719
منتخب موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام

مَعَهُ» ليدلّل بوضوح على أنّ إطاعة عليّ إطاعة للّه وللرسول ، واتّباع للحقّ والقرآن ، وأنّ عليّا «محور» في القيادة والسياسة ، وهو «سفينة النجاة» إذا ارتطمت ـ بالاُمّة ـ الأمواج ، وأحاطت بها الحركات العاتية ، حيث يقول صلى الله عليه و آله : «مَثَلُ عَلِيٍّ في هذِهِ الاُمَّةِ كَمَثَلِ الكَعبَةِ» . وقوله صلى الله عليه و آله : «يا عَلِيُّ مَثَلُكَ في اُمَّتي كَمَثَلِ سَفينَةِ نوحٍ مَن رَكِبَها نَجا ومَن تَخَلَّفَ عَنها غَرِقَ» .
لقد تواترت الأحاديث النبويّة التي تؤكّد لزوم حبّ عليّ ، وتعدّ حبّه «حبّ اللّه » و«حبّ رسول اللّه » ، وتنظر إلى حبّ أمير المؤمنين كـ «فريضة» و «عبادة» ، بل تخطّت مدلولات الحديث النبوي ذلك كلّه ، وهي تسجّل أنّ حبّ عليٍّ هو من دين اللّه بالصميم ؛ تداخل مع أصله وامتزج بأساسه ، حيث قال صلى الله عليه و آله : «لا يُحِبُّهُ إلّا مُؤمِنٌ ولا يُبغِضُهُ إلّا مُنافِقٌ ، وحُبُّهُ إيمانٌ وبُغضُهُ كُفرٌ» .
وقال : «مَن أحَبَّ عَلِيّا فَقَدِ اهتَدى» .
وفي المقابل ارتبط بغض عليّ بالكفر ، حيث عدّ النبيّ مبغضيه منافقي الاُمّة ، وعدّ أعداءه ومناوئيه أعداءً للّه وللرسول .
لقد جاء ذلك كلّه من أجل فتح جبهة مترامية الأطراف تمتدّ بامتداد التاريخ نفسه ، لتجعل من عليّ بؤرةً يرتبط بها أهل الحقّ بحزامٍ وثيقٍ وتدع مواضع المناوئين لعليّ ومخالفيه تتواصل مع خنادق الظلمة وأهل الباطل ؛ لتشقّ الطريق في نهاية المآل إلى حركة سياسيّة مستقبليّة قويمة ، من أجل سياسة الغد ومرحلة ما بعد النبيّ الأكرم صلى الله عليه و آله .
لقد بلغ رسول اللّه صلى الله عليه و آله بهذا الجهد المستقبلي الصادح بالحقّ ، ذروته في واقعة «غدير خم» ، عندما أعلى عليّا أمام الاُلوف وعلى رؤوس الأشهاد قائدا للمستقبل ، بصراحة ومن دون لبس ، في مشهدٍ أخّاذ لا يُمحى عن الذاكرة ، ممّا ستأتي تفاصيله


منتخب موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام
718

ز ـ عليٌّ عليه السلام من حيث السياسة

من خلال التأمّل بما جاء عن النبيّ حيال عليّ ، بإلقاء الأضواء على الكيفيّة التي صدر بها ذلك ، ثُمّ بتفحّص الأجواء التي انطلقت فيها تلك الحقائق ، والأرضيّة التي تحرّكت عليها الخطابات النبويّة فيما أعلنت من مناقب ومكرمات علويّة ؛ لا يبقى ثَمَّ شكّ بأنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله كان بصدد بيان الموقع الرفيع لقيادة المستقبل، وتحديد المسار إلى أفضل إنسان يتسنّم هذا الموقع، والمصداق الإلهي الوحيد لهذا العنوان .
على هذا الضوء خطّ رسول اللّه ـ للاُمّة والرسالة ـ قيادة الغد وسياسة المستقبل ، بحيث راح يكتب جميع ما قاله على هذا الصعيد وجها آخر عبر هذه الرؤية . بيدَ أنّ ما يعنينا التركيز عليه في هذا المجال ، هو تلك العناوين والأحاديث التي تمسّ هذه الحقيقة عن كثب وتتّصل بها على نحو أوثق .
لقد سجّل رسول اللّه صلى الله عليه و آله للإمام عليّ موقع الأب في بيان طبيعة صلته بالاُمّة ، وهو يقول : «حَقُّ عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ عَلى هذِهِ الاُمَّةِ كَحَقِّ الوالِدِ عَلى وَلدِهِ» .
وها هو ذا النبيّ الأكرم يطلق على عليّ لقب «سيّد العرب» و «سيّد المسلمين» و «سيّد الدنيا والآخرة» ، حيث تكتسب هذه الألقاب إيحاءات خاصّة بلحاظ ما لـ «السيادة» من معنى .
كما كان من بين ما نَحلَه به من ألقاب اُخر تبعث على الفخر وصْفه له بـ «حجّة اللّه » و «صاحب السرّ» و «الوزير» و «الوصيّ» و «الخليفة» . أمّا تعبيره عنه بأنّ حزبه حزب اللّه ، و «عَلِيٌّ مِنّي وأنَا مِنهُ» فيحمل دلالات مكثّفة على ما نحن فيه ومعاني خاصّة تدلّ عليه ، بالأخصّ قوله : «عَلِيٌّ مِنّي وأنَا مِنهُ» و «لَحمُهُ لَحمي ودَمُهُ دَمي» بلحاظ ما تحمله هذه الألفاظ من مدلولات في إطار ذلك العصر وثقافته .
ثمّ يجيء قول النبيّ : «عَلِيٌّ مَعَ الحَقِّ وَالحَقُّ مَعَ عَلِيٍّ» و «عَلِيٌّ مَعَ القُرآنِ وَالقُرآنُ

  • نام منبع :
    منتخب موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام
    المساعدون :
    غلامعلي، مهدي
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دار الحديث
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1388
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 278588
الصفحه من 987
طباعه  ارسل الي