مَعَهُ» ليدلّل بوضوح على أنّ إطاعة عليّ إطاعة للّه وللرسول ، واتّباع للحقّ والقرآن ، وأنّ عليّا «محور» في القيادة والسياسة ، وهو «سفينة النجاة» إذا ارتطمت ـ بالاُمّة ـ الأمواج ، وأحاطت بها الحركات العاتية ، حيث يقول صلى الله عليه و آله : «مَثَلُ عَلِيٍّ في هذِهِ الاُمَّةِ كَمَثَلِ الكَعبَةِ» . وقوله صلى الله عليه و آله : «يا عَلِيُّ مَثَلُكَ في اُمَّتي كَمَثَلِ سَفينَةِ نوحٍ مَن رَكِبَها نَجا ومَن تَخَلَّفَ عَنها غَرِقَ» .
لقد تواترت الأحاديث النبويّة التي تؤكّد لزوم حبّ عليّ ، وتعدّ حبّه «حبّ اللّه » و«حبّ رسول اللّه » ، وتنظر إلى حبّ أمير المؤمنين كـ «فريضة» و «عبادة» ، بل تخطّت مدلولات الحديث النبوي ذلك كلّه ، وهي تسجّل أنّ حبّ عليٍّ هو من دين اللّه بالصميم ؛ تداخل مع أصله وامتزج بأساسه ، حيث قال صلى الله عليه و آله : «لا يُحِبُّهُ إلّا مُؤمِنٌ ولا يُبغِضُهُ إلّا مُنافِقٌ ، وحُبُّهُ إيمانٌ وبُغضُهُ كُفرٌ» .
وقال : «مَن أحَبَّ عَلِيّا فَقَدِ اهتَدى» .
وفي المقابل ارتبط بغض عليّ بالكفر ، حيث عدّ النبيّ مبغضيه منافقي الاُمّة ، وعدّ أعداءه ومناوئيه أعداءً للّه وللرسول .
لقد جاء ذلك كلّه من أجل فتح جبهة مترامية الأطراف تمتدّ بامتداد التاريخ نفسه ، لتجعل من عليّ بؤرةً يرتبط بها أهل الحقّ بحزامٍ وثيقٍ وتدع مواضع المناوئين لعليّ ومخالفيه تتواصل مع خنادق الظلمة وأهل الباطل ؛ لتشقّ الطريق في نهاية المآل إلى حركة سياسيّة مستقبليّة قويمة ، من أجل سياسة الغد ومرحلة ما بعد النبيّ الأكرم صلى الله عليه و آله .
لقد بلغ رسول اللّه صلى الله عليه و آله بهذا الجهد المستقبلي الصادح بالحقّ ، ذروته في واقعة «غدير خم» ، عندما أعلى عليّا أمام الاُلوف وعلى رؤوس الأشهاد قائدا للمستقبل ، بصراحة ومن دون لبس ، في مشهدٍ أخّاذ لا يُمحى عن الذاكرة ، ممّا ستأتي تفاصيله