41
تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2

هي ما تجب في النّصاب من المال . والصدقة هاهنا : هي صدقة التّطوّع ، وقد تسمّى الزكاة الواجبة صدَقة ، إلاّ أنها هنا هي النافلة .
فإن قلت : كيف قال : «فذلك محرّم علينا أهل البيت» ، وإنما يحرم عليهم الزكاة الواجبة خاصة ، ولا يحرم عليهم صدقة التطوّع ، ولا قبول الصِّلات؟
قلت : أراد بقوله : «أهل البيت» الأشخاصَ الخمسة : محمّد ، وعليّ ، وفاطمة ، وحسن ، وحسين عليهم السلام ، فهؤلاء خاصّة دون غيرهم من بني هاشم ، محرّم عليهم الصلة وقبول الصدقة ، وأمّا غيرهم من بني هاشم فلا يحرُم عليهم إلاّ الزكاة الواجبة خاصّة .
فإن قلت : كيف قلت : إنّ هؤلاء الخمسة يحرُم عليهم قبول الصِّلات ، وقد كان حسن وحسين عليهماالسلام يقبلان صِلَة معاوية؟
قلت : كلاّ لم يقبلا صلته ، ومعاذ اللّه أن يقبلاها ! وإنما قبِلا منه ما كان يدفعه إليهما من جملة حقهما من بيت المال ، فإنّ سهم ذوي القربى منصوص عليه في الكتاب العزيز ، ولهما غير سهم ذوي القربى سهم آخر للإسلام من الغنائم .
قوله : «هبلتك الهَبُول» أي ثكلتك أُمّك ، والهَبُول التي لها عادة بثكْل الولد .
فإن قلت : ما الفرق بين مختبِط ، وذي جنّة ، ويهجُر؟
قلت : المختبط : المصروع من غَلَبة الأخلاط السوداويّة أو غيرها عليه ، وذو الجِنّة مَنْ به مسٌّ من الشيطان . والذي يهجُر هو الذي يهذِي في مرض ليس بصرَع كالمحموم والمبرسَم ونحوهما .
وجُلب الشّعيرة ، بضم الجيم : قشرها ، والجُلب والجُلبة أيضا جليدة تعلو الجرح عند البرء ، يقال منه : جلب الجرح يجلِب ويجلُب وأجلب الجرح أيضا ، ويقال للجليدة التي تجعل على القتب جُلْبة أيضا . وتقضَمها بفتح الضاد ، والماضي قَضِم بالكسر .
وعَقِيل ، هو عَقِيل بن أبي طالب عليه السلام بن عبد المطّلب بن هاشم بن عبد مناف ، أخو أمير المؤمنين عليه السلام لأُمّه وأبيه . وكان عَقِيل يكنَى أبا يزيد ، قال له رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم : «يا أبا يزيد ، إنّي أحبّك حُبّيْن : حبّا لقرابتك منّي ، وحبّا لما كنت أعلم من حبّ عَمّي إياك» . توفي في سنة خمسين وعمره ست وتسعون سنة .


تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2
40

أَوْلاَدَكُمْ مِنْ إمْلاَقٍ» 1 . واستماحني : طلب منّي أن أعطيَه صاعاً من الحنطة ، والصاع أربعة أمداد ، والمُدّ رطل وثلث ، فمجموع ذلك خمسة أرطال ، وثلث رطل ، وجمع الصاع أصوُع ، وإن شئت همزت . والصُّواع لغة في الصاع ، ويقال : هو إناء يشرَب فيه . والعِظْلِم ، بالكسرة في الحرفين : نَبْت يصبغ به ما يراد اسوداده ، ويقال : هو الوَسمة . وشعث الألوان ، أي غُبْر . وأصغيت إليه : أملْتُ سمعي نحوه . وأتّبع قياده : أطيعه وأنقاد له . وأحميت الحديدة في النار ، فهي محماة ، ولا يقال حَمِيت الحديدة . وذي دَنف ، أي ذي سقم مؤلم . ومن ميسمها : من أثرها في يده . وثكلتك الثّواكلُ ، دعا عليه ، وهو جمع ثاكلة ، وفواعل لا يجيء إلاّ جمع المؤنث إلاّ فيما شذّ ، نحو فوارس ، أي ثكلتك نساؤك .
قوله : «أحماها إنسانُها» ، أي صاحبها ، ولم يقل «إنسان» ؛ لأنّه يريد أن يقابل هذه اللّفظة بقوله : «جبّارها» . وسَجَرها ، بالتخفيف ، أوقدها وأحماها ، والسَّجور : ما يسجر به التنّور .
قوله : «بملفوفة في وعائها» ، كان أهدى له الأشعث بن قيس نوعا من الحَلْواء تأنّق فيه ، وكان عليه السلام يبغض الأشعث ؛ لأنّ الأشعث كان يُبغِضه ، وظنّ الأشعث أنّه يستميله بالمهاداة لغرض دنيويّ كان في نفس الأشعث ، وكان أمير المؤمنين عليه السلام يفطِن لذلك ويعلمه ، ولذلك ردّ
هديّة الأشعث ، ولولا ذلك لقبِلها ؛ لأنّ النبي صلى الله عليه و آله وسلم قبل الهديّة ، وقد قبل عليّ عليه السلام هدايا جماعةٍ من أصحابه ، ودعاه بعضُ مَنْ كان يأنس إليه إلى حَلْوَاء عملها يوم نوروز فأكل وقال : لم عَمِلْتَ هذا؟ فقال : لأنّه يوم نوروز ، فضحك : وقال : نَوْرزُوا لنَا في كلّ يوم إن استطعتم . وكان عليه السلام من لطافة الأخلاق وسجاحة الشيَم على قاعدة عجيبة جميلة ، ولكنه كان ينفر عن قومٍ كان يعلم من حالهم الشنآن له ، وعمّن يحاول أن يصانعه بذلك عن مال المسلمين ، وهيهات حتى يلين لِضرْس الماضغ الحجر!
وقال : بملفوفة في وعائها ، لأنّه كان في طبق مغطًّى . ثم قال : «ومعجونة شَنئتُها» ، أي أبغضتها ونفرت عنها . كأنها عجنت بريق الحيّة أو بقيئها ، وذلك أعظم الأسباب للنّفرة من المأكول .
قوله : «أصِلَةٌ ، أم زكاة أم صدقة ؛ فذلك محرم علينا أهل البيت؟» ، الصّلة : العطيّة لا يراد بها الأجر ، بل يراد بها وصلة التّقرب إلى الموصول ، وأكثر ما تُفْعَل للذِّكْر والصّيت . والزّكاة :

1.سورة الأنعام ۱۵۱ .

  • نام منبع :
    تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2
    المجلدات :
    2
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1426 ق / 1384 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 113265
الصفحه من 800
طباعه  ارسل الي