19
دليل المحبّة

الثقافيّة والاجتماعيّة ، بل تماما على العكس من ذلك ، فالإسلام يروم من خلال مكافحته لهذه الأمراض ، بناء مجتمع لا يسوده سوى عنصر المحبّة ، وما لم يتحقّق مثل هذا المجتمع ، لا يجد الإنسان أمامه من سبيل سوى سبيل الاختيار السليم في معاشرة الآخرين .

دور المحبّة في مصير الإنسان

يرى الإسلام أنّ للمحبّة صلة وثيقة بمصير الإنسان ، فحبّ الجمال الحقيقي يسمو بالإنسان إلى قمّة التكامل ، وحبّه للجمال الخادع الزائف ينتهي به إلى العمى والصمم ، ويسلبه حقّ الاختيار إلى الحدّ الذي يهبط به إلى أسفل السافلين ، ولهذا السبب يتّضح أنّ اختيار الصديق في ضوء التمييز بين الصديق الحقيقي والصديق الزائف ، أمر ضروري لبلوغ مرحلة المجتمع الإنساني والإسلامي المثالي ، ولقادة الإسلام الأكابر تعليمات في هذا الصدد بالغة الأهميّة ، يمكن الرجوع إليها في الفصل الخامس والسابع والتاسع من القسم الأوّل من هذا الكتاب .


دليل المحبّة
18

ذلك ، فكيف يمكن الادّعاء بأنّ الإسلام هو دين المحبّة ، وأنّ المجتمع المثالي هو ذلك المجتمع القائم على المحبّة ؟

منطق العقل والفطرة في المحبّة

وللإجابة عن السؤال أعلاه نقول : أنّ منطق الإسلام في المحبّة والعداوة ـ كما هو الحال في سائر الاُمور ـ هو منطق العقل والفطرة ، فعقل الإنسان وفطرته يدعوانه إلى محبّة كلّ جميل ، وبغض كلّ قبيح ، والإسلام أيضا لا يقول في باب المحبّة والبغضاء سوى ذلك ، وبقدر ما محبّة الجمال والفضائل بناءةٌ وتقود إلى تكامل الفرد والمجتمع ، محبّة الرذائل والقبائح مدمّرة وخطرة .
وانطلاقا من هذه الرؤية فإنّ الإسلام يصف اللّه لبني الإنسان بأنّه جميل ويحبّ الجمال ، ويبغض كلّ ما هو رذيل وقبيح ، ومنطق الموحّدين الحقيقيّين الذي يمثّل منطق العقل والفطرة يقضي بأن يحبّ الإنسان الجميل ويبغض القبيح .
لا ريب في أنّ مصادقة المصابين بأمراض عقائديّة وأخلاقيّة وعمليّة تفضي إلى سراية تلك الأمراض إلى غيرهم ، وهذه حالة لا يبيحها أيّ منطق ، وانطلاقا من هذا التصوّر فإنّ قيام المجتمع المثالي في الإسلام على مبدأ المحبّة لا يعني أنّ الإسلام يجيز ـ خلافا لما يقتضيه منطق العقل والفطرة ـ استشراء الرذائل والأمراض

  • نام منبع :
    دليل المحبّة
    سایر پدیدآورندگان :
    التقديري، محمّد؛ المسعودي، عبدالهادي؛ غلامعلي، مهدي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1382
    نوبت چاپ :
    اوّل
تعداد بازدید : 33749
صفحه از 170
پرینت  ارسال به