منتخبات نسمات الأسحار - الصفحه 227

[وقال] عليه الصلاة والسلام: بُعثتُ بخراب الدنيا، ولم اُبعث بعمارتها.
[وقال أبو] سعيد بن عبد الرحمن: إنّما عُمرت الدنيا لقلة عقول أهلها ۱ ودار [ظ ]الدنيا دار خراب، وأخرب منها قلب يعمرها؛ والآخرة دار بقاء، وأعمر منها قلب يطلبها [ظ] ، فلننهى عنه [!] المبالغة في توسعة البنيان فوق الحاجة مع التعلق بزخارفها وتأنّقها والإسراف في ذلك تكبّراً وتيهاً، وأما إذا خلا عن ذلك وكان من مال حلال منعَم به عليه فلا بأس؛ لأنه مباح.
روى الطبراني ۲ عن سيف اللّه ! ۳ أبي سليمان خالد بن الوليد قال: شكيت إلى رسول اللّه صلى الله عليه و آله الضيق في مسكني، فقال: ارفع البنيان إلى السماء، واسأل اللّه السعة، أي اطلبْ منه تعالى أن يوسّع عليك.
وقوله «ارفع البنيان ۴ إلى السماء» يعني إلى جهة العلوّ والصعود كقولك في الجبل «طويل في السماء» تريد ارتفاعه وشماخه؛ كما ذكر ذلك عن الزمخشري، قال العارف المناوي ۵ : وفيه إلماح بكراهة ضيق المنزل، ومن ثمّ قال الحكيم: «المنازل الضيقة العمى الأصغر»، لكن لا يبالغ في السعة، بل يقتصر على ما لابدّ منه ممّا يليق به وبعياله؛ لخبر: كلُّ بناء وبال على صاحبه يوم القيامة إلّا ما لابدّ منه، انتهى.
لأنّ المبالغة في سعة المساكن والملابس والمآكل والملاذّ يَنشأ عنها حبّ الدنيا والخلود فيها وكراهة لقاء اللّه وطول الحساب وعدم التلذّذ بجنة المآب «أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَـتِكُمْ فِى حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا» الفانية الآئلة إلى الزوال والخراب بما استمتعتم به من البنيان واللباس والطعام والشراب . (ه : وإن هذا يشير إليه تعالى في نص الكتاب ه ) .
(ه : تنبيه مهم يفيد ما ذكرته:

1.إحياء علوم الدين ، ج ۴ ، ص ۶۶۱ .

2.في المعجم الكبير، ج ۴، ص ۱۱۷، رقم ۳۸۴۲ و ۳۸۴۳.

3.كيف يكون سيف اللّه وقد كان يبغض عليّاً وعمّاراً وغيرهما وقد قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : يا عليّ، لا يحبُّك إلّا مؤمن، ولا يبغضك إلّا منافق. انظر : المعجم الكبير ، ترجمة خالد وغيره.

4.لفظ «البنيان» غير موجود في المعجم الكبير ، قال المناوي: [كذا] في خط المصنف [أي السيوطي]. لكن لفظ رواية الطبراني في ما وقفت عليه من نسخ المعجم الكبير : ارفع يديك إلى السماء.

5.الفيض القدير، ج ۱، ص ۴۷۶، ذيل الحديث ۹۴۹. وهكذا ما قبله.

الصفحه من 302