وَالشَّهوَةِ لِلسِّفادِ وَالحَدَبِ عَلى نَسلِها ، وإِقامَ بَعضِها عَلى بَعضٍ ، ونَقلِهَا الطَّعامَ وَالشَّرابَ إِلى أَولادِها فِي الجِبالِ وَالمَفاوِزِ ۱ وَالأَودِيَةِ والقِفارِ ۲ ، فَعَلِمنا أَنَّ خالِقَها لَطيفٌ بِلا كَيفٍ ، وإِنَّمَا الكَيفِيَّةُ لِلمَخلوقِ المُكَيَّفِ .
وكذلِكَ سَمَّينا رَبَّنا قَوِيّا لا بِقُوَّةِ البَطشِ المَعروفِ مِنَ المَخلوقِ ، ولَو كانَت قُوَّتُهُ قُوَّةَ البَطشِ المَعروفِ مِنَ المَخلوقِ لَوَقَعَ التَّشبيهُ ، ولَاحتَمَلَ الزِّيادَةَ ، ومَا احتَمَلَ الزِّيادَةَ احتَمَلَ النُّقصانَ ، وما كانَ ناقِصا كانَ غَيرَ قَديمٍ ، وما كانَ غَيرَ قَديمٍ كانَ عاجِزا ، فَرَبُّنا ـ تَبارَكَ وتَعالى ـ لا شِبهَ لَهُ ولا ضِدَّ ولا نِدَّ ولا كَيفَ ولا نِهايةَ ولا تَبصارَ بَصَرٍ ، ومُحَرَّمٌ عَلَى القُلوبِ أَن تُمَثِّلَهُ ، وعَلَى الأَوهامِ أَن تَحُدَّهُ ، وعَلَى الضَّمائِرِ أَن تُكَوِّنَهُ ، جَلَّ وعَزَّ عَن أَداةِ خَلقِهِ وسِماتِ بَرِيَّتِهِ ، وتَعالى عَن ذلِكَ عُلُوّا كَبيرا . ۳
1.المَفاوِز : جمع المفازة ؛ وهي البريّة القَفْر . سمّيت بذلك ؛ لأنّها مُهلِكة ، من فوَّز : إذا مات . وقيل : سُمّيت تفاؤلاً من الفوز : النجاة (النهاية : ج ۳ ص ۴۷۸ «فوز») .
2.القَفْر : مَفازة لا ماء فيها ولا نبات ، والجمع قِفار (الصحاح : ج ۲ ص ۷۹۷ «قفر») .
3.الكافي : ج ۱ ص ۱۱۶ ح ۷ ، التوحيد : ص ۱۹۳ ح ۷ ، الاحتجاج : ج ۲ ص ۴۶۷ ح ۳۲۱ كلاهما نحوه .