131
جواهر الحکمة للإمام أبي عبد الله الحسين(ع)

فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام : كَلاّ وَاللّهِ ، لا أكفُرُ بِاللّهِ وبِرَسولِهِ وبِوَصِيِّ رَسولِ اللّهِ ، اِخسَ ۱ وَيلَكَ مِن شَيطانٍ مارِدٍ ! فَلَقَد زَيَّنَ لَكَ الشَّيطانُ سوءَ عَمَلِكَ ، فَخَدَعَكَ حَتّى أخرَجَكَ مِن دينِكَ بِاتِّباعِ القاسِطينَ ونُصرَةِ هذَا المارِقِ مِنَ الدّينِ ، لَم يَزَل هُوَ وأبوهُ حَربِيَّينِ وعَدُوَّينِ للّهِِ ولِرَسولِهِ ولِلمُؤمِنينَ ، فَوَاللّهِ ما أسلَما ولكِنَّهُمَا استَسلَما خَوفا وطَمَعا .
فَأَنتَ اليَومَ تُقاتِلُ عَن غَيرِ مُتَذَمِّمٍ ۲ ، ثُمَّ تَخرُجُ إلَى الحَربِ مُتَخَلِّقا ۳ لِتُرائِيَ بِذلِكَ نِساءَ أهلِ الشّامِ ، ارتَع ۴ قَليلاً ، فَإِنّي أرجو أن يَقتُلَكَ اللّهُ عز و جلسَريعا .
قالَ : فَضَحِكَ عُبَيدُ اللّهِ بنُ عُمَرَ ، ثُمَّ رَجَعَ إلى مُعاوِيَةَ فَقالَ : إنّي أرَدتُ خَديعَةَ الحُسَينِ وقُلتُ لَهُ كَذا وكَذا ، فَلَم أطمَع في خَديعَتِهِ .
فَقالَ مُعاوِيَةُ : إنَّ الحُسَينَ بنَ عَلِيٍّ لا يُخدَعُ ، وهُوَ ابنُ أبيهِ . ۵

۲۰۱.المناقب عن رجل من بني هاشم يقال له عبد اللّه بن الحسين :جاءَ رَجُلٌ إلَى الحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ عليه السلام فَقالَ : حَدِّثني في عَليِّ بنِ أبي طالِبٍ .
فَقالَ : وَيحَكَ ! وما عَسَيتُ أن اُحَدِّثَكَ في عَلِيٍّ وهُوَ أبي ؟
قالَ : بَل تُحَدِّثُني .
قالَ : إنَّ اللّهَ تَبارَكَ وتَعالى أدَّبَ نَبِيَّهُ الآدابَ كُلَّها ، فَلَمَّا استَحكَمَ الأَدَبُ فَوَّضَ الأَمرَ إلَيهِ فَقالَ : «مَآ ءَاتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ مَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُواْ»۶ ، إنَّ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله أدَّبَ عَلِيّا عليه السلام بِتِلكَ الآدابِ الَّتي أدَّبَهُ بِها ، فَلَمَّا استَحكَمَ الآدابُ كُلُّها فَوَّضَ الأَمرَ إلَيهِ ،

1.كذا في المصدر ، والصواب : «اِخسَأ» .

2.الذِّمَّةُ والذِّمامُ : هما بمعنى العهد والأمان والضمان والحُرمة والحقّ (النهاية : ج ۲ ص ۱۶۸ «ذمم») .

3.الخُلوقُ : وهو طيب معروف مركّب يتّخذ من الزعفران وغيره (النهاية : ج ۲ ص ۷۱ «خلق») .

4.يقال : خرجنا نرتع ونلعب : أي ننعم ونلهو (الصحاح : ج ۳ ص ۱۲۱۶ «رتع») .

5.الفتوح : ج ۳ ص ۳۹ .

6.الحشر : ۷ .


جواهر الحکمة للإمام أبي عبد الله الحسين(ع)
130

اللّهِ صلى الله عليه و آله ، مُتَقَلِّدا سَيفَ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، فَصَعِدَ المِنبَرَ فَجَلَسَ عليه السلام عَلَيهِ مُتَمَكِّنا . . . .
ثُمَّ قالَ لِلحَسَنِ عليه السلام : يا حَسَنُ ، قُم فَاصعَدِ المِنبَرَ فَتَكَلَّم . . . .
ثُمَّ قالَ لِلحُسَينِ عليه السلام : يا بُنَيَّ قُم فَاصعَدِ المِنبَرَ وتَكَلَّم بِكَلامٍ لا تُجَهِّلُكَ قُرَيشٌ مِن بَعدي ، فَيَقولونَ : إنَّ الحُسَينَ بنَ عَلِيٍّ لا يُبصِرُ شَيئا ، وَليَكُن كَلامُكَ تَبَعا لِكَلامِ أخيكَ .
فَصَعِدَ الحُسَينُ عليه السلام المِنبَرَ ، فَحَمِدَ اللّهَ وأثنى عَلَيهِ ، وصَلّى عَلى نَبِيِّهِ صلى الله عليه و آله صَلاةً موجَزَةً ، ثُمَّ قالَ : مَعاشِرَ النّاسِ ! سَمِعتُ جَدّي رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله وهُوَ يَقولُ : «إنَّ عَلِيّا هُوَ مَدينَةُ هُدىً ، فَمَن دَخَلَها نَجا ومَن تَخَلَّفَ عَنها هَلَكَ» .
فَوَثَبَ إلَيهِ عَلِيٌّ عليه السلام فَضَمَّهُ إلى صَدرِهِ وقَبَّلَهُ ، ثُمَّ قالَ : مَعاشِرَ النّاسِ ! اشهَدوا أنَّهُما فَرخا رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ووَديعَتُهُ الَّتِي استَودَعَنيها ، وأنَا أستَودِعُكُموها . مَعاشِرَ النّاسِ ! ورَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله سائِلُكُم عَنهُما . ۱

۲۰۰.الفتوحـ في ذِكرِ أحداثِ حَربِ صِفّينَ ـ: أرسَلَ عُبَيدُ اللّهِ بنُ عُمَرَ بنِ الخَطّابِ إلَى الحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ عليه السلام أنَّ لي إلَيكَ حاجَةً ، فَالقَني إذا شِئتَ حَتّى اُخبِرَكَ .
قالَ : فَخَرَجَ إلَيهِ الحُسَينُ عليه السلام حَتّى واقَفَهُ وظَنَّ أنَّهُ يُريدُ حَربَهُ .
فَقالَ لَهُ ابنُ عُمَرَ : إنّي لَم أدعُكَ إلَى الحَربِ ، ولكِنِ اسمَع مِنّي فَإِنَّها نَصيحَةٌ لَكَ .
فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام : قُل ما تَشاءُ .
فَقالَ : اِعلَم أنَّ أباكَ قَد وَتَرَ قُرَيشا ، وقَد بَغَضَهُ النّاسُ وذَكَروا أنَّهُ هُوَ الَّذي قَتَلَ عُثمانَ ، فَهَل لَكَ أن تَخلَعَهُ وتُخالِفَ عَلَيهِ حَتّى نُوَلِّيَكَ هذَا الأَمرَ ؟

1.التوحيد : ص ۳۰۵ ـ ۳۰۷ ح ۱ ، الأمالي للصدوق : ص ۴۲۲ ـ ۴۲۵ ح ۵۶۰ ، الاختصاص : ص ۲۳۵ ـ ۲۳۸ ، بحار الأنوار : ج ۴۰ ص ۲۰۲ ح ۶ .

  • نام منبع :
    جواهر الحکمة للإمام أبي عبد الله الحسين(ع)
    المساعدون :
    الطباطبایی،محمود ، الطباطبایی، روح الله
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 190414
الصفحه من 598
طباعه  ارسل الي