93
الفوائد الرجاليّة

كما لا يخفى .
والثاني : أنّ المراد منها ما ذكرنا ، لكن بتفاوت جعل الصحيح عبارةً عن المعنى المصطلح بين المتأخّرين كما هو ظاهر ما نقلناه عن محكيّ المنتقى ۱ .
ووهنه غير خفيٍّ ، فإنّا نرى بالوجدان أنّ جملة من هؤلاء وممّن وقع بعدهم في السند من المقدوحين مضافاً إلى أنّ ذلك الإصطلاح متأخّر عن هذه العبارة بسنين فكيف يحمل عليه؟!
الثالث : أن يراد بها توثيق الشخص الذي قيل في حقّه ذلك فقط بالتوثيق المصطلح كما هو ظاهر ما نسبه في التعليقة إلى القيل ؛ ۲ فإنّك قد عرفت أنّ الثقة في اصطلاحهم ـ كما استظهرناه ـ عبارة عن العدل الإمامي .
وبهذا الوجه يظهر الفرق بين هذا القول وقولِ بحر العلوم وإن أشرنا سابقاً إلى اتّحادهما ، فلا تغفُل .
وضعف هذا الإحتمال واضح ؛ فإنّ هذا المعنى ممّا لا يكاد يُفهم من هذه العبارة إلاّ التزاماً . ولو كان الغرض إفادةَ ذلك المدلول الإلتزامي ، لم يكن للتأدية بهذه العبارة وجه ؛ لكونه تطويلاً بلا طائل مع كونه مُوقِعاً في خلاف المقصود ؛ لما عرفت من ظهور العبارة في الإعتماد على جميع رواياته مطلقاً . سلّمنا ، لكن استفادة العدالة بالمعنى الأخصّ منها واضحة الفساد .
وأمّا الإعتراض عليه بأنّه ليس في التعبير بها لتلك الجماعة دون غيرهم ممّن لا خلاف في عدالته فائدة ، فمدفوع بأنّ انعقاد الإجماع على وثاقة هؤلاء لا ينافي انعقاده على وثاقة غيرهم ؛ ويرشد إليه تعبير الكشّي في العبارة بكلمة «من» المفيدة لكون هؤلاء من المعدودين من أصحاب الإجماع . ولا حاجة في دفعه

1.منتقى الجمان ۱ : ۴ .

2.فوائد الوحيد البهبهاني : ۲۹ .


الفوائد الرجاليّة
92

معروفِ الإنتساب إلى أحد الجماعة الذين أجمعوا على تصحيح ما يصحّ عنهم .
وقال ـ بعد الأمر بالتدبّر ـ : لكنّ هذا الإجماع وجوب اتّباعه كالذي بالمعنى المصطلح ؛ لكونه مجرّدَ وفاق غير ثابت . ۱
ولذا قال : «الإنصاف أنّ مثل هذا الصحيح ليس في القوّة كسائر الصحاح بل أضعف من كثير من الحسان» . ۲
وأنت خبير بأنّه يكفي على مذهب من يرى التوثيق من باب الظنون الإجتهاديّة ـ لحصول الظنّ بصدق الخبر في قوّة الإجماع المنقول ـ عدمُ معارض له ، فضلاً عمّا إذا ادّعى مثل صاحب الرواشح ما سمعت ، ولاسيّما إذا اعتضد بتصريح غير واحد من العلماء بما سمعت .
ثمّ إنّ اعتبار ذلك الإتّفاق كما أشرنا إليه ليس من باب كون محلّه من الرواية المصطلحة بل لأجل حصول الظنّ الذي لا ريب في حصوله من مجرّد الإتّفاق ، فلا وَقْع لما جعله مقتضى الإنصاف .
ثمّ إنّه لا وَقْع أيضاً للمناقشة على ذلك المعنى الذي حكمنا بظهوره من اللفظ بأنّ الرواية المشتملة على الطبقات الكثيرة منحلّة إلى روايات متعدّدة بعدد الرواة .
وقد عرفت أنّ الصحيح قد يلاحظ بالنسبة إلى راوٍ معيّنٍ ، فمقتضى العبارة انعقاد الإجماع على صحّة رواية أصحاب الإجماع عمّن يروون عنه ، وأمّا حال المرويّ عنه ونفسُ الحديث فبعدُ غير معلوم ؛ وذلك لأنّ العبارة التي مقتضاها ذلك قولهم : إنّ فلاناً روى في الصحيح عن فلان ، لا مثل تلك العبارة التي من الظهور فيما ذكرنا كالنار على عَلَم .
وأمّا الإستشهادات التي تمسّك بها في منتهى المقال فغير خالية عن الكلام

1.منتهى المقال ۱ : ۵۹ و۵۸ .

2.المصدر ۱ : ۵۸ .

  • نام منبع :
    الفوائد الرجاليّة
    المساعدون :
    رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1424ق / 1382ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 54939
الصفحه من 271
طباعه  ارسل الي