۶ «رمل») .

2.الخَلاق - بالفتح - : الحظّ والنصيب (النهاية : ج ۲ ص ۷۰ «خلق») .

3.الأمالي للصدوق : ص ۲۱۶ ح ۲۳۹ ، بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۳۱۲ ح ۱ .

4.كُبْكُبَة - بالضمّ والفتح - : الجماعة المتضامّة من الناس وغيرهم (النهاية : ج ۴ ص ۱۴۴ «كبكب») .

5.الفتوح : ج ۵ ص ۱۸ ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : ج ۱ ص ۱۸۶ ؛ بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۳۲۷ .


الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام
332
  • نام منبع :
    الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام
عدد المشاهدين : 291306
الصفحه من 850
طباعه  ارسل الي