305
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج6

نظرة إلى التغيّرات الطارئة على الشعر الحسيني ۱

يعتبر الأدب والفنّ وخاصّة الشعر من العوامل المهمّة لتخليد الأفكار والثقافات ونشرها. وبما أنّ الشعر يستعين بالمشاعر و العواطف ويثير الإحساس بالجمال لدى الإنسان من جانب ، ويستخدم اللغة السائدة في الغالب من جانب آخر، فإنّ له دورا هامّا في تخليد الثقافة ونشرها.وقد تمتّعت حادثة عاشوراء ـ والتي تمثّل ذروة الفكر والثقافة والتطلّعات الإنسانيّة السامية ـ على مرّ التاريخ بهذه العوامل ، فقد صاغ الشعراء هذه الحادثة في قالب الشعر من حين وقوعها ، فأوّل من صاغها هم المجاهدون من شهداء كربلاء وذويهم ، ذلك لأنّنا لا يمكن أن نتجاهل أراجيز يوم عاشوراء باعتبارها جزءاً من الشعر الحسينيّ ، كما لا يمكن تغافل أشعار اُمّهات الشهداء و زوجاتهم وذويهم الآخرين ، فإنّه قسم آخر من الشعر الحسينيّ . ومنذ ذلك الحين وحتّى اليوم اهتمّ الشعراء من أبناء العربيّة وغيرها وخاصّة الفارسيّة في جميع العصور بهذه الحادثة العظيمة ، رغم أنّ هذا الاهتمام لم يكن على وتيرة واحدة ، بل مرّ ببعض المنعطفات أحيانا، وسما أحيانا اُخرى، كما أنّ وجهات النظر كانت مختلفة تماماً .وقد استقصى مؤلّف كتاب أدب الطفّ، أكثر من 500 شاعرٍ عربيٍّ نظم الشعر حول الإمام الحسين عليه السلام وعاشوراء منذ وقوع هذه الحادثة الأليمة وحتّى بداية القرن الخامس عشر ۲ . كما ذكر مؤلّف كتاب دانشنامه شعر عاشورائي (موسوعة شعر عاشوراء) 340 شاعراً فارسيّا . ۳ ولا يمكننا ادّعاء أنّ هذه الإحصاءات تعكس كلّ ما حدث، بل يمكن القول إنّها مرآةً تعكس إلى حدٍّ ما اهتمام الشعراء بهذا الموضوع ، علما أنّ تاريخ الشعر العربيّ في هذا المجال يمتدّ إلى أربعة عشر قرناً ، في حين يبلغ عمر الشعر الفارسي في هذا المجال عشرة قرون . وكلّ ذلك يدلّ على اهتمام شعراء المسلمين الكبير بهذا الحدث الكبير ، بل سيأتي أنّ علماء كبارا أيضا قد أبدوا اهتمامهم في هذا المجال . ۴
وسنحاول في هذا البحث إلقاء نظرة عامّة على الشعر الحسينيّ في هذه القرون الأربعة عشر، ونشير إشارات عابرة إلى ما مرّ به من مدّ وجزر ؛ كي يكون بحثنا هذا مدخلاً للانتفاع بالأشعار التي أدرجناها في هذا الباب من الكتاب .
وإذا ما غضضنا الطرف عن القوالب والمذاهب والفنون الشعريّة، فإنّ المفاهيم الخمسة التالية تشكّل مضامين الأشعار الحسينيّة :
1 . إظهار الندم من قبل المسببّين لهذه الحادثة .
2 . الرثاء وذكر مصائب كربلاء .
3 . ذكر مناقب وفضائل شهداء وأسرى كربلاء .
4 . لعن المسبّبين لحادثة كربلاء والطلب بالثأر منهم .
5 . تبيان تعاليم ثورة عاشوراء .
عرضت هذه المفاهيم ضمن قوالب مختلفة خلال العصور المختلفة ، ولكن ما يطالعنا في أشعار جميع تلك العصور هو الرثاء وذكر المصائب؛ لكنّها غالبا ذُكرت بلسان الحال لا طبقا للنصوص التاريخية، وأمّا المفاهيم الاُخرى فقد اختلفت بين مدٍّ وجزر على مرّ العصور .
وبما أنّ الشعر العربيّ والفارسيّ يختلفان عن بعضهما البعض بدايةً ومضمونا ومقدارا ، وكذلك التغيّرات الطارئة على مرّ التاريخ ، فسوف نقوم بدراسة كلّ منهما بشكل مستقلّ ، وسنحاول أن نستعرض تغيّرات كلّ منهما بشكل إجماليّ ، ومن خلال تسليط الضوء على خصائص كلّ عصر .
ونبدأ حديثنا بالشعر العربي ثمّ نعقبه بالشعر الفارسي .

1.كتب هذا التحليل سماحة الفاضل الشيخ مهدي المهريزي .

2.راجع : أدب الطف أو شعراء الحسين عليه السلام ، جواد شبّر. جدير بالذكر أنّ محمّد صادق الكرباسي خصّ عددا في مجلّدات كتابه «دائرة المعارف الحسينية» لهذا الموضوع .

3.راجع : دانش نامة شعر عاشورايي (بالفارسية)، ج ۲، مرضية محمّد زاده.

4.ننوّه هنا إلى أنّ كتباً اُخرى اُلّفت في العصر الحاضر تجمع في طياتها الشعر العربي الحسيني، نظير : ۱. إمام حسين در شعر معاصر عربي، (بالفارسية) إنسية خزعلي ، جامعة أمير كبير . ۲. عاشوراء في الأدب العربي المعاصر، حسن نور الدين، الدار الإسلامية، ۱۹۸۸ م .


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج6
304
  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج6
    سایر پدیدآورندگان :
    المساعدون : الطباطبائي نژاد،سيد محمود؛ السيّد طبائي،سيد روح الله
    تاریخ انتشار :
    1390
عدد المشاهدين : 199339
الصفحه من 430
طباعه  ارسل الي