215
شرح فروع الکافي ج3

باب السهو في الثلاث والأربع

المشهور بين الأصحاب ـ ومنهم السيّد المرتضى رضى الله عنه في الانتصار ـ تعيّن البناء على الأكثر ، ثمّ الاحتياط فيما إذا تعلّق الشكّ بالركعتين الأخيرتين من الرباعية .
وقال الصدوق بالتخيير بينه وبين البناء على الأقلّ، ۱ وظاهر السيّد رضى الله عنهفي الناصريّات تعيّن البناء على الأقلّ كما ستعرف ، ونسبه في الانتصار إلى جميع فقهاء العامّة مع سجود سهو في المسائل الثلاث التي ذكرها في الباب، وهي المرويّة في الباب ، وقد سكت عن ذكر ما سواها ، ونسبه في المنتهى ۲ إلى الشافعيّ . ۳
وفي الانتصار :
وممّا انفردت به الإماميّة القول بأنّ من شكّ فلم يدرِ كم صلّى ، اثنتين أم ثلاثا واعتدل في ذلك ظنّه أنّه يبني على الأكثر، وهي الثلاث ، فإذا سلّم صلّى ركعة من قيام أو ركعتين من جلوس مقام ركعة واحدة ، فإن كان الذي بنى عليه هو الصحيح كان ما صلّاه نافلة، وإن كان ما أتى به الثلاث كانت الركعة جبرانا لصلاته، وكذلك القول فيمن شكّ فلا يدري أثلاثا صلّى أم أربعا .
ومن شكّ بين اثنتين وثلاث وأربع بنى أيضا على الأكثر، فإذا سلّم صلّى ركعتين من قيام وركعتين من جلوس حتّى إن كان بناؤه على الصحيح فالذي فعله نافلة ، و إن كان الذي صلّاه اثنتين كانت الركعتان من قيام جبرانا لصلاته، وإن كان الذي صلاة ثلاثة فالركعتان من جلوس ، وهما مقام واحدة جبران صلاته .
وباقي الفقهاء يوجبون البناء على اليقين ـ وهو النقصان ـ ويوجبون في هذا الموضع سجدتي السهو ، ويقولون : إن كان ما بنى عليه من النقصان هو الصحيح فالذي أتى به تمام صلاته ، وإن كان بنى على الأقلّ وقد صلّى على الحقيقة أكثر كان ذلك نافلة .
والحجّة فيما ذهبنا [إليه]: إجماع الطائفة ؛ ولأنّ الاحتياط أيضا فيه؛ لأنّه إذا بنى على النقصان لم يأمن أن يكون قد صلّى على الحقيقة الأزيد ، فيكون ما أتى به زيادة في صلاته .
فإذا قيل : وإذا بنى على الأكثر كما تقولون لا يأمن أن يكون إنّما فعل الأقلّ ولا ينفع ما فعله من الجبران؛ لأنّه منفصل من الصلاة وبعد التسليم.
قلنا : ما ذهبنا إليه أحوط على كلّ حال ؛ لأنّ الإشفاق من الزيادة في الصلاة لا يجرى مجرى الإشفاق من تقديم السّلام في غير موضعه ؛ لأنّ العلم بالزيادة في الصلاة مبطل لها على كلّ حال . ۴
هذا كلامه أعلى اللّه مقامه.
وظاهر السيّد في الناصريّات تعيّن البناء على الأقلّ، فقد قال ـ في شرح قول ناصر الحقّ: «من شكّ في الاُوليين استأنف الصلاة ، ومن شكّ في الاُخريين بنى على اليقين»:
هذا مذهبنا والصحيح عندنا ، وباقي الفقهاء يخالفونا في ذلك ولا يفرّقون بين الشكّ في الأوّلتين والآخرتين ، وما كان عندنا أنّ أحدا ممّا عدا الإمامية يوافق على هذه المسألة .
والدليل على صحّة ما ذهبنا إليه الإجماع المتكرّر، وأيضا فإنّ الركعتين الأوّلتين أوكد من الآخرتين من وجوه .
وذكر الوجوه التي نقلنا عنه سابقا ، ثمّ قال :
فجاز لأجل هذه المزيّة أن لا يكون فيهما سهو وإن جاز في الآخرتين . وأيضا فإنّ إيجاب الإعادة في الأوّلتين مع الشكّ فيهما استظهار للفرق واحتياط له، وذلك أولى وأحوط من جواز السّهو فيهما. ۵
ولا يبعد أن يقال: غرضه من ذلك إنّما هو الفرق بين الأوّلتين والآخرتين بقبول الأخيرتين للشكّ دون الأوّلتين لا بالبناء على الأقلّ أيضا في الأخيرتين على ما يشعر به باقي عباراته .
ويدل على القول المشهور عموم ما رواه الصدوق رضى الله عنه قال : وقال أبو عبد اللّه عليه السلام لعمّار بن موسى : «يا عمار ، أجمع لك السهو كلّه في كلمتين : متى ما شككت فخذ بالأكثر ، فإذا سلّمت فأتمّ ما ظننت أنّك قد نقصت ». ۶
وما رواه الشيخ في التهذيب عن عمّار ، قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن شيء من السهو ، فقال : «ألا اُعلّمك شيئا إذا فعلته ثمّ ذكرت أنّك أتممت أو نقصت لم يكن عليك [شيء؟ قلت: بلى. قال: إذا سهوت فابن على الأكثر، فإذا فرغت وسلّمت فقم فصلّ ما ظننت أنّك نقصت، فإن كنت قد أتممت لم يكن عليك] في هذه شيء ، وإن ذكرت أنّك كنت نقصت كان ما صلّيت تمام ما نقصت ». ۷
وبسند آخر عنه ، قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : «كلّما دخل عليك من الشكّ في صلاتك فاعمل بالأكثر ، فإذا انصرفت فأتمّ ما ظننت أنّك نقصت ». ۸
وخصوص ما سيأتي في مسائل هذا الشكّ ، وأورد المصنّف في الباب من أخبار ذلك الشكّ ما يتعلّق بثلاث مسائل منه :
الاُولى: الشكّ بين الثلاث والأربع، و[رواياته]: صحيحتا الحسين بن أبي العلاء ۹ ومحمّد بن مسلم ۱۰ وموثّقة عبد الرحمن بن سيّابة وأبي العبّاس البقباق ۱۱ وحسنة الحلبيّ ۱۲ ورواية جميل بن درّاج . ۱۳
وعن ابن الجنيد ۱۴ التخيير بين ما ذكر وبين البناء على الأقلّ من غير شيء ؛ للجمع بين ما اُشير إليه وبين حسنة زرارة ۱۵ الصريحة فى البناء على الأقلّ .
ويؤيّدها ما سبق من موثّقة عمّار ، قال : قال لي أبو الحسن عليه السلام : «إذا شككت فابن على اليقين »، قال : قلت : هذا أصل ؟ قال : «نعم ». ۱۶
وربّما احتجّ عليه ـ على ما نقل في المختلف ـ بأنّ الأصل عدم الإتيان ، فجاز فعله أو فعل بدله .
وأجاب عنه بانّه إن اعتبر الأصل ووجب المصير إليه وجب عليه الإتيان بنفس الفعل ، ولا يجزيه بدله وإلاّ سقط اعتباره بالكلّيّة؛ إذ مراعاته لا يقتضي الانتقال إلى البدل ، لا وجوبا ولا جوازا. ۱۷
و مرسلة جميل ۱۸ صريحة في التخيير في الاحتياط بين ما ذكر من الأمرين .
وفي المدارك :
وهي ضعيفة بالإرسال ، وبأنّ من جملة رجالها عليّ بن حديد ، وهو مطعون فيه ، فالأصحّ تعيين الركعتين من جلوس، كما هو ظاهر اختيار ابن أبي عقيل والجعفي ؛ لصحّة مستنده . ۱۹
ويمكن دفعه بأنّ الضعف منجبر بعمل أكثر الأصحاب ، وبأنّ الركعة من قيام أوفق بالمبدل منه ، وهو ظاهر قوله عليه السلام : «فإذا سلّمت فأتمّ ما ظننت أنّك قد نقصت » ۲۰ ونظائره فيما تقدّم من الأخبار .
الثانية : الشكّ بين الاثنتين والأربع بعد إكمال السجدتين .
ويدلّ على القول المشهور فيها من وجوب البناء على الأكثر والاحتياط بركعتين قائما بعد التسليم ـ زائدا على العمومات المتقدّمة ـ صحيحتا عبد الرحمن بن أبي يعفور ۲۱ ومحمّد بن مسلم ۲۲ وحسنة الحلبيّ، ۲۳ وما رواه المصنّف قدس سره في باب السهو في الركعتين الأوّلتين من حسنة زرارة ، ۲۴ وما رواه الشيخ في الصحيح عن محمّد بن مسلم ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل صلّى ركعتين ، فلا يدري ركعتان هي أو أربع ؟ قال : «يسلّم ثمّ يقوم ، فيصلّي ركعتين بفاتحة الكتاب ، ويتشهّد وينصرف ، وليس عليه شيء» . ۲۵
وليحمل قوله عليه السلام في حسنة زرارة : «يركع ركعتين وأربع سجدات »، ۲۶ ونظيره في خبر جميل ، ۲۷ وفيما رواه الشيخ في الصحيح عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : «إذا لم تدرِ أربعا صلّيت أم ركعتين ، فقم واركع ركعتين ، ثمّ سلّم واسجد سجدتين وأنت جالس ، ثمّ تسلّم بعدهما ». ۲۸
على أنّه يفعل الركعتين بعد التسليم للاحتياط ؛ للجمع بينها وبين ما ذكر من الأخبار.
والصدوق جمع بين هذه الأخبار وتلك بالقول بالتخيير على ما سبق ذلك القول عنه ، ونقل عنه في المختلف ۲۹ أنّه قال في المقنع بوجوب إعادة الصلاة بذلك ، وكأنّه تمسّك بصحيحة محمّد بن مسلم ، قال : سألته عن الرجل لايدري صلّى ركعتين أم أربعا ، قال : «يعيد الصلاة ». ۳۰
وحملها الشيخ في التهذيب على ما إذا وقع هذا الشكّ في صلاة الغداة والمغرب .
الثالثة : الشكّ بين الاثنتين والثلاث والأربع، وعلى المشهور يجب فيه البناء على الأكثر ، ثمّ الاحتياط بركعتين من قيام وركعتين من جلوس ؛ لمرسلة ابن أبي عمير . ۳۱
وقال الشيهد قدس سره في الذكرى :
وقال ابنا بابويه وابن الجنيد : يصلّي ركعة من قيام وركعتين من جلوس ، وهو قويّ من حيث الاعتبار ؛ لأنّهما ينضمّان حيث تكون الصلاة اثنتين ويجتزى ء بإحداهما حيث تكون ثلاثا، إلّا أنّ النقل والاشتهار يدفعه . ۳۲
أقول : ويدلّ على ما ذهبوا إليه ما رواه الصدوق في الصحيح عن عبد الرحمن بن الحجّاج، عن أبي إبراهيم عليه السلام ، قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام عن رجل لا يدري اثنتين صلّى أم ثلاثا أم أربعا؟ فقال: «يصلّي ركعة من قيام ثمّ يسلّم ، ثمّ يصلّي ركعتين وهو جالس ». ۳۳ وهو أظهر؛ لأنّ مستنده أصحّ ، لأنّ مراسيل ابن أبي عمير وإن عدّت صحيحة ـ لزعمهم أنّه لا يرسل إلّا عن ثقة ـ إلّا أنّ فيه كلاما قد ذكرناه سابقا .
نعم، لا يبعد القول بالتخيير كما ذهب إليه الصدوق ؛ للجمع .
وفي المدارك :
وهل يجوز أن يصلّي بدل الركعتين جالسا ركعة قائما ؟ قيل : نعم ؛ لتساويهما في البدليّة ، بل الركعة من قيام أقرب إلى حقيقة المحتمل فواته من الركعتين من جلوس ، واختاره الشهيدان . ۳۴ وقيل : لا ؛ لأنّ فيه خروجا عن النصوص . وحكى [الشهيد] في الذكرى ۳۵ عن ظاهر المفيد في المسائل الغريّة، وعن سلّار تعيّن الركعة من قيام ، ۳۶ ولم نقف على مأخذه . ۳۷
وبقي في الباب مسألة لم يذكر المصنّف خبرها فيه ، وهي الشكّ بين الاثنتين والثلاث ، والمشهور أنّه موجب للبناء على الأكثر ، ثمّ الاحتياط بركعتين جالسا أو ركعة قائما .
وفي الذكرى : «لم أقف على خبر صحيح فيه، وادّعى ابن أبي عقيل تواتر الأخبار فيه ». ۳۸
وهو غريب ، والموجود فيه الأخبار العامّة التي رويناها ، وحمل عليه ما رواه المصنّف في باب السهو في الركعتين في حسنة زرارة، عن أحدهما عليه السلام قال : قلت : رجل لم يدرِ اثنتين صلّى أم ثلاثا؟ فقال : «إن دخله الشكّ بعد دخوله في الثالثة ، مضى في الثالثة، ثمّ صلّى الاُخرى ولا شيء عليه ويسلّم». ۳۹
وأورد عليه في المدارك ۴۰ بضعف سند الأوّل ؛ لاشتماله على جماعة من الفطحيّة ، وبأنّ الخبر الثاني إنّما دلّ على البناء على الأقلّ حيث حكم عليه السلام بالمضي في الثالثة إذا كان الشكّ بعد دخوله فيها ، وهي الركعة المتردّدة بين الثالثة والرابعة ، ولا يجوز حمل الثالثة على الركعة المتردّدة بين الثانية والثالثة ؛ لأنّ ذلك شكّ في الاُوليين ، وهو مبطل إجماعا ، فيرجع إلى الشكّ بين الثالثة والرابعة والمضي في الثالثة ، بأنّ يضم ّ إليها ركعة اُخرى ، بل يفهم منه بطلان الصلاة قبل الدخول في الثالثة ولو بعد إكمال السجدتين . وأيّد ذلك بصحيحة عبيد بن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : سألته عن رجل لم يدر ركعتين صلّى أم ثلاثا، قال: «يعيد»، قلت: أليس يقال : لا يعيد الصلاة فقيه ، فقال : «إنّما ذلك في الثلاث والأربع ». ۴۱
وعن الصدوق أنّه قال في المقنع ۴۲ بوجوب الإعادة لهذه الصحيحة .
وحملها الشيخ في كتابي الأخبار، ۴۳ على الشكّ في صلاة المغرب، والعلّامة في المنتهى ۴۴ على ما إذا لم يكمل السجدتان .
وقد ورد في بعض الأخبار البناء على الأقلّ ، رواه الشيخ في الاستبصار عن محمّد بن سهل ، قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل لا يدري أثلاثا صلّى أم اثنتين ، قال : «يبني على النقصان، ويأخذ بالجزم ويتشهّد بعد انصرافه تشهّدا خفيفا ، كذلك في أوّل الصلاة وآخرها ». ۴۵ وحمله على ما ذهب وهمه إلى النقصان . والأظهر حمله على التقيّة ؛ لقوله عليه السلام : «كذلك في أوّل الصلاة وآخرها » فإنّه يدلّ على البناء على الأقلّ في الركعتين الأوّلتين أيضا ، كما هو مذهب العامّة .
وحكى في المختلف ۴۶ عن عليّ بن بابويه أنّه قال فيمن شكّ بين الاثنتين والثلاث :
إن ذهب وهمك إلى الثالثة فأضف إليها رابعة، فإذا سلّمت صلّيت ركعة بالحمد وحدها ، وإن ذهب وهمك إلى الأقلّ فابن عليه ، وتشهّد في كلّ ركعة ، ثمّ اسجد سجدتي السّهو [بعد التسليم] ، فإن اعتدل وهمك فأنت بالخيار إن شئت بنيت على الأقلّ وتشهّدت في كلّ ركعة، وإن شئت بنيت على الأكثر وعملت ما وصفناه، يعني الاحتياط بركعة قائما.
وردّه بأنّه في صورة غلبة الظنّ لا حاجة إلى الاختيار، وأيّده بخبر عبد الرحمن بن سيّابة وأبي العباس ، ۴۷ حيث لم يوجب عليه شيئا مع غلبة الظنّ بالأقلّ والأكثر.
ويمكن أن يجاب عمّا أورده عليه بأنّه أراد بالوهم الظنّ الضعيف ، لا الغالب منه القائم مقام العلم ، وحينئذٍ لا بعد في البناء على المظنون مع الاحتياط بركعة في الشقّ الأوّل من ترديد ، وسجدة سهو في الثاني منه .
ويؤيّده قوله عليه السلام في مقطوعة محمّد بن مسلم في الشكّ بين الاثنتين والأربع : «إن كان أكثر وهمه إلى الأربع تشهّد وسلّم ، ثمّ قرأ فاتحة الكتاب »، ۴۸ إلى آخره ، فإنّه يدلّ على البناء على الأكثر إذا ذهب وهمه إليه ، ثمّ الاحتياط بركعتين ، وإيجاب سجدتي السهو على ما ذهب وهمه إلى الأربع في الشكّ بين الثلاث والأربع في حسنة الحلبيّ ، ۴۹ وعلى من وهمه ذهب إلى التمام في خبر إسحاق المتقدّم : «إذا ذهب وهمك إلى التمام ابدأ في كلّ صلاة فاسجد سجدتين بغير ركوع ». ۵۰
وكأنّه لذلك قيّد جماعة من الأصحاب الظنّ الذي أجروا عليه حكم العلم بالغالب منه ، ومنهم المحقّق في الشرائع ، ۵۱ ولو غلب على ظنّه أحد طرفي ما شكّ فيه بنى على الظنّ وكان كالعلم ، ۵۲ وهو الذي يعبّر عنه بالظنّ المتاخم للعلم ، والظاهر وفاق الكلّ في اعتبار الظنّ الغالب مطلقا عدا ابن إدريس ۵۳ على ما نقل عنه في الذكرى ۵۴ من أنّ ظاهره أن غلبة الظنّ إنّما يعتبر فيما عدا الأوّلتين وأنّ الأوّلتين تبطل الصلاة بالشكّ فيهما وإن غلب الظنّ .
هذا ، ويفهم من حسنة زرارة عن أحدهما ۵۵ ـ المتقدّمة ـ بطلان الصلاة إن كان الشكّ بين الاثنتين والثلاث ، وقبل دخوله في ركعة اُخرى غير المتردّدة بينهما ولو كان في السجدة الثانية من المتردّدة .
وفي المدارك :
وظاهر الأصحاب أنّ كلّ موضع تعلّق فيه الشكّ بالاثنتين يشرط فيه إكمال السجدتين؛ محافظة على ما سبق من اعتبار سلامة الاُوليين . ونقل عن بعض الأصحاب الاكتفاء بالركوع ؛ لصدق مسمّى الركعة ، وهو غير واضح . قال في الذكرى : نعم لو كان ساجدا في الثانية ولمّا يرفع رأسه وتعلق الشكّ لم أستبعد صحّته ؛ لحصول مسمّى الركعة . ۵۶ وهو غير بعيد . ۵۷
قوله في مضمر أبي بصير : (ثمّ يصلّي ركعتين يقرأ فيهما بفاتحة الكتاب ) .[ح 1/5165] ظاهره تعيين الفاتحة في صلاة الاحتياط ، ومثله أكثر أخبار الباب، ويؤيّدها : أنّها صلاة منفردة ولا صلاة إلّا بها ، وهو مختار الأكثر ، ۵۸ وذهب المفيد في المقنعة ۵۹ وابن إدريس ۶۰ إلى التخيير بينها وبين التسبيح بناء على أنّها بدل عن الركعتين الأخيرتين ، وقد ثبت في مبدلها التخيير ، والبدل في حكم المبدل منه ، ومثلها تخلّل ما ينافي بينها ـ كالتكلّم عمدا ـ فعلى الأوّل لا ينافي ذلك .
ويدلّ عليه قوله عليه السلام : «وإن تكلّم فليسجد سجدتي السهو ». ۶۱
وعلى الثاني يعيد الصلاة ، وبه قال الأكثر ، وهو ظاهر المفيد رحمه الله في الرّسالة الغريّة ، فإنّه قال ـ على ما نقل عنه في المختلف ـ ؛ وإن اعتدل ظنّه في الرابعة والثالثة بنى على الرّابعة وتشهّد وسلّم ، ثمّ قام من غير أن يتكلّم ، فصلّى ركعة واحدة بفاتحة الكتاب . ۶۲ وحكى عنه أنّه قيّد بذلك في سائر الفروض ، ثمّ نقل الاحتجاج عليه بما ذكر، و بالفاء التعقيبيّة في قوله عليه السلام : «فقم واركع ركعتين» في صحيحة أبي بصير ۶۳ المتقدّمة موجّها إيّاه بأنّ إيجاب التعقيب ينافي تسويغ الحدث.
وأورد عليه في الذكرى بأنّ ذلك إنّما يدلّ على الفوريّة ، ولا يلزم من ذلك بطلان الصلاة بتخلّل الحدث الذي هو المدّعى . ۶۴
وقال ابن إدريس في السرائر :
لو أحدث بعد التسليم قبل صلاة الاحتياط لم يفسد صلاته ، بل يجب عليه الإتيان بالاحتياط ؛ لأنّه ما أحدث في الصلاة ، بل أحدث بعد خروجه من الصلاة بالتسليم ، والاحتياط حكم آخر متجدّد غير الصلاة وإن كان من توابعها . ۶۵
ويظهر من كلامه بذلك وممّا نقلنا عنه سابقا من التخيير فيه بين القراءة والتسبيح أنّه جعل له جهتين: جهة البدليّة وجهة الانفراد، فليست بدلاً محضا ، ولا صلاة منفردة من وجه ، وهو اختيار العلّامة على ما حكى عنه ولده في الإيضاح ۶۶ أنّه سمع منه ذلك مذاكرة ، فلا يرد عليه ما ذكره في المختلف بقوله :
والعجب أنّه جوّز التسبيح وجوّز تخلّل الحدث ، وهما حكمان متضادّان ؛ لأنّ جواز التسبيح إنّما هو باعتبار كونها تماما محضا ، وجواز تخلّل الحدث باعتبار كونها صلاة منفردة من كلّ وجه . ۶۷
نعم، يرد عليه أنّ التخيير المذكور وجوازها مع تخلّل الحدث كلّ منهما يحتاج إلى نصّ ، ولا نصّ على ما ذكره من الفرق ، بل الأمر بالعكس على ما عرفت .
قوله في حسنة زرارة عن أحدهما عليهماالسلام : (يركع ركعتين وأربع سجدات) . [ح 3/5167] قد ذكر الشيخ في الاستبصار ۶۸ والعلّامة في المنتهى ۶۹ هذا الخبر في ذيل الأدلّة على أنّ الشاكّ بين الاثنتين والأربع يبني على الأكثر ، فقد حملا قوله عليه السلام : «يركع ركعتين وأربع سجدات» على صلاة الاحتياط . وعلى هذا يكون المراد من قوله : «قام فأضاف إليها اُخرى أيضا» صلاة الاحتياط ، و الظاهر من الخبر البناء على الأقلّ كما سبقت الإشارة إليه .
قوله في صحيحة ابن أبي يعفور : (وإن تكلّم فليسجد) .[ح 4 /5168] ظاهره أنّ ذلك السجود للتكلّم ، فيفهم منه عدم وجوبه بمجرّد الشكّ ، وهو ظاهر الأكثر .
ويؤيّده أصالة البراءة ، وخلّو أكثر أخبار الشكّ عنه ، وعموم الشيء المنفي في بعض أخباره ، فيمكن تقييد ما دلّ على وجوبه من صحيحة أبي بصير المتقدّمة بما إذا وقع ونحوه ممّا يوجب سجدة السهو ، إذا وقع في الصلاة فيما بين الاحتياط والصلاة .
وحكى طاب ثراه عن المحقّق الأردبيليّ ۷۰ أنّه حمل السجدة فيها على الندب .

1.حكاه عنه العلّامة في تذكرة الفقهاء ، ج ۳ ، ص ۳۴۴ ؛ ومختلف الشيعة ، ج ۲ ، ص ۳۸۲ ؛ ومنتهى المطلب ، ج ۷ ، ص ۵۹ .

2.منتهى المطلب ، ج ۷ ، ص ۵۹ .

3.المجموع للنووي ، ج ۴ ، ص ۱۱۱ .

4.الانتصار ، ص ۱۵۵ ـ ۱۵۶ ، المسألة ۵۴ .

5.الناصريّات ، ص ۲۴۹ ـ ۲۵۰ .

6.الفقيه ، ج ۱ ، ص ۳۴۰ ، ح ۹۹۲ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۸ ، ص ۲۱۲ ، ح ۱۰۴۵۱ .

7.تهذيب الأحكام ، ج ۲ ، ص ۳۴۹ ، ح ۱۴۴۸ ومابين الحاصرتين منه ؛ وسائل الشيعة ، ج ۸ ، ص ۲۱۳ ، ح ۱۰۴۵۳ .

8.تهذيب الأحكام ، ج ۲ ، ص ۱۹۳ ، ح ۷۶۲ ؛ الاستبصار ، ج ۱ ، ص ۳۷۶ ، ح ۱۴۲۶ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۸ ، ص ۲۱۳ ، ح ۱۰۴۵۴ .

9.الحديث الثاني من هذا الباب من الكافي.

10.الحديث الخامس من هذا الباب من الكافي .

11.الحديث السابع من هذا الباب من الكافي .

12.الحديث الثامن من هذا الباب من الكافي.

13.الحديث التاسع من هذا الباب من الكافي .

14.حكاه عنه العلّامة في مختلف الشيعة ، ج ۲ ، ص ۳۸۲ .

15.الحديث الثالث من هذا الباب من الكافي .

16.وسائل الشيعة ، ج ۸ ، ص ۲۱۲ ، ح ۱۰۴۵۲ .

17.مختلف الشيعة ، ج ۲ ، ص ۳۸۲ ـ ۳۸۳ .

18.الحديث التاسع من هذا الباب من الكافي .

19.مدارك الأحكام ، ج ۴ ، ص ۲۵۹ .

20.وسائل الشيعة ، ج ۸ ، ص ۲۱۲ ، ح ۱۰۴۵۱ .

21.الحديث الرابع من هذا الباب من الكافي .

22.الحديث الخامس من هذا الباب من الكافي .

23.الحديث الثامن من هذا الباب من الكافي .

24.الحديث الثالث من هذا الباب من الكافي .

25.تهذيب الأحكام ، ج ۲ ، ص ۱۸۵ ، ح ۷۳۷ ؛ الاستبصار ، ج ۱ ، ص ۳۷۲ ، ح ۱۳۱۴ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۸ ، ص ۲۲۱ ، ح ۱۰۴۷۴ .

26.الحديث الثالث من هذا الباب من الكافي .

27.الحديث التاسع من هذا الباب من الكافي .

28.تهذيب الأحكام ، ج ۲ ، ص ۱۸۵ ، ح ۷۳۸ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۸ ، ص ۲۲۱ ، ح ۱۰۴۷۶ .

29.مختلف الشيعة ، ج ۲ ، ص ۳۸۷ .

30.تهذيب الأحكام ، ج ۲ ، ص ۱۸۶ ، ح ۷۴۱ ؛ الاستبصار ، ج ۱ ، ص ۳۷۳ ، ح ۱۴۱۷ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۸ ، ص ۲۲۱ ، ح ۱۰۴۷۵ .

31.الحديث السادس من هذا الباب من الكافي .

32.الذكرى ، ج ۴ ، ص ۷۷ .

33.الفقيه ، ج ۱ ، ص ۳۵۰ ، ح ۱۰۲۱ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۸ ، ص ۲۲۲ ، ح ۱۰۴۷۹ .

34.الذكرى ، ج ۴ ، ص ۷۷ ؛ مسالك الأفهام ، ج ۱ ، ص ۲۹۵ .

35.الذكرى ، ج ۴ ، ص ۷۷ .

36.المراسم العلويّة ، ص ۸۷ .

37.مدارك الأحكام ، ج ۴ ، ص ۲۶۲ .

38.الذكرى ، ج ۴ ، ص ۸۷ .

39.الحديث الثالث من ذلك الباب . ورواه الشيخ في الاستبصار ، ج ۱ ، ص ۳۷۵ ، ح ۱۴۲۳ ؛ تهذيب الأحكام ، ج ۲ ، ص ۱۹۲ ـ ۱۹۳ ، ح ۷۵۹ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۸ ، ص ۲۱۴ ، ح ۱۰۴۵۷ .

40.مدارك الأحكام ، ج ۴ ، ص ۲۵۵ ـ ۲۵۶ .

41.تهذيب الأحكام ، ج ۲ ، ص ۱۹۳ ، ح ۷۶۰ ؛ الاستبصار ، ج ۱ ، ص ۳۷۵ ، ح ۱۴۲۴ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۸ ، ص ۲۱۵ ، ح ۱۰۴۵۹ .

42.المقنع ، ص ۱۰۱ .

43.تهذيب الأحكام ، ج ۲ ، ص ۱۹۳ ؛ الاستبصار ، ج ۱ ، ص ۳۷۵ .

44.منتهى المطلب ، ج ۷ ، ص ۶۱ .

45.تهذيب الأحكام ، ج ۲ ، ص ۱۹۳ ، ح ۷۶۱ ؛ الاستبصار ، ج ۱ ، ص ۳۷۵ ، ح ۱۴۲۵ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۸ ، ص ۲۱۳ ـ ۲۱۴ ، ح ۱۰۴۵۶ .

46.مختلف الشيعة ، ج ۲ ، ص ۳۸۰ .

47.الحديث السابع من هذا الباب من الكافي .

48.الحديث الخامس من هذا الباب من الكافي .

49.الحديث الثامن من هذا الباب من الكافي.

50.تهذيب الأحكام ، ج ۲ ، ص ۱۸۳ ، ح ۷۳۰ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۸ ، ص ۲۱۱ ، ح ۱۰۴۴۹ .

51.شرائع الاسلام ، ج ۱ ، ص ۸۹ .

52.هذه العبارة من شرائع الاسلام .

53.السرائر ، ج ۱ ، ص ۲۴۵ .

54.الذكرى ، ج ۴ ، ص ۵۴ .

55.الحديث الثالث من هذا الباب من الكافي .

56.الذكرى، ج ۴، ص ۸۰ .

57.مدارك الأحكام ، ج ۴ ، ص ۲۷۵ .

58.اُنظر : مدارك الأحكام ، ج ۴ ، ص ۲۶۴ .

59.المقنعة ، ص ۱۴۶ .

60.السرائر ، ج ۱ ، ص ۲۵۴ .

61.وسائل الشيعة ، ج ۸ ، ص ۲۱۹ ، ح ۱۰۴۷۰ .

62.مختلف الشيعة ، ج ۲ ، ص ۴۱۵ .

63.وسائل الشيعة ، ج ۸ ، ص ۲۲۱ ، ح ۱۰۴۷۶ .

64.لم أعثر عليه في الذكرى ، بل هذا الايراد مذكور في مدارك الأحكام ، ج ۴ ، ص ۲۶۶ .

65.السرائر ، ج ۱ ، ص ۲۵۶ .

66.إيضاح الفوائد ، ج ۱ ، ص ۱۴۲ .

67.مختلف الشيعة ، ج ۲ ، ص ۴۱۷ .

68.الاستبصار ، ج ۱ ، ص ۳۷۳ ، ح ۱۴۱۶ .

69.منتهى المطلب ، ج ۷ ، ص ۶۳ .

70.مجمع الفائدة والبرهان ، ج ۳ ، ص ۱۸۲ .


شرح فروع الکافي ج3
214
  • نام منبع :
    شرح فروع الکافي ج3
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقيق : المحمودی، محمد جواد ؛ الدرایتی محمد حسین
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 164295
صفحه از 550
پرینت  ارسال به