217
البضاعة المزجاة المجلد الثانی

وما قيل من احتمال كون الحَسَب بكسر السين؛ أي عن ذي حَسَب ، والمراد به الرسول صلى الله عليه و آله ۱ ، فبُعده أظهر من أن يخفى .
قال الفيروزآبادي :
الحَسَب: ما تعدّه من مفاخر آبائك ، أو الدِّين، أو الكرم ، أو الشرف في الفعل، أو الفعال الصالح ، أوالشرف الثابت في الآباء، أوالحَسَب والكرم قد يكونان لمن لا آباء له شرفاء، والشرف والمجد لا يكونان إلّا بهم. وقد حَسُب حسابةً ـ كخطُب خطابةً ـ وحسبا، محرّكة، فهو حسيب من حسباء . ۲

متن الحديث الثاني والتسعين (حديث آدم عليه السلام مع الشجرة)

۰.عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام ، قَالَ:«إِنَّ اللّهَ ـ تَبَارَكَ وَتَعَالى ـ عَهِدَ إِلى آدَمَ عليه السلام أَنْ لَا يَقْرَبَ هذِهِ الشَّجَرَةَ، فَلَمَّا بَلَغَ الْوَقْتُ الَّذِي كَانَ فِي عِلْمِ اللّهِ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا، نَسِيَ فَأَكَلَ مِنْهَا، وَهُوَ قَوْلُ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ: «وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْما»۳ ، فَلَمَّا أَكَلَ آدَمُ عليه السلام مِنَ الشَّجَرَةِ أُهْبِطَ إِلَى الْأَرْضِ، فَوُلِدَ لَهُ هَابِيلُ وَأُخْتُهُ تَوْأَمٌ، وَوُلِدَ لَهُ قَابِيلُ وَأُخْتُهُ تَوْأَمٌ.
ثُمَّ إِنَّ آدَمَ عليه السلام أَمَرَ هَابِيلَ وَقَابِيلَ أَنْ يُقَرِّبَا قُرْبَانا، وَكَانَ هَابِيلُ صَاحِبَ غَنَمٍ، وَكَانَ قَابِيلُ صَاحِبَ زَرْعٍ، فَقَرَّبَ هَابِيلُ كَبْشا مِنْ أَفَاضِلِ غَنَمِهِ، وَقَرَّبَ قَابِيلُ مِنْ زَرْعِهِ مَا لَمْ يُنَقَّ، فَتُقُبِّلَ قُرْبَانُ هَابِيلَ، وَلَمْ يُتَقَبَّلْ قُرْبَانُ قَابِيلَ، وَهُوَ قَوْلُ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ: «وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبا قُرْبانا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِما وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْاخَرِ»۴ إِلى آخِرِ الْايَةِ.
وَكَانَ الْقُرْبَانُ تَأْكُلُهُ النَّارُ، فَعَمَدَ قَابِيلُ إِلَى النَّارِ، فَبَنى لَهَا بَيْتا، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ بَنى بُيُوتَ النَّارِ، فَقَالَ: لَأَعْبُدَنَّ هذِهِ النَّارَ حَتّى تَتَقَبَّلَ مِنِّي قُرْبَانِي، ثُمَّ إِنَّ إِبْلِيسَ ـ لَعَنَهُ اللّهُ ـ أَتَاهُ، وَهُوَ يَجْرِي مِنِ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ فِي الْعُرُوقِ.

1.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول ، ج ۲۵ ، ص ۲۷۱ .

2.القاموس المحيط ، ج ۱ ، ص ۵۴ (حسب) .

3.طه (۲۰) : ۱۱۵ .

4.المائدة (۵) : ۲۷ .


البضاعة المزجاة المجلد الثانی
216

وفي القاموس: «الحوض : معروف. وذو الحوضين : عبد المطّلب، واسمه: شيبة، أو عامر بن هاشم» . ۱
وقوله : «عبد المطّلب» بدل من «ذي الحوضين»، أو عطف بيان له .
وقوله : (وهاشم المُطعم في العام السَّغب) عطف على ذي الحوضين .
والسغب ـ ككتف ـ صفة مشبّهة، وبسكون الغين وفتحها مصدر . يُقال : سغب ـ كعلم ونصر ـ سَغْبا وسَغَبَا: جاع، أو لا يكون إلّا مع تعب، فهو ساغبٌ وسَغبان وسَغِبٌ.
وحمل السِّغْب على العامّ مبالغة في عموم القحط، وشيوعه فيه ، واسم هاشم عَمْرو، ويقال له: «عمرو العُلى»، ويكنّى أبا فضلة ، وإنّما سمّي هاشم؛ لهشمه الثريد للحاجّ، وكانت إليه الوفادة والرفادة، وهو الذي سنّ الرحلتين: رحلة الشتاء إلى اليمن والعراق، ورحلة الصيف إلى الشام . كذا في كتاب عمدة الطالب . ۲
وقال بعض المؤرّخين :
كان اسم هاشم بن عبد مناف عبد العلى، أو عمرو، ثمّ لقّب بهاشم؛ لأنّه كان يهشم الخبز، ويكسره، ويجعله ثريدا للفقراء، وذلك أنّه وقع في مكّة قحط عظيم، وكان لهاشم دقيق كثير فخبزه، وذبح في كلّ صباح وفي كلّ مساء إبلاً، وطبخه، وأطعم المحتاجين في كلّ يوم خبزا وثريدا، فاشتهر بهاشم . ۳
وقوله : (اُوفي بميعادي) .
الإيفاء: ضدّ الغَدْر. والميعاد: وقت الوعد وموضعه . والوعد: يكون في الخير والشرّ .
وقيل : أراد هنا ميعاده مع الرسول صلى الله عليه و آله في نصرته . ۴ وأنت خبير بعدم الدليل على هذا التخصيص، فالأصوب إبقاؤه على العموم .
(وأحمي عن حسب) .
حماه يحميه حمايةً، بالكسر؛ أي دفع عنه . ولعلّ المراد أنّي أدفع العار عن حسبي وحسب آبائي؛ فإنّ دفع النقص والعار عنه ممّا يلزم أهل الكمال والدين والشرف.

1.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول ، ج ۲۵ ، ص ۲۷۱ .

2.القاموس المحيط ، ج ۲ ، ص ۳۲۹ (حوض) .

3.عمدة الطالب لابن عنبة ، ص ۲۵ .

4.اُنظر : تاريخ اليعقوبي ، ج ۱ ، ص ۲۴۱ .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 154550
صفحه از 624
پرینت  ارسال به