353
الحاشية علی اصول الكافي (العاملي)

تعالى ، وتعلُّق علمه تعالى بفعل العبد ليس يوجب وجوده عنه لا باختياره ؛ إذ علمه به ليس إلاّ أنّ هذا الأمر يفعله العباد باختياره وإرادته ، غاية الأمر أنّ علمه تعالى يكون موافقاً للأمر في نفسه وهو لا يوجب شيئاً على عبده .
وأمّا الإعلام فليس إلاّ إظهار هذا الأمر والإخبار عنه .
ومن البيّن أنّ هذا لا يوجب وجوده ولا امتناع عدمه . يرشدك إلى ذلك ما قاله عليه السلام في جواب السائل : «ويحك! ظننت قضاءً لازماً وقدراً حتماً ، ولو كان ذلك كذلك ، لبطل الثواب والعقاب ، وسقط ۱ الوعد والوعيد والأمر والنهي ، ولم يأت بذمّه من اللّه لمذنب ، ولا محمدة لمحسن [ ولم يكن المحسن أولى بالمدح ] من المسيء ، ولا المسيء أولى بالذمّ من المحسن »... الحديث ۲ .

[ باب في أنّه لا يكون شيء في السماء والأرض إلاّ بسبعة ]

قال عليه السلام : وإذْن . [ ص۱۴۹ ح۱ ]
أقول : الإذن له معانٍ ، والمراد هاهنا عدم إحداثه تعالى المانع العقلي عن فعل العبد وتركه في وقتهما كفعل الضدّ وإعدام العبد ونحوهما ممّا ينافي قدرة العبد مع علمه تعالى بأنّه إذا لم يقع الإحداث عنه تعالى حينئذٍ يصدر الفعل والترك عن العبد حينئذٍ باختياره ، ومع قدرته تعالى على الإحداث حينئذٍ ، وقد يجعل المانع في حدّ الإذن في غير هذا الموضع أعمّ من المانع العقلي والمانع العلمي هو ما يعلم تعالى معه عدم فعل العبد وتركه .
قال عليه السلام : وكتاب . [ ص۱۴۹ ح۱ ]
أقول : لعلّ المراد به وجوب خلق كلّ كائن عليه تعالى عقلاً ، إمّا خلق تقدير كما في أفعال العباد ، وهو ممّا نحن فيه ، وإمّا خلق تكوين أو إبداع كما في أفعاله تعالى ، وهو

1.في المصدر : «سقط» .

2.الطرائف ، ج۲ ، ص ۳۲۶ ؛ الأمالي لسيّد المرتضى ، ج۱ ، ص۱۰۵ ، المجلس ۱۰ ؛ رسائل الشريف المرتضى ، ج۲ ، ص۲۴۱ . ولاحظ : نهج البلاغة ، ص۴۸۲ الخطبة ۷۸ .


الحاشية علی اصول الكافي (العاملي)
352

التوبة : « وَلَوْ أَرَادُواْ الْخُرُوجَ لأََعَدُّواْ لَهُ عُدَّةً وَلَـكِن كَرِهَ اللَّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُواْ مَعَ الْقَـعِدِينَ »۱ .
ثمّ لا يخفى أنّ إطلاق المشيّة في المعاصي بمعنى النهي عنها ما جاء في كلام العرب؛ ويمكن أن يقال : المشيّة للّه تعالى بالذات يتعلّق غيره بالخيرات وبالعرض ، ومن حيث إنّه لازم لها كما تقرّر في الحكمة . وأمّا الإرادة فإرادة عزم واختيار أيضاً ، ويعبّر عنها في الأحاديث بالإتمام على المشيّة ، وبالعزيمة على ما يشاء وبالثبوت عليه أي الحدّ فيه والمراد بالقدر والقضاء ما ذكره أميرالمؤمنين عليه السلام في حديث طويل رواه أصبغ بن نباتة بقوله الشريف «هو الأمر من اللّه والحكم» ثمّ تلا قوله تعالى : « وَ قَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ »۲ .
والظاهر من حمله ذلك الحديث اُمور : منها : أنّ أفعال العباد بقدرتهم واختيارهم ، فلا يكون معنى القضاء والقدر الثابتين له تعالى نظراً إلى أعمالنا خلق أعمالنا ؛ إذ هي إنّما تصدر عنّا باختيارنا وإرادتنا بل المراد بهما الإعلام والكتابة كما ينبئ عنه قوله تعالى : « وَ قَضَيْنَآ إِلَى بَنِى إِسْرَ ءِيلَ فِى الْكِتَـبِ لَتُفْسِدُنَّ فِى الْأَرْضِ »۳ وقوله : « إِلاَّ امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَـهَا مِنَ الْغَـبِرِينَ »۴ أي علمناه وكتبناه في اللوح ، فهذا يشمل كلّ ما في السماء والأرض ، فلو كان معنى قضائه وقدره خلقها لا يكون أفعالنا بقضائه وقدره .
ومنها : أنّ معنى القضاء هو الأمر والحكم .
ومنها : أنّ قضاءه تعالى عبارة عن علمه الأقدس ، وهو لا يستدعي أن لا يكون للعبد إرادة واختيار في فعله .
والسرّ فيه أنّ القضاء عبارة عن الكتابة والإعلام ، والأوّل منهما يرجع إلى علمه

1.التوبة (۹) : ۴۶ .

2.الطرائف ، ج۲ ، ص۳۲۷ . وفي التوحيد ، ص۳۸۲ ، ح۲۸ ، عن ابن عبّاس . والآية في سورة الإسراء (۱۷) : ۲۳ .

3.الإسراء (۱۷) : ۴ .

4.النمل (۲۷) : ۵۷ .

  • نام منبع :
    الحاشية علی اصول الكافي (العاملي)
    المساعدون :
    الجليلي، نعمة الله؛ مهدي زاده، مسلم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 42282
الصفحه من 476
طباعه  ارسل الي