شرح حديث زينب عطاره - الصفحه 420

المعروفة المذكورة في تجوهر قوامه وتقوّم مقامه إنّما هو بعينه افتقار كليّة عالم الخلق من الدرّة إلى الذرّة ومن الذرّة إلى الدرّة الّذي هو عرش اللّه الّذي قال سبحانه «وكان عرشه على الماء»۱ إلى هذه الأركان والأنوار العرشية في تقوّمه وقوامه .
وأمّا ذلك الجزء الآخر الخارج عن قوام عالم الخلق بما هو خلق والمحجوب عنهم من حيث هم خلق اللّه هو خارج عن هذه الأركان العرشية وفائق عليها ، وهي الماء الكائن عرشه عليه وكلمة ۲ اللّه التامة الجامعة المسمّاة بالحقيقة المحمّدية ، فهو عالم الحق والأمر الّذي خلق منه عالم الخلق ويندكّ عالم الخلق من حيث هو خلق ، ويكون مستهلكا فيه ومضمحلّاً عنده ، كما يندكّ ويضمحلّ إنيّة الحمد في الماء المحيط المحيل لإنيّته وأنانيته إلى نفسه ، وفي هذه الاستحالة والإحالة سرّ حجبه عنهم؛ فإنّه لو كشفت سبحات وجهه ـ جل جلاله ـ لأحرقت واحترقت سماوات الروحانيات بأرض الجسمانيات كلّها ، وما بقيت لها عين ولا أثر ؛ كما ورد في صريح الخبر ، فذلك الأمر الإلهي مع كونه إبداعا لكليّة عالم الخلق وإنشاءً وإيجادا / الف 64 / لها يكون إعداما وإفناءً لها من جهة واحدة ؛ كيف لا !؟ وهو شأنه تعالى وشأنه ـ جلّ وعلا ـ يجمع بين الأضداد من جهة واحدة كما مرّ غير مرّة .
وبالجملة فلمّا كان ذلك الجزء الآخر الأمري خارجا عن قوام الخلق غير داخل في القوام الخلقي حجب واحتجب عنهم وارتفع مقامه عن أن يتقوّم به قوام عالم الخلق تقوّما ركنيا ، وتمنع مكانه عن أن يتجوهر العالم به تجوهرا تركيبيا ، كيف وهو صنعه وشأنه تعالى شأنه عن أن يتركّب منه الأشياء ويصير جزءا من أجزائها!؟ فمَن جزّأهُ فقد قرنه ، ومن قرنه فقد خلّى منه ۳ ولم يخلُ منه مكان طرفة عين أبدا «ألا إنّه بكل شيء محيط»۴ والإحاطة هي مقام صنعه وشأنه تعالى شأنه ، ورحمته التي وسعت كلّ شيء .

1.سورة هود ، الآية ۷ .

2.م : كلمات .

3.اقتباس من نهج البلاغة الخطبة ۱ : ومن قرنه فقد ثنّاه ومن ثنّاه فقد جزّأه... فقد أخلى منه .

4.سورة فصلت ، الآية ۵۴ .

الصفحه من 442