127
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج6

الكذب في قراءة المراثي في العصور السابقة

يمكن القول بأنّ آفة الكذب دخلت ساحة قراءة المراثي منذ تأليف كتاب روضة الشهداء ؛ أي حوالي سنة 900 للهجرة، واتّسعت رقعة هذه الآفة تدريجيّاً بحيث إنّ المحدّث النوري شعر بخطر انتشار هذه الآفة في أوائل القرن الرابع عشر، ممّا دعاه إلى تأليف كتابه اللؤلؤ والمرجان ۱ باقتراح من أحد علماء الهند، حيث يبيّن في بدايته الدافع الذي دفعه لتأليف الكتاب قائلاً :إنّ سماحة العالم العامل الجليل الفاضل الكامل.. السيّد محمد مرتضى الجونبوري الهندي أيّده اللّه تعالى شكا لي كراراً ـ من الهند ـ القرّاء ومنشدي المراثي في تلك البلاد، حيث يجرؤون على الكذب ، ويصرّون على نشر الأكاذيب والأباطيل ، بل إنّهم كادوا أن يُجوّزوها ويعتبروها مباحة وخارجة عن دائرة العصيان والقبح لأنّها سببٌ لإبكاء المؤمنين!وقد أمرني بكتابة شيء في هذا المجال على سبيل الموعظة والجدال بالتي هي أحسن ، علّها تؤدّي إلى تنبيههم وكفّهم عن هذه القبائح. ويبدو أنّ سماحته يظنّ أنّ المدن المقدّسة في العراق وإيران آمنةٌ من هذه المصيبة وأنّها غير ملوّثة بالكذب والافتراء ، وأنّ هذا الفساد في الدين منحصر في تلك البلاد، غافلاً عن أنّ نشر الخراب تمتدّ جذوره في مركز العلم وحوزة أهل الشرع في العتبات المشرّفة ، فلو أنّ أهل العلم لم يتسامحوا في ذلك وميّزوا الصحيح من السقيم والصدق من الكذب في كلام هذه الطائفة ، ونهوا هؤلاء عن قول الأكاذيب ، لما بلغ الفساد هذا المبلغ! ۲ ويقول المحدّث النوري في موضعٍ آخر من كتاب اللؤلؤ و المرجان :
إنّ سكوت المتمكّنين يؤدّي إلى تجرّؤ وعدم مبالاة هذه الطائفة العديمة الإنصاف، حتّى في المراقد الشريفة ، وخاصّة مشهد سيّد الشهداء أرواحنا وأرواح العالمين له الفداء .. ، فإنّهم يعمدون في غالب الأوقات ـ وخاصّة في الأسحار التي هي أوقات البكاء والاستغفار ـ إلى أنواع الأكاذيب العجيبة ، وأحيانا الألحان المطربة ، ليلقوا بأجواء قاتمة على ذلك الحرم النوراني . ۳

1.يقول الاُستاذ المطهّري حول هذا الكتاب: رغم أنّه كتاب صغير، إلّا أنّه ممتاز للغاية.. وأنا لا أتصوّر أنّ هناك كتاباً فصّل القول حول الكذب وأنواعه كما نرى في هذا الكتاب ، وربّما لا يوجد لهذا الكتاب نظير في العالم (حماسة حسيني «بالفارسيّة» : ج ۱ ص ۱۹).

2.لؤلؤ ومرجان (بالفارسيّة) : ص ۴.

3.المصدر السابق : ص ۳۲۱.


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج6
126

5 . الكذب

يعدّ الكذب على اللّه ورسوله وأهل البيت عليهم السلام من أقبح الكذب وأخطره ، ۱ حيث يعتبر من الكبائر ويؤدّي إلى بطلان الصوم . ۲
إنّ قُرّاء المراثي الحسينيّة الذين ينسبون كلاماً مّا إلى اللّه أو إلى أهل البيت عليهم السلام دون الاستناد إلى حجّة شرعية، لا يعدّون من خدام الإمام الحسين عليه السلام وذاكريه فحسب ، بل عليهم أن يعلموا بأنّ عملهم كبيرة من الكبائر.ومن الصعب على الكثير من الناس أن يصدّقوا هذه الحقيقة ، وهي أنّ بعض قرّاء المراثي يسردون مصائب كاذبة! إلّا أنّه يجب الاعتراف ـ وبكلّ أسف ـ بهذه الحقيقة المرّة ، بل ينبغي البكاء على هذه المصيبة الكبرى التي ابتُلي بها تاريخ عاشوراء أكثر من مصيبة عاشوراء نفسها؛ ذلك لأنّ هذه المصيبة توجب تضييع النهضة الحسينية المقدّسة!ولإيضاح هذا الإجمال يمكنكم الرجوع إلى كتاب اللؤلؤ والمرجان الذي ألّفه المحدّث النوري في عام (1319 هـ . ق) ، وكتاب الملحمة الحسينية للاُستاذ الشهيد المطهّري، وسنُلقي فيما يلي نظرة سريعة إلى هذين الكتابين من هذا المنظار .

1.راجع : كتاب اللؤلؤ والمرجان «المقام الرابع» للتعرّف على أقسام الكذب.

2.راجع : الكافي : ج ۲ ص ۳۴۰ ح ۹ .

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج6
    سایر پدیدآورندگان :
    المساعدون : الطباطبائي نژاد،سيد محمود؛ السيّد طبائي،سيد روح الله
    تاریخ انتشار :
    1390
عدد المشاهدين : 199438
الصفحه من 430
طباعه  ارسل الي