91
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج1

التاريخيّة في مسيرة رواية ملحمة كربلاء .
وقد تعرّف باحثو هذه الموسوعة على بعض هذه الكتب من خلال دراسة مئات الروايات والتتبّع التدريجيّ لمصادر كلٍّ من هذه النقول ، ونوّهوا إلى تركيبتها ونقاط ضعفها . إلّا أنّ هذا لا يعني أنّ جميع معلومات هذه الكتب خاطئة ومحرّفة ، فقد نقلت في هذه الكتب روايات معتبرة من المصادر القديمة والأصليّة للتاريخ والسيرة . وإنّما المراد أنّ الكثير من الروايات غير الصحيحة أو الفاقدة للمصدر والسند التاريخي هي مذكورة في هذه الكتب . حيث إنّ البعض منها لا يتلائم مع السيرة السلوكيّة للإمام الحسين عليه السلام وأهل بيته الأطهار وإن احتمل وجود بعض النقول في المصادر التي لم تصلنا ، ولذلك فإنّ معلومات هذا النوع من الكتب لا يمكن الاستناد إليها دون تقييمها . وهذه الكتب هي عبارة عن :

1 . مقتل الحسين عليه السلام المنسوب إلى أبي مخنف

أبو مخنف ، لوط بن يحيى بن سعيد ، (ت 158 هـ . ق) ، من المؤرّخين الموثوق بهم ، ومن أصحاب الإمام الصادق عليه السلام ، وكان على الأرجح شيعيّاً ، وهو معتمد من قبل مؤرّخي الفريقين ، ولذلك فقد نقل العديد من المؤرّخين وكتّاب السيرة ممّا رواه حول ثورة الإمام الحسين عليه السلام . ويمكن أن نذكر من جملتهم محمّد بن عمر الواقديّ (ت 207 هـ . ق) ، وابن قتيبة (ت 276 هـ . ق) في كتابه الإمامة والسياسة ، ومحمّد بن جرير الطبريّ (ت 310 هـ . ق) في تاريخه ، وابن عبد ربّه المتوفّى سنة (328 هـ . ق) في العقد الفريد ، وعليّ بن الحسين المسعودي (ت 345 هـ . ق) في مروج الذهب وأخبار الزمان ، والشيخ المفيد (ت 413 هـ . ق) في الإرشاد وكذلك في النصرة في حرب البصرة ، والشهرستاني (ت 548 هـ . ق) في الملل والنحل ، والخوارزمي (ت 568 هـ . ق) في مقتل الحسين عليه السلام ، وابن عساكر (ت 571 هـ . ق) في تاريخ دمشق ، ۱ وابن الأثير (630 هـ . ق) في الكامل ،

1.. لا ينقل ابن عساكر عن أبي مخنف إلّا قليلاً ، ولكنّه يصرّح في باب التعريف بزينب بنت الإمام ? الحسين عليه السلام أنّه قرأ كتاب أبي مخنف (تاريخ دمشق : ج ۶۹ ص ۱۶۸ ) .


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج1
90

أن يعتمدوا على الروايات الشفويّة أيضا، والتي سمعوها من هنا وهناك ، أو من بعض الخطباء وقرّاء المراثي ، وأن يذكروا في كتبهم إضافات لا تنسجم مع حادثة عاشوراء وتتعارض مع أهدافها ، فضلاً عن اعتمادهم على الكتب المتدنّية المستوى ، أو المجهولة ، أو حتّى المنتحلة .
نعم، وجود بعض الأرضيّات وعدّة من العوامل أسهم في تكريس هذه الظاهرة ، ومن جملتها ظهور اُسلوب نسج القصص وتقديم القراءة الشيّقة التي تتّخذ من السامع محوراً لها ، وهو الاُسلوب الذي ظهر على أساس نزعة الإنسان الطبيعيّة إلى الحكاية والنقل الشيّق للأحداث ، ونزعة الناس الفطريّة إلى تكريم أبطالهم ورفع مستواهم البطوليّ . بل حدا بالبعض إلى الإعراض عن الآيات والروايات الرادعة عن الكذب وانتحال مصطلح «لسان الحال» ، بل إنّهم أجازوا الكذب في بعض النماذج !
وبتسرّب هذه اللغة الخياليّة والعاطفيّة والقصصيّة إلى المنابر ، تكون دورة النقل الشفويّ إلى النقل التحريريّ قد اُكملَت ؛ حيث نَفَذَ ماكان قد انتُحل وقرئ باعتباره رثاء أو نياحة ، ونَقل حكايةٍ بهدف إثارة المشاعر ـ بمرور الزمان ـ إلى الكتب ، وتحوّل ـ للبعض ـ إلى سند تاريخي صالح للاعتماد ؛ اُولئك الذين لا يميّزون بين المصادر القديمة القريبة من حادثة عاشوراء وبين الكتب التي اُلّفت بعد قرون منها !
كلّ ذلك بالإضافة إلى الأخطاء الطبيعيّة التي تقع في نقل الأحداث التاريخيّة ، مثل: خطأ الذاكرة في النقل الشفويّ ، وخطأ العين عند الكتابة ، والذي يحدث عند كتابة المخطوطات وقراءتها ، خاصّة إذا كانت المخطوطة كثيرة الخطأ أو سيّئة الخطّ .
وما يبعث على الأمل لدى الباحثين هو وجود الشكل الهرميّ لهذه الظاهرة غير المباركة ؛ بمعنى أنّه على الرغم من أنّ عدد الكتب الحاليّة التي تتضمّن مواضيع يختلط فيها الصحيح والخاطئ يبدو كبيراً ، إلّا أنّ تتبّع مسيرة نقلها من شأنه أن يوصل الباحث إلى عدد قليل من المصادر التي كانت الأساس في دخول هذا الأدب الخياليّ والفاقد للخلفيّة

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    المساعدون : الطباطبائي نژاد،سيد محمود؛ السيّد طبائي،سيد روح الله
    تاریخ انتشار :
    1389
عدد المشاهدين : 248705
الصفحه من 426
طباعه  ارسل الي