71
موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج2

الدّين «مسلمين» لهذه الميزة .
إنّ الأحاديث الإسلاميّة ترى أنّ إيذاء الآخرين من خصائص الأفراد المنحطّين والأشرار ۱ ، والمسلم من لا يفكّر في إيذاء نملةٍ فضلاً عن غيرها ۲ .
من هنا ، فالنتيجة الهامّة الّتي نستشفّها من روايات هذا الفصل هي أنّ الذين يتّسمون بالإسلام هم مسلمون بمقدار اهتمامهم برعاية حقوق الآخرين ، ويزداد الفرد بُعدا عن الإسلام كلّما ازداد للآخرين أذىً .

2 . سبب الاهتمام الفائق باجتناب الأذى

لقد أشرنا في الفصل الثاني إلى جانب من أسباب الاهتمام الإسلاميّ الشديد باجتناب الأذى ، وأهمّها : إزالة العداوة والبغضاء ، وتغيير الأعداء إلى أصدقاء ، وإحلال مشاعر العزّة والشرف والكرامة بين الناس ، ثمّ توفير الحياة الهانئة في هذا الشوط القصير من الحياة الدنيا ، والسعادة والفلاح في دار الخلود في الآخرة ، ومن هنا عدّ الأئمّة عليهم السلام اجتناب الأذى من الحزم وبُعد الرؤية والتعقّل ۳ .

3 . ذمّ أنواع الإيذاء

إنّ مطلق ألوان الإيذاء مذموم ومحظور في الإسلام ؛ لكونه عدوانا على حقوق الآخرين ، ففي الفصل الثالث تبيّن الروايات الإسلاميّة بوضوح أنّ أيّ ممارسة تبعث الخوف في المسلم ، وأيّ نظرة مؤذية ، ومزاح مؤذٍ ، وكلام مؤلم ، ورائحة مؤذية ، بل حتّى أيّ عبادة تؤدّي إلى أذى الآخرين ، فهي في نظر الإسلام مذمومة وممنوعة ، فليس هناك دون شكّ أيّ مدرسة كهذه المدرسة الإلهيّة في تشديدها على حرمة الإنسان وكرامته وحقوقه .

1.راجع : ص ۷۴ (ذمّ الإيذاء / الإيذاء عادة الأشرار) .

2.راجع : ص ۷۷ ح ۱۲۷۵.

3.راجع : ص ۷۶ ح ۱۲۶۹ و ح ۱۲۶۶ و ص ۷۹ ح ۱۲۸۳ .


موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج2
70

وقد ترد بمعنى تنفيذ حكم الشريعة بحقّ المجرم ، كقوله سبحانه :
« وَالَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَئاذُوهُمَا » . ۱
وقد تأتي بمعنى تحمّل العناء في سبيل أداء الواجب ، كقوله سبحانه :
« فَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُواْ فِى سَبِيلِى» . ۲
وأحيانا بمعنى معاناة الألم الطبيعي ، كقوله تعالى :
«وَيَسْئلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً»۳ ، و «فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ بِهِ أَذىً مِّن رَّأْسِهِ»۴ .
وما نتناوله هنا تحت عنوان «الإيذاء» إنّما هو بالمعنى الأوّل ؛ أي الإضرار بالآخرين ، والمعنى الثالث ؛ أي تحمّل العناء في سبيل أداء الواجب . وأبرز ما في هذا الفصل ما يلي :

1 . أوضح سمات المسلم

إنّ أبرز معالم السلوك الإسلامي رعاية حقوق الآخرين واجتناب إيذائهم ، وهذا السلوك هو من الأهمّية بمكان بحيث لا يكون الفرد مسلما بدونه ، وفي هذا المجال يقول رسول اللّه صلى الله عليه و آله بكلّ وضوح :
المُسلِمُ مَن سَلِمَ المُسلِمونَ مِن يَدِهِ ولِسانِهِ . ۵
إنّ هذا التعريف للإنسان المسلم يوضّح أنّ الشّارع قد قرّر أنّ رعاية حقوق النّاسِ واجتناب أذاهم أوّل شروط الدخول في الإسلام ، وقد سمّى أتباعَ هذا

1.النساء : ۱۶ .

2.آل عمران : ۱۹۵ .

3.البقرة : ۲۲۲ .

4.البقرة : ۱۹۶ .

5.راجع : ص ۷۳ ح ۱۲۵۱ .

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج2
    سایر پدیدآورندگان :
    المسعودي، عبدالهادي؛ الطباطبائي، محمد کاظم؛ الأفقي، رسول؛ الموسوي، رسول
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 173430
الصفحه من 563
طباعه  ارسل الي