299
البضاعة المزجاة المجلد الثانی

عَزَّ وَجَلَّ ـ أَنْ يُنْجِيَكَ مِنَ النَّارِ، وَيُدْخِلَكَ الْجَنَّةَ، لَمْ يُشَفَّعُوا فِيكَ». ۱
ثُمَّ قَالَ ۲ : «يَا حَفْصُ، كُنْ ذَنَبا، وَلَا تَكُنْ رَأْسا. يَا حَفْصُ، قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : مَنْ خَافَ اللّهَ كَلَّ لِسَانُهُ».
ثُمَّ قَالَ: «بَيْنَا مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ عليه السلام يَعِظُ أَصْحَابَهُ، إِذْ قَامَ رَجُلٌ، فَشَقَّ قَمِيصَهُ، فَأَوْحَى اللّهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ إِلَيْهِ: يَا مُوسى، قُلْ لَهُ : لَا تَشُقَّ قَمِيصَكَ، وَلكِنِ اشْرَحْ لِي عَنْ قَلْبِكَ».
ثُمَّ قَالَ: «مَرَّ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ عليه السلام بِرَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَهُوَ سَاجِدٌ، فَانْصَرَفَ مِنْ حَاجَتِهِ، وَهُوَ سَاجِدٌ عَلى حَالِهِ، فَقَالَ لَهُ ۳ مُوسى عليه السلام : لَوْ كَانَتْ حَاجَتُكَ بِيَدِي، لَقَضَيْتُهَا لَكَ، فَأَوْحَى اللّهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ إِلَيْهِ: يَا مُوسى، لَوْ سَجَدَ حَتّى يَنْقَطِعَ عُنُقُهُ، مَا قَبِلْتُهُ حَتّى يَتَحَوَّلَ عَمَّا أَكْرَهُ إِلى مَا أُحِبُّ».

شرح

السند ضعيف .
قوله : (لا تُعرفوا) على بناء المجهول ؛ أي لا تكونوا معروفا بين الناس بأشخاصكم، أو بعلمكم وصلاحكم، وكأنّه مختصّ ببعض الأزمان وبعض الأشخاص .
وقوله : (إن لم يُثن الناس عليك) .
الثناء: الوصف بالمدح . وقد أثنى عليه خيرا .
وقال بعض المحقّقين :
العاقل اللبيب لا يرضى بثناء الناس عليه؛ لعلمه بأنّه قد يوجب الفخر والكبر والغفلة عن التقصير والرضا بالعمل والعزّة ، وكلّ ذلك من المهلكات ، ولو فرض طهارة نفسه عن قبول أمثال ذلك، فيعلم أنّ الثناء لا يليق إلّا باللّه عزّ وجلّ، فلا يريده لنفسه تعظيما له تعالى . ۴
وقوله : (أن تكون مذموما عند الناس) .
قيل : المراد بالناس أهل الدُّنيا والمخالفون؛ لأنّهم الذين يذمّون الفقراء والعلماء

1.في الطبعة القديمة : + «ثمّ كان لك قلب حيّ لكنت أخوف الناس للّه ـ عزّ وجلّ ـ في تلك الحال» .

2.في الطبعة القديمة : + «له» .

3.في الطبعة الجديدة ومعظم النسخ التي قوبلت فيها والوافي : - «له» .

4.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۲ ، ص ۸۳ .


البضاعة المزجاة المجلد الثانی
298

أَلَا وَمَنْ عَرَفَ حَقَّنَا، أَوْ رَجَا ۱ الثَّوَابَ بِنَا، وَرَضِيَ بِقُوتِهِ نِصْفَ مُدٍّ كُلَّ يَوْمٍ، وَمَا يَسْتُرُ بِهِ عَوْرَتَهُ، وَمَا أَكَنَّ بِهِ رَأْسَهُ، وَهُمْ مَعَ ذلِكَ وَاللّهِ خَائِفُونَ وَجِلُونَ، وَدُّوا أَنَّهُ حَظُّهُمْ مِنَ الدُّنْيَا، وَكَذلِكَ وَصَفَهُمُ اللّهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ حَيْثُ يَقُولُ: «وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ»۲ ، مَا الَّذِي أَتَوْا بِهِ، أَتَوْا وَاللّهِ بِالطَّاعَةِ مَعَ الْمَحَبَّةِ وَالْوَلَايَةِ، وَهُمْ فِي ذلِكَ خَائِفُونَ أَنْ لَا يُقْبَلَ مِنْهُمْ، وَلَيْسَ وَاللّهِ خَوْفُهُمْ خَوْفَ شَكٍّ فِيمَا هُمْ فِيهِ مِنْ إِصَابَةِ الدِّينِ، وَلكِنَّهُمْ خَافُوا أَنْ يَكُونُوا مُقَصِّرِينَ فِي مَحَبَّتِنَا وَطَاعَتِنَا».
ثُمَّ قَالَ: «إِنْ قَدَرْتَ أَنْ لَا تَخْرُجَ مِنْ بَيْتِكَ فَافْعَلْ؛ فَإِنَّ عَلَيْكَ فِي خُرُوجِكَ أَنْ لَا تَغْتَابَ، وَلَا تَكْذِبَ، وَلَا تَحْسُدَ، وَلَا تُرَائِيَ، وَلَا تَتَصَنَّعَ، وَلَا تُدَاهِنَ».
ثُمَّ قَالَ: «نَعَمْ، صَوْمَعَةُ الْمُسْلِمِ بَيْتُهُ، يَكُفُّ فِيهِ بَصَرَهُ وَلِسَانَهُ وَنَفْسَهُ وَفَرْجَهُ، إِنَّ مَنْ عَرَفَ نِعْمَةَ اللّهِ بِقَلْبِهِ اسْتَوْجَبَ الْمَزِيدَ مِنَ اللّهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ قَبْلَ أَنْ يُظْهِرَ شُكْرَهَا عَلى لِسَانِهِ، وَمَنْ ذَهَبَ يَرى أَنَّ لَهُ عَلَى الْاخَرِ فَضْلاً، فَهُوَ مِنَ الْمُسْتَكْبِرِينَ».
فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّمَا يَرى أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ فَضْلاً بِالْعَافِيَةِ إِذَا رَآهُ مُرْتَكِبا لِلْمَعَاصِي؟
فَقَالَ: «هَيْهَاتَ، هَيْهَاتَ، فَلَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا أَتى، وَأَنْتَ مَوْقُوفٌ مُحَاسَبٌ؛ أَ مَا تَلَوْتَ قِصَّةَ سَحَرَةِ مُوسى عليه السلام ؟».
ثُمَّ قَالَ: «كَمْ مِنْ مَغْرُورٍ بِمَا قَدْ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِ، وَكَمْ مِنْ مُسْتَدْرَجٍ يَسْتُرُ ۳ اللّهُ عَلَيْهِ، وَكَمْ مِنْ مَفْتُونٍ بِثَنَاءِ النَّاسِ عَلَيْهِ».
ثُمَّ قَالَ: «إِنِّي لَأَرْجُو النَّجَاةَ لِمَنْ عَرَفَ حَقَّنَا مِنْ هذِهِ الْأُمَّةِ إِلَا لأحَدِ ثَلَاثَةٍ: صَاحِبِ سُلْطَانٍ جَائِرٍ، وَصَاحِبِ هَوًى، وَالْفَاسِقِ الْمُعْلِنِ».
ثُمَّ تَلَا: «قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ»۴ . ثُمَّ قَالَ: «يَا حَفْصُ، الْحُبُّ أَفْضَلُ مِنَ الْخَوْفِ».
ثُمَّ قَالَ: «وَاللّهِ مَا أَحَبَّ اللّهَ مَنْ أَحَبَّ الدُّنْيَا، وَوَالى غَيْرَنَا، وَمَنْ عَرَفَ حَقَّنَا وَأَحَبَّنَا فَقَدْ أَحَبَّ اللّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالى».
فَبَكى رَجُلٌ، فَقَالَ: «أَ تَبْكِي ، لَوْ أَنَّ أَهْلَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّهُمُ اجْتَمَعُوا يَتَضَرَّعُونَ إِلَى اللّهِ ـ

1.في الحاشية عن بعض النسخ والوافي: «ورجا».

2.المؤمنون (۲۳) : ۶۰.

3.في كلتا الطبعتين : «بستر» .

4.آل عمران (۳) : ۳۱ .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 154498
صفحه از 624
پرینت  ارسال به