بسميع سمعا موجودا في الخارج، وعليه فقس.
(مُخْتَلِفَةٍ) أي متغايرة بالذات وحقيقةً، لا متغيّرة بالاعتبار حتّى يُقال: إنّكم أيضا قائلون بالمعاني الكثيرة؛ لأنّ ذات القديم تعالى من حيث إنّه عالم غير ذاته من حيث إنّه قادر وهو معنى.
(قَالَ: قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، يَزْعُمُ) أي يدّعي (قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ أَنَّهُ يَسْمَعُ بِغَيْرِ الَّذِي يُبْصِرُ، وَيُبْصِرُ بِغَيْرِ الَّذِي يَسْمَعُ؟) يعني ما به يسمع وما به يبصر موجودان في الخارج في نفسهما، وهما متغايران.
(قَالَ: فَقَالَ: كَذَبُوا) في زَعمهم (وَأَلْحَدُوا) أي مالوا عن الحقّ في صفاته تعالى، إشارة إلى قوله تعالى: «وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ»۱ .
(وَشَبَّهُوا ) أي شبّهوه بخلقه.
(تَعَالَى اللّهُ عَنْ ذلِكَ؛ إِنَّهُ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ، يَسْمَعُ بِمَا يُبْصِرُ، وَيُبْصِرُ بِمَا يَسْمَعُ) أي بنفس ذاته.
(قَالَ: قُلْتُ: يَزْعُمُونَ أَنَّهُ بَصِيرٌ عَلى) ؛ بنائيّة أو نهجيّة.
(مَا يَعْقِلُونَهُ؟) ؛ بالمهملة والقاف.
توهّم السائل من قوله عليه السلام : «وشبّهوا» أنّ مراده التشبيه في الجسميّة والعين والاُذن، فقال: ليس مرادهم بما به يبصر العينَ، وبما به يسمع الاُذنَ حتّى يلزم تشبيه، بل مرادهم أمرٌ يعقلونه، فإنّهم يقولون: إنّ ما نعقله من مفهوم البصر ليس مفهوما اعتباريّا، بل هو موجود في الخارج في نفسه، وهو قائم به بدون آلة وجارحة، وكذا السمع.
(قَالَ: فَقَالَ: تَعَالَى اللّهُ) أي هذا أيضا تشبيه ومرادي بالتشبيه هذا.
(إِنَّمَا يُعْقَلُ مَا كَانَ بِصِفَةِ الْمَخْلُوقِ) . دليل على بطلان زعمهم، وحاصله أنّ البصر الذي يعقلونه مخلوق، فإنّه لا يعقل إلّا ما كان مخلوقا، فلزم التشبيه أي اتّصافه تعالى بالحوادث كخلقه، كما سيجيء في سادس «باب جوامع التوحيد».