533
موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج1

برواية مطرف بن المغيرة بن شعبة ، قال :
جاءَ [ المُغيرَةُ] ذاتَ لَيلَةٍ فَأَمسَكَ عَنِ العَشاءِ ، فَرَأيتُهُ مُغتَمّا ، فَانتَظَرتُهُ ساعَةً ، وظَنَنتُ أنَهُ لِشَيءٍ حَدَثَ فينا أو في عَمَلِنا . فَقُلتُ لَهُ : ما لي أراكَ مُغتَمّا مُنذُ اللَّيلَةِ؟ قالَ : يا بُنَيَّ ، إنّي جِئتُ مِن عِندِ أخبَثِ النّاسِ ! قُلتُ لَهُ : وما ذاكَ؟ قالَ : قُلتُ لَهُ [ أي لِمُعاوِيَةَ] وقَد خَلَوتُ بِهِ: إنَّكَ قَد بَلَغتَ مِنّا يا أميرَ المُؤمِنينَ ، فَلَو أظهَرتَ عَدلاً ، وبَسَطتَ خَيرا ، فَإِنَّكَ قَد كَبِرتَ ، ولَو نَظَرتَ إلى إخوَتِكَ مِن بَني هاشِمٍ ، فَوَصَلتَ أرحامَهُم ، فَوَاللّهِ ما عِندَهُمُ اليَومَ شَيءٌ تَخافُهُ . فَقالَ لي: هَيهاتَ ، هَيهاتَ! مَلَكَ أخو تَيمٍ فَعَدَلَ وفَعَلَ ما فَعَلَ ، فَوَاللّهِ ما عَدا أن هَلَكَ فَهَلَكَ ذِكرُهُ ، إلّا أن يَقولَ قائِلٌ : أبوبَكرٍ . ثُمَّ مَلَكَ أخو عَدِيٍّ ، فَاجتَهَدَ و شَمَّرَ عَشرَ سِنينَ ، فَوَاللّهِ ما عَدا أن هَلَكَ فَهَلَكَ ذِكرُهُ ، إلّا أن يَقولَ قائِلٌ : عُمَرُ . ثُمَّ مَلَكَ أخونا عُثمانُ ، فَمَلَكَ رَجُلٌ لَم يَكُن أحَدٌ في مِثلِ نَسَبِهِ ، فَعَمِلَ ما عَمِلَ وعُمِلَ بِهِ ، فَوَاللّهِ ما عَدا أن هَلَكَ فَهَلَكَ ذِكرُهُ ، وذِكرُ ما فُعِلَ بِهِ . وإنَّ أخا هاشِمٍ يُصرَخُ بِهِ في كُلِّ يَومٍ خَمسَ مَرّاتٍ : أشهَدُ أنَّ مُحَمَّدا رَسولُ اللّهِ ، فَأَيُّ عَمَلٍ يَبقى مَعَ هذا؟ لا اُمّ لَكَ ! وَاللّهِ إلّا دَفنا دَفنا! . ۱
وممّا يمكن أن يؤيّد هذا التحليل ، هو أنّ موقف أهل البيت عليهم السلام تجاه الروايات التي تعتبر بدء تشريع الأذان هو رؤيا عبد اللّه بن زيد ، كان بعد استقرار حكومة معاوية ، فلو كان هناك أدنى ذكر لمثل هذه الشائعة المهينة للنبيّ صلى الله عليه و آله قبل هذا التّاريخ أو في حياة أمير المؤمنين عليه السلام ، فإنّه ـ بلا ريب ـ سيتّخذ منها موقفا حاسما ، لكنّ أوّل موقف يسجّله التّاريخ لأهل البيت عليهم السلام تجاه هذه الشائعة ، هو للإمام الحسن المجتبى عليه السلام بعد الصلح مع معاوية .

1.. مروج الذهب: ج ۴ ص ۴۱ ، الأخبار الموفّقيّات: ص ۵۷۶ ح ۳۷۵ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج ۵ ص ۱۲۹ ؛ كشف اليقين : ص ۴۶۶ ح ۵۶۵ ، كشف الغمّة : ج ۲ ص ۴۴ كلّها نحوه ، بحار الأنوار : ج ۳۳ ص ۱۶۹ ح ۴۴۳ .


موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج1
532

واجتماعيّ في غاية الأهميّة ، وهذا الشعار هو ليس فقط لتوفير الأرضيّة المناسبة لاستمرار سيادة الإسلام في المجتمعات الإسلاميّة ، وإقراره القيم الدينيّة الفاضلة فيها ، بل يمكن أن يؤدّي إلى انتقال تلك القيم إلى سائر المجتمعات الاُخرى . ومن هنا نلاحظ أنّ التيّارات السياسيّة التي ترى أنّ سيادة الإسلام الأصيل تتعارض مع مصالحها ، لا تتفاعل مع هذا الشعار .
ويبدو أنّ وضع حديث عبد اللّه بن زيد من قبل الحزب الاُمويّ وفي عصر سلطة معاوية المطلقة ، كان لغرض حذف شعار الأذان السياسيّ والاجتماعيّ أو تحريفهِ ، لأنّه إذا كان مصدر تشريع الأذان مستمدّا من رؤيا يراها عامّة الناس ، فإنّ الّذي يدّعي خلافة النبيّ صلى الله عليه و آله ـ بل خلافة اللّه تعالى في الأرض ـ يمكن تغيير خلافته حسب الرغبة برؤيا اُخرى ، أو حذفها بشكلٍ تامّ !
ولتوضيح هذا المطلب نقول : إنّ كلّ من اطّلع على تاريخ الإسلام ، يعلم أنّ الحزب الاُمويّ كان مخالفا للإسلام منذ فجره الأوّل ، ولم يتوافق في أيّ وقت مع هذا النظام الإلهيّ ، ومع أنّه لم يستطع أن يعلن مخالفته حينما قوي أمر الإسلام ، لكنّه أضمر العداء وأسرّ الكفر ، فوقف في أوّل فرصة سانحة بوجه النظام الإسلاميّ الأصيل بقيادة إمام المتّقين وأمير المؤمنين عليّ عليه السلام ، فأصبح مانعا أمام سموّ هذا النظام الإلهيّ وتألُّقهِ ؛ ذلك لأنّه وجد أسباب القوّة ، كالمقام والمال والأعوان ، قال أمير المؤمنين عليه السلام :
ما أسلَموا ولكِنِ استَسلَموا ، وأسَرُّوا الكُفرَ ، فَلَمّا وَجَدوا أعوانا عَلَيهِ أظهَروهُ. ۱
ولدينا شاهد تأريخيّ يرويه المغيرة بن شعبة ، وهو صديق حميم لمعاوية ، يتحدّث فيه عن اجتماعٍ خاصّ وسرّي بمعاوية ، وهو يعكس مدى مخالفة معاوية للأذان ، وعدائه لشعار الإسلام العباديّ السياسيّ ، وفيما يلي نصّ هذا الشاهد التأريخيّ

1.. نهج البلاغة : الكتاب ۱۶ .

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    المسعودي، عبدالهادي؛ الطباطبائي، محمد کاظم؛ الأفقي، رسول؛ الموسوي، رسول
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 285004
الصفحه من 671
طباعه  ارسل الي