الحديث المنسوب « ولدني أبو بكر مرّتين » سنداً و دلالة - الصفحه 306

أمّا المقام الأوّل:

فاعلم أنّ إسناد هذا الحديث ينتهي إلى مُسْنِد الكوفة مُحمّد بن الحسين بن أبي الحُنَين الحُنينيّ ، قال: حدّثنا عبدالعزيز بن مُحمّد الأزديُّ ، قال: حدّثنا حفص بن غياث ، قال: سمعتُ جعفر بن مُحمّد يقول: «ما أرجو من شفاعة عليٍّ إلّا وأنا أرجو من شفاعة أبيبكرٍ مثله ، ولقد وَلَدني مرّتين» .
ورواه أبوالقاسم هبة اللّه بن الحسن بن منصور الطبريُّ اللالكائيُّ في كتاب (شرح أصول اعتقاد أهل السنّة والجماعة) ۱ عن عبداللّه بن مُحمّد ، قال: حدّثنا مُحمّد بن عمرو ، قال: حدّثنا مُحمّد بن الحسين الكوفي (وهو الحُنيني مُسْنِد الكوفة) به .
وأخرجه الحافظ جمال الدين أبو الحجّاج المزّي في (تهذيب الكمال) ۲ بإسناده عن الدارقطني ، قال: حدّثنا أبوبكر أحمد بن مُحمّد بن إسماعيل الآدَميّ ، قال: حدّثنا مُحمّد بن الحسين الحنيني به .
قلت: هذا الطريق ليس بالقائم ، ولا تنهض به حجّةٌ ، ألبَتَّةَ ، فإنَّ المتفرّد بروايته عن حفص بن غياث ـ أعني عبدالعزيز بن مُحمّد الأزديّ ـ فيه جهالة .
قال الذهبيّ في (ميزان الاعتدال في نقد الرجال) ۳ : عبدالعزيز بن عبداللّه الأصمّ ـ شيخ الحنينيّ ـ فيه جهالة ، وقيل: عبدالعزيز بن مُحمّد .
وقال الحافظ ابن حجر في (لسان الميزان) ۴ : قال ابن القطّان: عبدالعزيز لايُعرف ، سواءٌ كان عبدالعزيز بن عبداللّه ـ كما قال البزّار ـ أو عبدالعزيز بن مُحمّد ـ كما قال قاسم بن الأصبغ ـ .
فمن كانت هذه حاله من الرواة فإنّهُ يُتوقّف في قبول حديثه ، ويُنظر هل وافقه عليه أحدٌ ممّن يؤخذ بروايته أم لا؟ كما هو المقرّر في محلّه ، ومعلوم عند أهله .
قال الحافظ شهاب الدين أبوالفيض أحمد بن الصديق: المجهول لايخلو من أن يكون حديثه معروفاً ، أو منكراً:
فإن كان معروفاً ، فجهالته لا تضرّ .
وإن كان منكراً ، وعُرف تفرّده به ، فهو ـ أي المجهول ـ ضعيفٌ محقّقُ الضعف ، حتّى لو رُفعتْ جهالتُه العينيّةُ برواية اثنين فصاعداً عنه ، أو لم ترتفع ، فهو ضعيفٌ مجروحٌ خارجٌ من حيّز المجاهيل إلى حيّز الضعفاء المحقّق ضعفهم ۵ .
والأزديّ لا نعلم أحداً من الرواة وافقه على حديثه هذا مطلقاً ، لا من الثقات ولا غيرهم ، فكيف يجوز عند أهل العلم الاستناد إلى كلامٍ هذا حال ناقله؟!!
ثمّ إنّ شيخه حفص بن غياث النخعيّ كان قد ساء حفظه ، كما قال أبوزرعة ، وقال داود بن رشيد: حفص كثير الغلط .
وذكر الحافظ ابن حجر في (تهذيب التهذيب) ۶ بعض الأحاديث التي وهم فيها حفص .
وقال أحمد: يخلّط في حديثه ۷ .
وقال يحيى بن سعيد القطّان: كان حفص يروي عن كلّ أحد ۸ .
فيقال لمن يستدلّ بهذه الرواية على مرامه ، ويجعلها حجّةً لكلامه:
يا هذا ، ثبّت العرشَ ثمّ انقشْ ، وسطّح الأرضَ ثمّ افرشْ ، فما دمت لا تستطيع تثبيت مستندك حسب القواعد المقرّرة والأصول المحرّرة في علم مصطلح الحديث ، كيف تأخذ في الاحتجاج به على خصمك؟ .
إنْ هذا إلّا خرقٌ لقواعد البحث والمناظرة ، كما لا يخفى على أولي الألباب والبصائر .
وأيضاً ، فإنّ ممّا تقرّر عند أكثر هؤلاء القوم وجَروا عليه في كتبهم أنّهم قالوا: إنّ المبتدع الداعية إذا روى ما يؤيّد بدعته ويشيّدها ، فإنّ روايته لا تُقبل؛ وإن كان ثقةً ديّناً متحرّزاً عن الكذب ، بل قد ادّعى بعضهم إجماع أهل النقل عليه ، بل قال بعضهم: إن اشتملت رواية غير الداعية على ما يؤيّد بدعته ويزيّنه ويحسّنه ظاهراً ، فلا تقبل ، كما حكاه الحافظ ابن حجر في (هدي الساري) ۹ .
ونحن نطبّق هذه القاعدة التي التزموا بها عليهم أنفسهم ، فنقول: إنَّ من رواة هذا الحديث مَن هو مبتدعٌ داعيةٌ إلى بدعته ـ عندنا ـ إن لم يكونوا كلّهم كذلك ، فيردّ حديثه ـ ولا كرامةَ ـ إلزاماً لهم بما التزموا به .
وهذا وجهٌ آخر يدفع تعلّقهم بمثل هذه المرويّات التي لا يعرف لها أصل صحيح ، فحينئذٍ يسقط الاستدلال بهذا الخبر ، لأنّه فرع ثبوته ، وهو لم يثبت عند النقّاد الأيقاظ .
فإن قالوا: إنّا لم نتفرّد بروايته ، بل قد ذكره أعيان علمائكم وأجلّة أصحابكم في كتبهم ، فهلّا تقوم الحجّة عليكم بذلك؟ .
قلنا: كلّا ، فإنّهم نقلوا ذلك من كتب مخالفيهم .
وأوّل مَن علمتُ أنّه نقل ذلك من أصحابنا الشيخ بهاءالدين عليُّ بن عيسى أبي الفتح الأَرْبِلّيّ رحمه الله فإنّه حكى ذلك في كتابه (كشف الغُمّة في معرفة الأئمّة عليهم السلام ) ۱۰ ؛ نقلاً عن كتاب (معالم العترة النبويّة) لعبدالعزيز بن الأخضر الجنابذي الحنبلي .
وكلّ مَن جاء بعد الأربليّ من متقدّمي أصحابنا ومتأخّريهم فإنّما أخذ ذلك من كتابه ، كصاحب (عمدة الطالب في أنساب آل أبيطالب) ۱۱ والعلّامة السيّد محسن الأمين العامِليّ رحمه الله في (المجالس السَّنية) ۱۲ وغيرهما .
فهذا الخبر لم يثبت عندنا من طريقٍ معتبر ، وإنّما هو منقول من طريق العامّة ، فلا تقوم به الحجّة .
وممّا ذكرنا تبيّن لك بطلان ما زعمه الفضل بن روزبهان الخُنْجيّ الأصبهانيّ ـ وربّما تابعه عليه بعض أهل نحلته ، وأبناء جِلْدته ـ من أنّ قول الباقر عليه السلام في حِلْية السيف ، وقولَ الصادق عليه السلام هذا؛ ذكره الأربلي في كتابه نقلاً عن كتب الشيعة لا عن كتب السُّنة!!!
مع أنّ هذين الخبرين وغيرهما ممّا ضاهاهما إنّما الجمهور مصادره لا الشيعة .
فهو إمّا لم يقف على كتاب (كشف الغمّة) ومع ذلك قال ما قال ، وإمّا وقف عليه وافترى ، وكلاهما قبيحان .
والواقف على الكتاب المذكور يعلم أنّ غالب ما فيه منقول من كتب القوم ، وقد صرّح مؤلّفه بذلك في خطبته ، فقال: واعتمدتُ ـ في الغالب ـ النقل من كتب الجمهور ليكون أدْعى لتلقّيه بالقبول ، ووفق رأي الجميع متى رجعوا إلى الأصول . . .إلى آخر كلامه .
فتحصّل ممّا ذكرنا أنّ هذا الكلام المنقول عن الإمام عليه السلام ليس له أصل يُعوَّل عليه ويُرجع إليه .
وإنّما تفرّد بروايته عبدالعزيز بن مُحمّد الأزدي ومَداره عليه ، وهو مجهول ليس يُعرف له حال كما مرّ الكلام على ذلك آنفاً .
مضافاً إلى أنّ شيخه حفص بن غياث قد ساء حفظه ، وكان كثير الغلط ، ووهم في أحاديث ـ كما مضى ـ .
ولسنا ننكر ـ معاشر الشيعة نصر اللّه بهم الحق ـ أنّ الصادق عليه السلام ينتهي نسبه من طرف الأم إلى أبيبكر بن أبي قحافة من جهتين ـ كما سنبيّنه إن شاء اللّه تعالى ـ وإنّما الشأن كلّه في إثبات الرواية بذلك عنه عليه السلام وجعلها حجةً على شيعته وأتباعه في إثبات الفضل لأبيبكر وتقديمه على أميرالمؤمنين عليّ بن أبيطالب عليه السلام في الخلافة .
ودون ذلك خرط القتاد ، ومَن يضلل اللّه فما له من هاد .
هذا تمام الكلام في المقام الأوّل .
وأمّا الكلام في المقام الثاني ـ أعني دلالة هذا القول على ما يرومه الخصوم من إثبات الفضيلة والتقدّم والأولويّة لصاحبهم ـ فنقول:
إنّ هذا الكلام لم يثبت ـ عندنا ـ عمّن نحتجّ بكلامه ، وندين اللّه تعالى بقوله ـ كما بيّنا ذلك مبسوطاً في ما تقدّم ـ وإذا كان الأمر كذلك فأيّة منقبة تؤخذ من هذا الكلام؟
بل ، لو تنزّلنا وسلّمنا ـ لمن يحتجّ علينا بهذه الكلمة ـ ثبوتَ سندها ، واعتبار طريقها ، وأغمضنا الطَّرْف عن جميع ما ذكرنا آنفاً؛ فإنّ الخصم لم يزل مدفوعاً محجوباً بضروبٍ من الأدلّة دامغة ، وصنوفٍ من الحجج بالغة .
فلنصرف عنان الكلام إليها ، لتعلم أنّ التعويل في هذاالباب لايكون إلّا عليها ، فنقول ـ وباللّه تعالى التوفيق ـ:
إنّ هذا الكلام المحكيَّ عن سيّدنا وإمامنا أبي عبداللّه جعفر بن مُحمّد الصادق عليه السلام لو صحّت نسبتُه إليه لكان خارجاً مخرجَ التقيّة ، لا مخرج الجِدِّ وبيان الواقع .
ومع ذلك ، فإنّه لايثبت به شيء ممّا يقصده المحتجُّ مطلقاً .
فلنبسط القول في هاتين الدعويين ،بما يحتمله المقام ، وتنزاح به الشُّبه والأوهام .
اعلم أنّ من سَبَر كلام أئمّتنا عليهم السلام في أبواب العقائد والأحكام علم علمَ اليقين أنّهم ربّما تكلّموا بما لايعتقدون صحّته في نفس الأمر والواقع ، ولا يرون ثبوته حقيقةً ، وإنّما هو مذهب الخصم يجري على ألسنتهم موافقةً له في الظاهر ، من أجل دفع شرّه وسطوته ، وحفظاً لمصالح الأمّة الإسلاميّة ، وهذا أمرٌ معروف يقف عليه المتتبّع لكلامهم عليهم السلام في شتّى المسائل .
وهذا أصل أصيل صحيح مُبْتَنٍ على قواعد الكتاب والسنّة والعقل السليم ، ويسمّى عندنا بالتقيّة ويُعَنْوَنُ عندهم باسم الإكراه ، والكلام عليه مبسوطٌ في مظانّه من كتب الفقه عند الفريقين .
والعامّة المنكرون لهذا الأصل العقلائي في اللفظ عاملون به عند حصول موجبه ، ومتمسّكون به في تصرّفاتهم ، والشواهد على ذلك كثيرة ليس هنا محلّ ذكرها .
وهذا الكلام المنقول بإسناده عن الإمام الصادق عليه السلام ـ لو صحّت نسبته ـ فهو من هذا الباب ، خارج مخرجَ التقيّة ، دفعاً لضرر الخصم .
وإذا كانت الجهة الداعية لصدوره هي التقيّة ، فإنّه لا يعوَّل عليه ألْبتّةَ ، كما هو مقرّر في محلّة .
فإن قال قائلهم: إنَّ الأصل صدور هذا الكلام على جهة الجِدّ وبيان الواقع ، فحمله على محمل التقيّة يخالف هذا الأصل ويغايره ، فلا يُصار إلى ذلك إلّا بقرينة .
قلنا: الذي يدلّ على كون هذا الكلام صدر عن الإمام عليه السلام تقيّةً أمران:
(الأوّل): كون المخاطب به هو حفص بن غياث النخعي قاضي بغداد ، ثمّ قاضي الكوفة ، وكان يقال: «خُتم القضاء بحفص» ۱۳ .
ولا ريبَ أنّ مَن كان هذا شأنُه عند قومه وعند السلطان ، فإنّه ممّن يُتّقى منه بمثل هذا الكلام ، كما لا يخفى على مَن له ممارسةٌ بأقوالهم ومحاوراتهم عليهم السلام مع خصومهم في المذهب والمعتقد .
أمّا خُلّص أوليائهم فلا تراهم ينبسون معهم ببنتِ شَفةٍ من مثل هذا الكلام؛ إذ لايعتقدون صحّته مطلقاً ، اللّهمّ إلّا أن يتّقوا بعض مَن حضر مجالسهم ، وهذا يعرفه العارف بأحوالهم .
(الثاني): أنّهم عليهم الصلاة والسلام شفعاءُ دار البقاء ـ كما ورد في الزيارة (الجامعة الكبيرة) التي هي من أصحّ الزيارات عندنا معاشر الإماميّة ـ وهذا أمرٌ محقّقٌ ثابتٌ لهم ، لاينازع في ذلك إلّا ناصبيٌّ ذو قلبٍ مريضٍ وجهلٍ عريضٍ .
وأمّا أبوبكر بن أبيقحافة؛ فلأنّ الشفاعة منوطةٌ ، بشروطٍ مقرَّرةٍ في محلّها ، فإنّا لانرى بلوغه تلك المرتبة مطلقاً ، فضلاً عن شفاعته في آل النبيّ صلى الله عليه و آله الذين أغناهم اللّه سبحانه وتعالى عن شفاعة الشافعين .
بل ليس يجرأ ذو دينٍ على الجزم بأنّ أبابكرٍ من جملة الشافعين في القيامة .
وكيف يُعقل أن يستشفع الصادق عليه السلام ـ الذي لم يعص اللّه تعالى طرفةَ عينٍ ـ برجلٍ أقام على الشرك دهراً من عمره ، وإنْ كان ينتهي إليه نسبه من جهة أمّه؟!
أم كيف يَقرِنُ شفاعته بشفاعة جدّه أميرالمؤمنين عليه السلام ويرجو من شفاعته ما يرجو من شفاعة عليٍّ عليه السلام ؟!
وأبوبكرٍ هو الذي كشف بيتَ جدّته بَضعةِ الرسول فاطمةِ الزهراءِ البتولِ ، وقد ودّ عند موته أنّه لم يكشف بيتَ فاطمة عليهاالسلام عن شيءٍ وإن كانوا قد غلّقوه على الحرب ۱۴ .
ولا ريبَ أنَّ ذلك قد أوجب سخطَها وغضبَها ، وقد قال صلى الله عليه و آله لفاطمة عليهاالسلام: «إنّ اللّه يغضب لغضبك ويرضى لرضاك» وقال صلى الله عليه و آله : «فاطمة بضعة منّي ، من أغضبها أغضبني» وفي لفظٍ آخر: «يريبني ما أرابها ، ويؤذيني ما آذاها» ۱۵ .
فأبوبكر آذى اللّه َ ورسولَه والبضعةَ الطاهرة؛ بكشفه بيتَ عليّ وفاطمة عليهاالسلام .
وقد قال اللّه تعالى: «إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللّه َ وَ رَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللّه ُ فِي الدُّنْيا وَ الْاخِرَةِ وَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً وَ الَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتاناً وَ إِثْماً مُبِيناً» (الأحزاب:33/58) .
وأبوبكر كان له شيطانٌ يعتريه ، كما أقرّ بذلك على نفسه ۱۶ .
وهو صاحب ذلك اللسان الذي أورده الموارد كما أقرّ بذلك أيضاً ۱۷ .
وغير ذلك من الهَنَات التي يكفي كلّ واحدٍ منها لحرمانه من نيل الشفاعة والاستشفاع لعصاة المؤمنين .
وبالجملة ، فمن كانت هذه حاله وصفته كيف يُعقل أن يرجو الصادق عليه السلام ـ وهو مَن هو ـ شفاعتَه كما يرجو شفاعة جدّه أميرالمؤمنين عليه السلام لمستحقّها؟؟ .
على أنّ ضروريّ مذهب أهل الحقِّ أنّ الصادق عليه السلام وكذا سائر الأئمّة عليهم السلام هم من الشفعاء يوم القيامة .
فإن كان هذا القول المحكيّ ثابتاً عن الإمام عليه السلام فلا بدّ من حمله على التقيّة ، لقيام القرائن الواضحة الجليّة .
ثمّ رأيتُ أنّ الإمام القاضي الشهيد السعيد الشريف السيّد نور اللّه التستري رحمه اللهقد ذكر في كتابه (الصوارم المهرقة) ۱۸ كلاماً قريباً ممّا ذكرنا .
قال: يدلّ على كذب هذا الخبر أنّ صاحب الشفاعة العظمى هو جدّه صلى الله عليه و آله فلا يليق به عليه السلام نسيان شفاعة جدّه صلى الله عليه و آله وإظهار رجاء شفاعة غيره لا سيّما أبيبكر الذي لا شافع له ولا حميم «يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَ لَا بَنُونَ» (الشعراء:26/88) * «إِلَا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ» (الشعراء:26/89) .
اللّهمّ إلّا إنْ قصد به مجرّد التقيّة ، فافهم . (انتهى)
قلت: ونظير هذا الخبر الوارد في رجاء شفاعة أبيبكر ، ما رواه عبدالعزيز بن مُحمّد الأزدي ، عن حفص بن غياث أيضاً ـ وقد مرّ الكلام على عذين الرجلين آنفاً ـ قال: سمعتُ جعفر بن مُحمّد يقول: ما يسرّني بشفاعة أبيبكر هذا العمود ذهباً ، يعني ساريةً من سواري المسجد ۱۹ .
والبحث في هذا كسابقه ، فلا نطيل بالإعادة
وبالجملة ، فالحقُّ الذي لا يعتريه شكٌّ ولا ريبٌّ ، بل يُقرُّ به كلّ ذي بصيرةٍ من أهل الإسلام هو: أنَّ أبابكر يحتاج إلى شفاعة سبطه الصادق عليه السلام دون العكس ، لما ذكرنا آنفاً .
على أنّ نسبة مثل هذا الكلام الى الصادق عليه السلام ليس ببدعٍ ، بل قد نسب إليه ما هو أعظم في المدح والثناء من هذا ، كما سيأتي ذكره إن شاء اللّه تعالى .
وبالجملة ، فكلّ ما روي في هذا الباب فإنّه من هذا القبيل ، لا يثبت به شيء من فضل أبيبكر وعمر وغيرهما ، إذْ من المقطوع أنّه ـ لو صحّت النسبة ـ لم يخرج مخرج الجِدّ والإخبار عن الواقع ونفس الأمر ، وإنّما أُلقي على ذلك النحو دفعاً لشرّ الخلفاء الجائرين ، وحذراً من التعرّض لأذى أصحاب القوّة والسلطان .
وهذا يظهر جليّاً لمن عرف أحوال الناس في تلك الأزمنة ، لا سيّما أهل البيت عليهم السلام وشيعتهم الذين كانوا تحت ظلم الحكّام ، ولم تكن لهم شوكة ولا قدرة يستطيعون بها صدّ عدوّهم ، فلم يكن بُدٌّ من إلقاء أمثال هذه الكلمات دفعاً لغائلة أولئك المعتدين ولا سيّما الوشاة الذين كانوا يَسْعَوْن بالشيعة وأئمّتهم عند الحكام الجَوَرَة .
كما روي عليّ بن الجعد ، عن زهير بن معاوية قال: قال أبي لجعفر بن مُحمّد: إنّ لي جاراً يزعم أنّك تبرأ من أبيبكر وعمر!
فقال جعفر: برأ اللّه ُ من جارك ، واللّه ِ إنّي لأرجو أن ينفعني اللّه ُ بقرابتي من أبيبكر ، ولقد اشتكيت شكايةً فأوصيتُ إلى خالي عبدالرحمن بن القاسم ۲۰ .
وهذاالكلام لا يثبت ألبتّةَ:
ففي إسناده ـ أوّلاً ـ عليّ بن الجعد بن عبيد الجوهريّ أبوالحسن البغدادي:
قال العُقيليّ: لا ينبغي أن يكتب عنه قليٌل ولا كثيرٌ ، وضغَّف أمره جدّاً .
وقال الجوزجانيّ: متشبّثٌ بغير بدعةٍ ، زائغٌ عن الحقّ .
وقال أحمد بن إبراهيم الدورقيّ: قلت لعليّ بن الجعد: بلغني أنّك قلتَ: «ابن عمر ذاك الصبيّ»؟
قال: لم أقلْ ، ولكن معاوية ما أكره أن يعذّبه اللّه ُ .
وقال أبوداود: عليّ بن الجعد يُتَّهم بمتهم سوءٍ ، قال: ما يسوؤني أن يعذّب اللّه معاوية .
وقال المستملي: كنتُ عند عليّ بن الجعد فذكر عثمان فقال: أخذ من بيت المال مائة ألف درهم بغير حقّ .
وقال العُقيليّ: قلت لعبداللّه بن أحمد: لِمَ لم تكتب عن عليّ بن الجعد؟
قال: نهاني أبي ، وكان يبلغه عنه أنّه يتناول الصحابة .
وقال زياد بن أيّوب: كنت عند عليّ بن الجعد ، فسألوه عن القرآن؟
فقال: القرآن كلامُ اللّه ، ومَن قال: «مخلوق» لم أُعنّفه .
فقال: ذكرتُ ذلك لأحمد فقال: ما بلغني عنه أشدّ من هذا؟ .
وقال أبوزُرعة: كان أحمد لا يرى الحكاية عنه ، ورأيته مضروباً عليه في كتابه ۲۱ .
وعند جمهور مخالفينا: أنّ كلَّ واحدٍ من هذه الأمور قادحٌ في من اتّصف به ، فكيف يُفرحُ برواية منَ هذِهِ حالُه التي انطوتْ على جملة من القوادح عندهم .
على أنّ هذا شيءٌ قد انفردوا بروايته ، فلا ينهض حجّةً على خصومهم .
مضافاً إلى أنّ في إسناده ـ أيضاً ـ زهير بن معاوية بن حديج الجعفيّ ، وكان ممّن يحرس خشبة زيد بن عليّ التابعيّ الشهيد لمّا صُلب ، وقد عاب عليه بعضهم ذلك ۲۲ .
وحقٌّ أن يُعاب عليه ركونه إلى الظلمة وتقرّبه إلى الطواغيت ، وقد نهى اللّه تعالى عن ذلك .
وظنّي أنّ أحدهم لو كان فعل نحو ذلك بتابعيّ آخر دون زيد؛ لأجمعوا على ترك حديثه وهجره .
ولكن هوان آل مُحمّد عليهم هوّن عندهم مثل هذه الأمور ، فإلى اللّه المشتكى .
وثانياً: أنّه لو كان قد ثبت هذا الكلام وصحّ عن أبي عبداللّه الصادق عليه السلام قلنا: إنّه عليه السلام دفع بمقالته هذه شغب المشاغب المحرّش؛ بكلامٍ ظاهره الثناء على الشيخين ، صوناً لشيعته المستضعفين يومئذٍ ، ودفعاً لغوائل المعادين ، وهذا من عظيم درايته وسديد حكمته وحصافة رأيه صلوات اللّه وسلامه عليه .
على أنّ قوله: «إنّي لأرجو أن ينفعني اللّه بقرابتي من أبيبكر» لا دلالة فيه على النفع الدينيّ ولا حصوله ، وحصول النفع الدنيويّ منه نفسه ، إذ يكفي في صدق ذلك صدور هذا النفع من أولاده الصالحين ، كما يرشد إليه قوله عليه السلام : «ولقد مرضت فأوصيت» . . .إلى آخره .
كذا أفاد القاضي الشهيد رحمه الله في (الصوارم المهرقة) ۲۳ .
ثمّ إنّا لو سلّمنا للخصم نقله وحكايته لهذا المقال ، مع ما فيه ، كما بيّنا ، فإنّه لايسع المحتجّ به أن يستنهضه حجةً على ما يرومه من تفضيل أبيبكر والثناء عليه؛ بدعوى أنّ ذلك ممّا جرى على لسان صادق آل مُحمّد عليه وعليهم الصلاة والسلام ، فليس لأحدٍ من الشيعة المسلِّمين له كلامٌ وراء كلامه .
لأنّا نقول: إنّه قد ورد نظير ذلك في كلامه عليه السلام مُوَرَّىً به ، ولم يختلف اثنان من أهل الحقِّ في أنّ ظاهره غير مراد .
كما روى الشيخ الثقة الجليل مُحمّد ابن شهر آشوب المازندراني رحمه الله في كتاب (المثالب): أنّ الصادق عليه السلام لمّا سُئل عن أبيبكر وعمر؟
قال: «كانا إمامين قاسطين عادلَين ، كانا على الحقِّ وماتا عليه ، فرحمة اللّهعليهما يوم القيامة» .
فإنّ مَن يسمع بهذا الكلام ، ولم يقف على تأويله ، لا يرتاب في كونه مدحاً وثناءً ـ بظاهره ـ على الشيخين ، مع كونه ملقىً إلى مَن يُتّقى منه دفعاً لشرّه ، وردّاً لعاديته ، ودليل ذلك ما ورد في تأويله ، فراجع ۲۴ .
فالأخذ بظواهر هذه الكلمات الصادرة من أجل التقيّة وحقن الدماء ، والتهويش بها ، من دون الوقوف على مراد قائلها ، شأنُ مَن لايعرف وجوه المقال وتصاريف الكلام ، فيتشبّث بما لا يدلّ على مطلوبه ، ظانّاً أنّه قد ظفرَ بمقصوده ، ونال ما يرومه لإفحام الشيعة وإسكاتهم ، كمن يحسب كلَّ حمراء لحماً وكلَّ بيضاء شحماً وقد قيل في المثل: إنّ الغريق يتشبّثُ بكلّ حشيشٍ .
إذا عرفت هذا ، واتّضح لك الأمر ، فلا أظنّك ترتاب في عدّ ما حكوه عن الصادق عليه السلام من قوله: «لقد ولدني أبوبكر مرّتين» من هذا الباب .
فإنّ الإمام عليه السلام لمّا كان يتّقي حفص بن غياث ـ وقد علمت شأنه عندهم ـ ألقى إليه هذا الكلام تطييباً لنفسه ، ودفعاً لما قد كان يبلغه عنه من قوله في من تقدّم على جدّه أميرالمؤمنين عليه السلام وظَلَمَ أهل البيت عليهم السلام حقّهم ، كما فعل ذلك بغيره أيضاً على ما مرّ .
مع أنّ هذا القول ليس يؤخذ منه شيءٌ ممّا يحتجّ به الخصم ، ونحن نبيّن لك ذلك حسب ما يقتضيه المجال ، فنقول ـ وباللّه الاعتصام وعليه الاتّكال ـ :
لا ريبَ أنّ الصادق عليه السلام ينتهي نسبه من جهة الأمّ إلى أبيبكر من وجهين ، وذلك أنّ أُمُّهُ هي أمّ فروة بنت القاسم بن مُحمّد بن أبيبكر ، وأمّ أمّ فروة هي أسماء بنت عبدالرحمن بن أبيبكر ، فأبوبكر جدّه من جهتين .
وليس في هذا إشعارٌ ـ فضلاً عن التصريح ـ بالثناء والتعظيم والتبجيل والتكريم ، بل الظاهر أنّه عليه السلام إنّما ذكر ذلك عند تفصيل حال الآباء والأمّهات من غير إرادة الافتخار والمباهاة ، كما قال القاضي الشهيد نوراللّه التستري رحمه الله في كتابه (إحقاق الحقّ) ۲۵ .
وقال في (الصوارم المهرقة) ۲۶ : إنّ قوله عليه السلام : «ولقد ولَدَني أبوبكر مرّتين» بيان للواقع لا للافتخار .
نعم ، ربما توهّم بعض العامّة ـ قديماً وحديثاً ـ أنّ هذا ممّا يُفتخر به ، كما أشار إلى ذلك الشريف الرضيّ رحمه الله المتوفّى سنة (406 ه ) بقوله حكايةً عن القوم:
وحُزْنا عتيقاً وهو غايةُ فخركمبمولدِ بنتِ القاسمِ بنِ مُحمّد
ولكنّ الحقَّ الحقيق بالقبول والاتِّباع: أنّ كون أبيبكر جدّاً للصادق عليه السلام من جهتين ليس شرفاً وفخراً للإمام عليه السلام بل إنّ أبابكر بن أبيقحافة هو المتشرّف حقّاً بكون الإمام عليه السلام من أسباطه ، كما قال القائل:
كمْ من أبٍ قد سما بابنٍ ذُرى
شَرَفٍكما سما برسول اللّه ِ عدنانُ
وكيف يجوز لعاقلٍ ذي دينٍ أن يظنّ بالإمام عليه أفضل الصلاة والسلام أن يفخر بمن كان شطراً من عمره في جاهليّة جَهلاء ، مقبلاً على عبادة الأوثان ، مدبراً عن طاعة الرحمن؟ .
ويدع الفخر بالانتساب إلى أوّل الذكور إسلاماً ، ومع ذلك لم يشركْ باللّه تعالى طرفةَ عينٍ ، ولم يسجد لصنمٍ قَطُّ؟ كما أجمع على ذلك المؤالف والمخالف؟ .
بل ، لم تزل كلمة التوحيد قائمةً فيهم من لدُن آدم عليه السلام إلى آخر الدهر ، فهل يحسن عند العقلاء أن يدعَ الرجل الثناء والتعظيم لمن هذه حاله من آبائه؟ ويميل إلى من ليس له شيءٌ من تلك الفضائل؟؟ .
كلّا ، ثمّ كلّا ، اللّهمّ إلّا أن يكون ذلك على وجه التقيّة ، يُصار فيها إلى خلاف الواقع لدواعٍ تقتضي ذلك .
أم كيف يُعقل أن يترك الصادق عليه السلام نسبه الشامخ الرفيع ، ويعوّل في التمدّح على نسبٍ رَذْلٍ وضيعٍ؟؟
لولا ما ذكرنا من أمر التقيّة ، وإظهار خلاف الواقع في صورة الواقع ، لوجود المقتضي لذلك؟
وهل يسع منصفاً أن يساويَ بين قومٍ قد اشتهروا بين العرب برذالتهم ۲۷ وبين قومٍ أذهب اللّه عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً ، فضلاً عن أن يفضّلهم عليهم ، ويفخر بهم عن طوعٍ؟!! «فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ» .
قال أبوعثمان عمرو بن بحر الجاحظ ـ وهو من أعظم الناس عداوةً لآل البيت عليهم السلام ـ: كيف يُقاس بقومٍ منهم رسول اللّه صلى الله عليه و آله والأطيبان عليٌّ وفاطمة ، والسبطان الحسن والحسين . . . إلى آخر كلامه .
فقد تبيّن بما ذكرنا: أنّ هذا الخبر ـ على تقدير صحّة صدوره عنه عليه السلام ـ إنّما قُصد به دفع ضرر المخالف ، وردّ عاديته ، ولو ببيان أمرٍ محقَّقٍ واقعٍ يظنّه السامع في بادى ء الرأي مدحاً وثناءً ، وهو ليس كذلك في حقيقة الحال ، قطعاً ، كما بيّنا .
وهذا نظير قصّة الغار الوارد ذكرها في الكتاب العزيز ، فإنّ أولياء أبيبكر يعدّونها من غرر مناقبه ، مع أنّها أدلّ على الطعن فيه ، وبيان ذلك مبسوط في كتب أصحابنا الإماميّة نصر اللّه بهم الحقّ ، فليراجع ثمّة ۲۸ .
وظنّي أنّ في ما ذكرناه كفاية لمن أخذتْ بيده العناية ، وإلّا فالجاهل المتعنّت لاينجع معه دليل ولا برهان ، ولا سُنّة ولا قرآن .
والحمد للّه أوّلاً وآخراً ، وباطناً وظاهراً ، وصلّى اللّه وسلّم على سيّدنا ونبيّنا مُحمّد وآله الطاهرين ، ورضي اللّه تعالى عن خيرة الصحب من الأنصار والمهاجرين ، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين .
قال ذلك بلسانه ، وكتبه ببنانه ، فقير رحمة ربّه الغنيّ ، الحسن بن صادق بن هاشم الحسيني آل المجدِّد الشيرازي عفا اللّه تعالى عنه وغفر له .
عشاء ليلة الاثنين تاسع عشر شهر ذيالقعدة الحرام عام أربعة وعشرين وأربع مائة وألف ، من الهجرة الشريفة ، بدار العلم والإيمان بلدة (قم) الطيّبة ، صانها الربّ الغفور عن البلايا والشرور ، حامداً مصلّياً مسلماً .

1.شرح أصول السنة (ج۷ ، ص۱۳۰۱) ح۲۴۶۷ .

2.تهذيب الكمال في أسماء الرجال، ج۵، ص۸۰ ـ ۸۲.

3.ميزان الاعتدال ، ج۲ ، ص۶۳۰ .

4.لسان الميزان ، ج۴ ، ص۳۲ .

5.انظر: مقدمة تحقيق كتاب (الكاشف في معرفة من له رواية في الكتب الستّة) ، ج۱ ، ص۲۶ .

6.تهذيب التهذيب ، ج۱ ، ص۵۶۸ ـ ۵۶۹ .

7.سير أعلام النبلاء: (۹/۳۱) .

8.تهذيب التهذيب: (۱/۳۰۸) .

9.هدي الساري ، مقدمة فتح الباري ، ص۴۰۴ .

10.كشف الغمّة ، ج۲ ، ص۳۷۳ .

11.عمدة الطالب ، ص۱۹۵ .

12.المجالس السَّنية في مناقب ومصائب العترة النبوية ، ج۲ ، ص۴۶۱ .

13.تذكرة الحفّاظ ، ج۱ ، ص۲۹۷ ـ ۲۹۸؛ تهذيب التهذيب ، ج۱ ، ص۵۶۸ .

14.تاريخ الطبري ، ج۲ ص۶۱۹ .

15.السبعة من السلف من الصحاح الستة ، ص۱۹ ـ ۱۸ .

16.السبعة من السلف ، ص۹ ـ ۱۰ .

17.السبعة من السلف ، ص۴۳ ـ ۴۴ .

18.الصوارم المهرقة في جواب الصواعق المحرقة ، ص۲۴۱ ـ ۲۴۲ .

19.تهذيب الكمال ، ج۵ ، ص۸۳ .

20.تهذيب الكمال ، ج۵ ، ص۸۰ .

21.تهذيب التهذيب ، ج۴ ، ص۱۸۴ .

22.تهذيب التهذيب ، ج۲ ، ص۲۰۸ .

23.الصوارم المهرقة في جواب الصواعق المحرقة ، ص۲۴۶ .

24.حياة المحقق الكركي وآثاره (نفحات اللاهوت في لعن الجبت والطاغوت) ، ج۵ ، ص۵۰۵ ـ ۵۰۶؛ الصوارم المهرقة ، ص۱۵۵ ـ ۱۵۶ .

25.إحقاق الحق ، ج۱ ، ص۶۷ .

26.الصوارم المهرقة: ص۲۴۲ .

27.انظر: الفصول المختارة من العيون والمحاسن ، ص۵۶ ـ ۱۹۹ ـ ۲۰۰ .

28.انظر على سبيل المثال: الفصول المختارة ، ص۲۰ ـ ۲۶؛ بناء المقالة الفاطميّة ، ص۱۳۵ ـ ۱۳۶؛ الإحتجاج ، ج۲ ، ص۵۰۰ ـ ۵۰۲؛ الصوارم المهرقة ، ص۱۰۸ ـ ۱۱۰ .

الصفحه من 321