547
موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج1

مذهب بعض الصحابة والتابعين ۱ .
وهنا يُطرح سؤال مهم وهو : إذا كانت الحيعلة جزءا من الأذان والإقامة منذ فجر الإسلام ، وأنّ المسلمين كانوا يكرّرونها في الأذان على عهد الرسول صلى الله عليه و آله ، إذا من الّذي تصدّى لحذفها ، وماهو الباعث وراء ذلك؟
لقد ورد جواب هذا التساؤل في بعض روايات أهل البيت عليهم السلام ۲ وأخبار التّاريخ ۳ التي أكّدت أنّ «حيّ على خيرِ العمل» كانت جزءا من الأذان والإقامة في عصر النبيّ صلى الله عليه و آله وخلافة أبي بكر و بداية خلافة عمر ، ثمّ اقتضى اجتهاد عمر بن الخطّاب إلى حذفها من الأذان والإقامة ؛ مستدلّاً بكون هذه الجملة تُولي أهميّة قصوى للصلاة في حياة المسلمين ممّا يثير فيهم دواعي التخلّف عن الجهاد !
ومن البديهيّ أنّ هذا الاستدلال ليس له نصيب من الصحّة ، لأنّه فضلاً عن عدم صحّة الاجتهاد في مقابل النصّ ، فإنّه لو كان الاعتقاد بأنّ الصلاة خير العمل يؤدّي إلى إضعاف روح الجهاد عند المسلمين ، لَما جعلها الشارع المقدّس جزءا من الأذان والإقامة ، كما أنّ تجربة العصر النبويّ تنقض هذا الاستدلال من الأساس .
إنّ ممّا يجدر ذكره هنا ، هو أنّه جاء في بعض الروايات الواردة في فضل ذكر اللّه سبحانه ودوره في تكامل الإنسان ونجاته من سيّئات الدارين أنّه صلى الله عليه و آله قال :
لَيسَ عَمَلٌ أحَبَّ إلَى اللّهِ تَعالى ، ولا أنجى لِعَبدٍ مِن كُلِّ سَيِّئَةٍ فِي الدُّنيا وَالآخِرَةِ مِن ذِكرِ اللّهِ .

1.. راجع : المصنّف لعبد الرزّاق : ج ۱ ص ۴۶۰ ح ۱۷۸۶ وص ۴۶۴ ح ۱۷۹۷ والمصنّف لابن أبي شيبة : ج ۱ ص ۲۴۴ ح ۲ و ۳ والسنن الكبرى : ج ۱ ص ۶۲۴ ح ۱۹۹۱ وص ۶۲۵ ح ۱۹۹۲ ووسائل الشيعة : ج ۴ ص ۶۴۵ ح ۱۲ .

2.. راجع : دعائم الإسلام : ج ۱ ص ۱۴۵ و وسائل الشيعة : ج ۴ ص ۶۴۷ ح ۱۶ .

3.. راجع : دلائل الصدق : ج ۳ (القسم الثاني) ، ص ۹۹ و الإيضاح : ص ۲۰۲ ـ ۲۰۴ .


موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج1
546

زيادةً على ما قدّمناه فإنّ هناك كلمات اُخرى تصرّح بأنّ مبدأ التثويب كان بأمر الخليفة الثاني أو تقريره ۱ ، لكن في روايةٍ عن أبي الحسن عليه السلام نسب فيها بداية التثويب إلى بني اُميّة ، قال عليه السلام :
الصَّلاةُ خَيرٌ مِنَ النَّومِ بِدعَةُ بَني اُمَيَّةَ ، ولَيسَ ذلِكَ مِن أصلِ الأَذانِ ، ولا بَأسَ إذا أرادَ الرَّجُلُ أَن يُنَبِّهُ النّاسَ لِلصَّلاةِ أن يُنادِيَ بِذلِكَ ، ولا تَجعَلَهُ مِن أصلِ الأَذانِ ، فَإِنّا لا نَراهُ أذانا . ۲
على أنّه يمكن الجمع بين هذه الرواية والروايات والأقوال الّتي نسبت مبدأ التثويب إلى عمر بن الخطّاب ، باعتبار أنّ التثويب أمر به عمر أو أقرّه في وسط الأذان أو بعده مدّةً من الزمن ، ثمّ بعد ذلك اعتبره بدعةً فتركه ، ويؤيّد ذلك ما تقدّم عن ابن جُريج . وفي زمان حكومة معاوية أصبح التثويب جزءا من أذان الصبح بشكل رسميّ ، ولا سيّما بعد رؤيا عبد اللّه بن زيد المتضمّنة للتثويب .
وممّا تقدّم يتّضح لنا لماذا لم يقبل فقهاء الشيعة ومحدّثوها بعض الروايات الّتي تُجيز التثويب ، والتي اعتبروها مطعونة من حيث صدورها أو دلالتها .

الثاني : الحيعلة في الأذان والإقامة

إنّ أتباع أهل البيت يعتبرون جملة «حَيَّ على خَيرِ العَمَل» جزءا من الأذان والإقامة ، وذلك على ضوء ما ورد عن أهل البيت عليهم السلام في كون جزئيّة الحيعلة تلقّاها الرسول الأكرم صلى الله عليه و آله من الوحي الإلهيّ ، ويؤيّد ذلك بعض الروايات الواردة حول الأذان الأوّل لبلال في عهد رسول اللّه صلى الله عليه و آله في مصادر حديث أهل السنّة ۳ ، وهو أيضا

1.. راجع : الإنصاف في مسائل دام فيها الخلاف : ص ۱۵۹ (كلمات الأعلام في التثويب) .

2.. الاُصول الستّة عشر : ص ۲۰۵ ح ۱۸۸ .

3.. راجع : المعجم الكبير : ج ۱ ص ۳۵۲ ح ۱۰۷۱ و كنز العمّال : ج ۸ ص ۳۴۲ ح ۲۳۱۷۴ .

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    المسعودي، عبدالهادي؛ الطباطبائي، محمد کاظم؛ الأفقي، رسول؛ الموسوي، رسول
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 283455
الصفحه من 671
طباعه  ارسل الي