205
الشّافي في شرح أصول الكافي 2

هو المنشئ» إلى آخره. والفعلان بصيغة المضارع المعلوم من باب الإفعال، أي لو أشبهه شيء في التجرّد ونفوذ الإرادة، لأمكن أن يكون فارقا شريكا للّه ، فلا يصحّ الحصر.
وفيه دلالة على عدم مجرّد سوى اللّه ، ولو أشبه هو شيئا في الجسميّة لكان منشأ مفروقا، لا فارقا.
السابع: (مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللّهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْعَبَّاسِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ الْحَمَّانِيِّ) . منسوبٌ إلى حمّان ـ بفتح المهملة وشدّ الميم والنون ـ اسم رجل. وقيل في ترجمة يحيى بن عبد الحميد: الحمّاني بكسر المهملة ۱ .
(قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي الْحَسَنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ عليهماالسلام: إِنَّ هِشَامَ بْنَ الْحَكَمِ زَعَمَ) أي ادّعى وقتا ما قبل وصوله إلى مجلس أبي عبداللّه عليه السلام ، ولو كان المراد بقاءَه عليه لكان القدح راجعا إلى الحسن؛ لأنّه نسب إليه ما ليس فيه، واتّقاه الإمام، أو لنحو ذلك.
(أَنَّ اللّهَ تَعَالى۲جِسْمٌ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، عَالِمٌ، سَمِيعٌ ، بَصِيرٌ، قَادِرٌ، مُتَكَلِّمٌ، نَاطِقٌ) أي باللسان، فهو أخصّ من المتكلّم.
(وَالْكَلَامُ وَالْقُدْرَةُ وَالْعِلْمُ يَجْرِي مَجْرى وَاحِدٍ، لَيْسَ شَيْءٌ مِنْهَا مَخْلُوقا. فَقَالَ عليه السلام : قَاتَلَهُ اللّهُ ) . قد يُراد بهذا «عاداه» أو «لعنه». وقد يُراد به التعجّب من الشيء، كقولهم: تَرِبَت يداه ۳ . ولا يُراد به حينئذٍ وقوع الأمر. والمراد به هنا الأخير. وإن اُريد أحد الأوّلين، فضمير «قاتله» راجع إلى القائل بهذا القول حين هو قائل به، لا مطلقا. و«فاعَلَ» يكون بين اثنين في الغالب، وقد يكون للواحد ك«سافرت» و«طارقت».

1.في حاشية «أ» : «القائل ميرزا محمّد في باب الكنى (منه دام ظله)» .

2.في الكافي المطبوع : - «تعالى» .

3.قال ابن الأثير في النهاية ، ج ۱ ، ص ۱۸۴ : «عليك بذات الدين تربت يداك قرب الرجل إذا افتقر ، أي لصق بالتراب . وأترب : إذا استغنى . وهذه الكلمة جارية على ألسنة العرب لا يريدون بها الدعاء على المخاطب ولا وقوع الأمر به كما يقولون : قاتله اللّه . وقيل : معناها : للّه درك . وقيل : أراد به المثل ليري المأمور بذلك الجدّ ، وإنّه إن خالفه فقد أساء» .


الشّافي في شرح أصول الكافي 2
204

(وَإِذَا احْتَمَلَ الزِّيَادَةَ وَالنُّقْصَانَ، كَانَ مَخْلُوقا) أي كان تعيين هذا القدر دون قدر آخر مع احتمال الطبيعة المشتركة لكلّ منهما مستندا إلى خارجٍ عن هذا الجسم مدبّرٍ؛ لأنّه لا يمكن أن يكون ذلك مستندا إلى الطبيعة؛ لما مرّ من اشتراكها ۱ بين الجميع، ولا إلى موجبٍ آخَرَ؛ لتشابه المقادير في تمام المهيّة.
(قَالَ: قُلْتُ: فَمَا أَقُولُ؟ قَالَ: لَا جِسْمٌ) أي لا هو جسم، كما مضى في شرح أوّل الباب.
(وَلَا صُورَةٌ، وَهُوَ مُجَسِّمُ الْأَجْسَامِ، وَمُصَوِّرُ الصُّوَرِ ، لَمْ يَتَجَزَّأْ) أي غير منقسم، لا في وجود، ولا في عقل، ولا في وهم؛ لما مرّ آنفا من أنّ المخلوقيّة لازمة للقسمة.
(وَلَمْ يَتَنَاهَ،وَلَمْ يَتَزَايَدْ، وَلَمْ يَتَنَاقَصْ، لَوْ كَانَ كَمَا تَقُولُونَ) ؛ بصفة الخطاب أو الغيبة.
(لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الْخَالِقِ وَالْمَخْلُوقِ فَرْقٌ) أي كان الخالق مخلوقا.
(وَلَا بَيْنَ الْمُنْشِئِ وَالْمُنْشَأ أي كان المنشئ منشأ. وإنّما ذكر ذلك لأنّ الخالق بحسب المفهوم أعمّ من المنشئ؛ لأنّ الخالق المدبّر، والمنشئ المحدث.
(لكِنْ هُوَ الْمُنْشِئُ) أي ليس غيره منشئَ جسم، وفاعلاً بلا علاج.
(فَرَّقَ) ؛ بصيغة الماضي المعلوم من باب نصر، والجملة استئناف بياني.
(بَيْنَ مَنْ جَسَّمَهُ) بأن جعل بعضه صغيرا وبعضه أصغر، وبعضه كبيرا وبعضه أكبر.
واختار لفظة «من» على ۲ «ما» لأجل أنّهم جعلوه ۳ جسما عالما، فأفاد أنّه الفارق بين الأجسام العالمة، وفيه دلالة على نفي تجرّد النفس الناطقة.
(وَصَوَّرَهُ) أي جعل بعضه على صورة حسنة، وبعضه على صورة شوهاء، ويقال: إنّ الأرواح على صور الأبدان، فتسمّى حين المفارقة أبدانا مثاليّة ۴ .
(وَأَنْشَأَهُ) أي جعل إنشاء بعضه مقدّما، وبعضه مؤخّرا.
(إِذْ كَانَ لَا يُشْبِهُهُ شَيْءٌ، وَلَا يُشْبِهُ هُوَ شَيْئا) . ظرف للحصر المفهوم من قوله: «لكن

1.في «ج» : «اشتراكهما» .

2.في «ج» : + «بعضه» .

3.في «ج» : «جعلوا» .

4.اُنظر عمدة القاري ، ج ۱۹ ، ص ۳۳ ذيل الآية : «وَ يَسْئلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ» .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي 2
    المساعدون :
    الدرایتي، محمد حسین
    المجلدات :
    2
    الناشر :
    دار الحدیث
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1430ق / 1388 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 62856
الصفحه من 584
طباعه  ارسل الي