209
الفوائد الرجاليّة

فلمّا خرج ، قال المهديّ : أشهد أنّ قفاه قفا كذّابٍ على رسول اللّه ؛ ما قال صلى الله عليه و آله : جناح ، ولكن هذا أراد أن يتقرّب إلينا ، وأمر بذَبْحها ، وقال : أنا حملته على ذلك . ۱
ومنهم : قوم من يرتزق به كما اتّفق لأحمد بن يحيى بن مَعِين في مسجد الرصافة . ۲
وأعظمهم ضرراً مَن انتسب منهم إلى الزهد بغير علم ، فزعم أنّه وضعه حِسْبَةً للّه تعالى وتقرّباً إليه ؛ ليجذب به قلوب الناس إلى اللّه بالترهيب والترغيب . فقبل الناس موضوعاتِهم ثقةً بهم ؛ لظاهر حالهم بالصلاح والزهد .
ويكشف عن ذلك ما روى ابن حيّان عن ابن مهديّ ، قال : قلت لميسرة بن عبد ربّه : من أين جئت بهذه الأحاديث : مَن قرأ كذا فله كذا ؟ فقال : وضعتها أُرغّب الناس فيها . ۳
وعن مؤمّل بن إسماعيل ، قال : حدّثني شيخ بفضائل سور القرآن سورة سورة . فقلت له : مَن حدّثك ؟ فقال : حدّثني رجل بالمدائن وهو حيّ ، فسرت إليه ، فقلت : مَن حدّثك ؟ فقال : حدّثني شيخ بواسط وهو حيّ ، فسرت إليه ، فقال : حدّثني شيخ بالبصرة ، فسرت إليه ، فقال : حدّثني شيخ بعبّادان ، فسرت إليه ، فأخذ بيدي فأدخلني بيتاً فإذا فيه قوم من المتصوّفة ومعهم شيخ ، فقال : هذا الشيخ حدّثني ، فقلت : يا شيخ ، مَن حدّثك ؟ فقال : لم يحدّثني أحد ، ولكنّا رأينا الناس قد رغبوا عن القرآن فوضعت لهم هذا الحديث ليصرفوا قلوبهم إلى القرآن . ۴ وكلّ من أودع هذه الأحاديثَ في تفسيره كالواحدي والثعلبي والزمخشري فقد أخطأ في ذلك .

1.الرعاية في علم الدراية : ۱۵۴ .

2.شرح الألفية للسيوطي : ۸۷ ـ ۸۸ .

3.الموضوعات ۱ : ۲۴۱ ؛ الرعاية في علم الدراية : ۱۵۷ .

4.الموضوعات ۱ : ۲۴۱ .


الفوائد الرجاليّة
208

يحيى ، وقد يقع ذلك القلب من العلماء بعضهم ببعض ؛ لامتحان الحفظ والضبط كما نقل اتّفاق ذلك لبعض العلماء ببغدادَ . ۱
ومنها : الموضوع ، وهو ما اختلقه وصنعه راويه لا مطلقُ حديث الكذوب ؛ فإنّ الكذوب قد يصدق .
وهو شرّ أقسام الضعيف ، ولا يحلّ روايته للعالم به إلاّ مبيّناً لحاله ، بخلاف غيره من الضعيف المحتمل للصدق .

[ كيفيّة التعرّف على الموضوع ]

ويُعرف الموضوع بإقرار واضعه ، بمعنى أنّه يُحكم عليه حينئذٍ بما يحكم على الموضوع في نفس الأمر ؛ لجواز كذبه في إقراره ، ففي مرحلة الظاهر يُحكم عليه بإقراره كما في المقرّ بالقتل والزنى ونحوهما ؛ فتدبّر ؛ وبركاكة ألفاظه ، وإنّما يقوم بالمعرفة من هذه الجهة مَن يكون اطّلاعه تامّاً ، وذهنه ثاقباً ، وفهمه على القرائن الدالّة على ذلك قويّاً ؛ وبالوقوف على غلطه ووضعه من غير تعمّد كما حكي وقوعه لثابت بن موسى الزاهد في حديث : «من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار » فقيل : كان شيخ يحدّث في جماعة فدخل رجل حَسَنُ الوجه ، فقال الشيخ في أثناء حديثه : من كثرت صلاته إلخ ، فوقع لثابت بن موسى أنّه من الحديث فرواه . ۲
والواضعون أصناف :
منهم : من قصد به التقرّبَ إلى الملوك كما في غياث بن إبراهيم حين دخل على المهديّ بن منصور ، وكان يُعجبه الحمام الطّيّارة ، فروى عن النبيّ صلى الله عليه و آلهأنّه قال : لا سبق إلاّ في خفّ ، أو حافر أو نصل ، أو جناح ، فأمر له بعشْرة آلاف درهم ،

1.تهذيب الأحكام ۱ : ۳۸۵ / ۸ .

2.الرعاية في علم الدراية : ۱۵۲ و۱۵۳ .

  • نام منبع :
    الفوائد الرجاليّة
    المساعدون :
    رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1424ق / 1382ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 54930
الصفحه من 271
طباعه  ارسل الي