487
الضّعفاء من رجال الحديث ج1

الجهال ، ثمَّ يعلو منه إلى غيره ، وقد أمرت بمراسلتك وإظهار ما تريده من النصرة لك لتقوي نفسك ، ولا ترتاب بهذا الأمر .
فأرسل اليه أبو سهل رضى الله عنه يقول له : إنّي أسألك يسيرا يخف مثله عليك في جنب ما ظهر على يديك من الدلائل والبراهين ، وهو أنّي رجل أحب الجواري وأصبو إليهنَّ ، ولي منهنَّ عدّة اتحظاهن والشيب يبعدني عنهن (ويبغضني إليهن) ، وأحتاج أن أخضبه في كل جمعة ، وأتحمل منه مشقة شديدة لأستر عنهن ذلك ، وإلاّ انكشف أمري عندهن ، فصار القرب بعدا والوصال هجرا ، وأريد أن تغنيني عن الخضاب وتكفيني مؤنته ، وتجعل لحيتي سوداء ، فإنّي طوع يديك ، وصائر إليك ، وقائل بقولك ، وداع إلى مذهبك ، مع مالي في ذلك من البصيرة ولك من المعونة .
فلمّا سمع ذلك الحلاّج من قوله وجوابه ، علم أنّه قد أخطأ في مراسلته وجهل في الخروج إليه بمذهبه ، وأمسك عنه ولم يرد إليه جوابا ، ولم يرسل إليه رسولاً ، وصيّره أبو سهل رضى الله عنه احدوثة وضحكة ، ويطنّز به عند كل أحد ، وشهر أمره عند الصغير والكبير ، وكان هذا الفعل سببا لكشف أمره وتنفير الجماعة عنه. ۱
وفي سند الرواية هبة اللّه بن محمّد الكاتب الذي لم يوثّق ، لكن الشيخ الطوسي عوّل على أخباره في أحوال الوكلاء .
وفيه أيضا قال : وأخبرني جماعة ، عن أبي عبداللّه الحسين بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه أنّ ابن الحلاّج صار إلى قم ، وكاتب قرابة أبي الحسن يستدعيه ويستدعي أبا الحسن أيضا ويقول : أنا رسول الإمام ووكيله .
قال : فلمّا وقعت المكاتبة في يد أبي رضى الله عنه خرّقها وقال لموصلها إليه : ما أفرغك للجهالات !
فقال له الرجل وأظن أنّه قال : ـ إنّه ابن عمته أو ابن عمّه ـ فإن الرجل قد

1.الغيبة للطوسي : ص ۴۰۱ ح ۳۷۶ .


الضّعفاء من رجال الحديث ج1
486

أقوال العلماء فيه :

نذكر ما قيل من قبل علماء مدرسة أهل البيت وموقف عموم الشيعة منه ، ثمَّ نعطف لدراسة شيء من عقائده وأفكاره .
قال المفيد : الحلاّجية ضرب من أصحاب التصوّف ، وهم أصحاب الإباحة والقول بالحلول ، ولم يكن الحلاّج يتخصّص بإظهار التشيّع وإن كان ظاهر أمره التصوّف ، وهم قوم ملحدة وزنادقة ، يموهون بمظاهرة كل فرقة بدينهم ، ويدعون للحلاّج الأباطيل ، ويجرون في ذلك مجرى المجوس في دعواهم لزرادشت المعجزات ، ومجرى النصارى في دعواهم لرهبانهم الآيات والبينات ، والمجوس والنصارى أقرب إلى العمل بالعبادات منهم ، وهم أبعد من الشرائع والعمل بها من النصارى والمجوس. ۱
وصنّف كتابا رضى الله عنه في الرد على أصحاب الحلاّج. ۲
قال الطوسي في الغيبة : ذكر المذمومين الذين ادعوا البابية والسفارة كذبا وافتراء ـ لعنهم اللّه ـ ومنهم الحسين بن المنصور الحلاّج : أخبرنا الحسين بن إبراهيم ، عن أبي العباس أحمد بن علي بن نوح ، عن أبي نصر هبة اللّه بن محمّد الكاتب ابن بنت أُم كلثوم بنت أبي جعفر العمري ، قال : لمّا أراد اللّه تعالى أن يكشف أمر الحلاّج ويظهر فضيحته ويخزيه ، وقع له أنّ أبا سهل إسماعيل بن علي النوبختي رضى الله عنه ممّن تجوز عليه مخرقته وتتم عليه حيلته ، فوجّه إليه يستدعيه ، وظن أنّ أبا سهل كغيره من الضعفاء في هذا الأمر بفرط جهله ، وقدر أن يستجره إليه فيتمخرق (به) ويتسوف بانقياده على غيره ، فيستتب له ما قصد إليه من الحيلة والبهرجة على الضعفة ، لقدر أبي سهل في أنفس الناس ومحله من العلم والأدب أيضا عندهم ، ويقول له في مراسلته إياه : إنّي وكيل صاحب الزمان عليه السلام ، وبهذا أولاً كان يستجر

1.تصحيح الاعتقاد : ص ۱۳۴ ـ ۱۳۵ .

2.رجال النجاشي : ص ۴۰۱ الرقم ۱۰۶۷ .

  • نام منبع :
    الضّعفاء من رجال الحديث ج1
    المساعدون :
    الأسدي، عادل حسن
    المجلدات :
    3
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1426 ق / 1384 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 146323
الصفحه من 560
طباعه  ارسل الي