كانوا يبذلون على الدوام كلَّ ما باستطاعتهم من جهد للحفاظ على كيان الشيعة خاصّة، وأنّ بغداد كانت حينذاك من كبريات الحواضر العلميّة في العالم الإسلامي.
أجل ، لقد وظّف علماء الشيعة - رغم أنّه لم تتوفّر لهم الحرّيّة التي كانت متوفّرة لعلماء السُنّة ـ كلّ ما لديهم من طاقات لغرس ونشر تعاليم مدرسة أهل البيت عليهم السلام ، وذاقوا كثيراً من الآلام والعناء في سبيل الحفاظ على التراث الحديثي للمعصومين، وأوضحُ شاهد على هذا الكلام هو ما لقيه محمّد بن أبي عمير من سجن وتعذيب في هذا العهد.
***
وفي هذا العهد أيضاً أدّى فسح المجال أمام كتابة الحديث وحرّيّة تدوينه، إلى تدوين كتب عديدة عند الشيعة وعند السُنّة على حدٍّ سواء.
وبادر الكثير من تلاميذ الإمام الرضا عليه السلام إلى تدوين كتب موضوعيّة، وهي ما يمكن اعتبارها «المجاميع الحديثيّة الأوّليّة للإماميّة» والتي أُدرجت لاحقاً في الكتب الأَربَعة على نحو أكثر تناسقاً وانسجاماً.
فمن الكُتّاب والمحدّثين الشيعة الكبار الذين جمعوا في عهد الحُسَين بن سعيد كتباً متعدّدة من أحاديث أهل البيت، يمكن أن نذكر كُلاًّ من: الحسن بن سعيد، والحسن بن عليّ بن زياد الوشّاء، والحسن بن عليّ بن فضّال، والحسن بن محبوب، وحمّاد بن عيسى، وداود بن النعمان، وصفوان بن يحيى، والعبّاس بن هاشم، وعثمان بن سعيد، وعليّ بن مهزيار، ومحمّد بن أبي عمير، ومحمّد بن سنان، وموسى بن القاسم بن معاوية، ويونس بن عبدالرحمن، وغيرهم.
1 / 5 . الحواضر العلميّة
كان من أهمّ الحواضر العلميّة في عهد الحُسَين بن سعيد، بغداد، والمدينة، والكوفة، والبصرة، وقمّ، ونيسابور. وكان هناك في معظم هذه الحواضر شيعة ينهضون بنشر