29
مكاتيب الأئمة ج5

أَوَّلُ الدِّيانَةِ مَعرِفَتُهُ ، وَ كَمَالُ المَعرِفَةِ تَوحيدُهُ ، وَ كَمَالُ التَّوحيدِ نَفيُ الصِّفاتِ عَنهُ ، لِشَهادَةِ كُلِّ صِفَةٍ أَنَّها غَيرُ المَوصوفِ ، وَ شَهادَةِ المَوصوفِ أَنَّهُ غَيرُ الصِّفَةِ ، وَ شَهادَتِهِما جَمِيعا عَلى أَنفُسِهِما بِالبَيِّنَةِ المُمتَنِعِ مِنها الأَزَلُ ، فَمَن وَصَفَ اللّهَ فَقَد حَدَّهُ ، وَ مَنَ حَدَّهُ فَقَد عَدَّهُ ، وَ مَن عَدَّهُ فَقَد أَبطَلَ أَزَلَهُ ، وَ مَن قالَ : كَيف فَقَدِ استوصَفَهُ ، وَ مَن قالَ : عَلى مَ فَقَد حَمَلَهُ ، وَ مَن قالَ : أَينَ فَقَد أَخلى مِنهُ ، وَ مَن قالَ : إلى مَ فَقَد وَقَّتَهُ ، عالِمٌ إِذ لا مَعلومَ ، وَ خالِقٌ إذ لا مَخلوقَ ، وَ رَبٌّ إِذ لا مَربوبَ ، وَ إِلهٌ إِذ لا مَألوهَ ، وَ كَذلِكَ يُوصَفُ رَبُّنا ، وَ هوَ فَوقَ ما يَصِفُهُ الواصِفونَ. ۱

6

إملاؤه عليه السلام إلى أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي

في المشيئة والإرادة

0.في عيون أخبار الرّضا عليه السلام : حدّثنا أبي رضى الله عنه و محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضى الله عنه ، قالا : حدّثنا سعد بن عبد اللّه ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطيّ 2 ، عن أبي الحسن الرّضا عليه السلام ، قال : قلت له : إنّ أصحابنا

1.التوحيد : ص۵۶ ح۱۴ ، بحار الأنوار : ج۴ ص۲۸۴ ح۱۷ .

2.أحمد بن محمّد بن عمرو بن أبي نصر زيد ، مولى السّكون أبو جعفر ، قيل : أبو عليّ المعروف بالبزنطيّ ، كوفيّ ثقة جليل القدر ، لقي الرّضا و أبا جعفر عليهماالسلام ، و كان عظيم المنزلة عندهما . و له كتب . ومات أحمد بن محمّد سنة إحدى و عشرين و مئتين بعد وفاة الحسن بن عليّ بن فضّال بثمانية أشهر ،ذكر محمّد بن عيسى بن عبيد أنّه سمع منه سنة عشرة ومئتين ( راجع : رجال النجاشي : ص۷۵ الرقم۱۸۰ ، الفهرست للطوسي : ص۶۱ الرقم ۶۳ ، رجال الطوسي : ص۳۳۲ الرقم۴۹۵۴ وص ۳۵۱ الرقم ۵۱۹۶ وص ۳۷۳ الرقم ۵۵۱۸ ، رجال البرقي : ص۵۴ . وقال الشيخ في كتاب الغيبة في عنوان الواقفة : كان واقفا ، ثمّ رجع لمّا ظهر من المعجزات على يد الرّضا عليه السلام الدالّة على صحّة إمامته ، فالتزم الحجّة ، وقال بإمامته وإمامة من بعده من ولده . وقال فيه أيضا : إنّه من آل مهران الّذين يقولون بالوقف ، وكان على رأيهم ( راجع : الغيبة للطوسي : ص۷۱ ح۷۵ ) . وعدّ في جملة من أجمع أصحابنا على تصحيح ما يصحّ عن هؤلاء و تصديقهم ، و أقرّوا لهم بالفقه والعلم ، بل هو أفقه منهم ( راجع : رجال الكشّي : ج۲ ص۸۳۰ الرقم ۱۰۵۰ ) .


مكاتيب الأئمة ج5
28

إلى أبي الحسن الرّضا عليه السلام أسأله عن شيء من التّوحيد ؟
فكتب إليَّ بخطّه ـ قال جعفر : و إنّ فتحا أخرج إليَّ الكتاب فقرأته بخطّ أبي الحسن عليه السلام ـ :بِسمِ اللّهِ الرَّحمنِ الرَّحيم
الحَمدُ للّهِ المُلهِمِ عِبادَهُ الحَمدَ ، وَ فاطِرِهِم عَلى مَعرِفَةِ رُبوبِيَّتِهِ ، الدَّالِّ عَلى وُجودِهِ بِخَلقِهِ ، وَ بِحُدُوثِ خَلقِهِ عَلى أَزَلِهِ ، وَ بِأَشباهِهِم عَلى أَلّا شِبهَ لَهُ ، المستَشهِدِ آياتِهِ عَلى قُدرَتِهِ ، المُمتَنِعِ مِنَ الصِّفاتِ 1 ذاتُهُ ، وَ مِنَ الأَبصارِ رُؤيَتُهُ ، وَ مِنَ الأَوهامِ الإِحاطَةُ بِهِ ، لا أَمَدَ لِكَونِهِ ، وَ لا غايَةَ لِبَقائِه ، لا يَشمُلُهُ المَشاعِرُ وَ لا يَحجُبُه الحِجابُ ، فَالحِجابُ بَينَهُ وَ بَينَ خَلقِهِ ، لامتِناعِهِ مِمَّا يُمكِنُ في ذَواتِهِم ، وَ لإِمكانَ ذَواتِهِم مِمِّا يَمتَنِعُ مِنهُ ذاتُهُ ، وَ لافتِراقِ الصَّانِعِ و المَصنوعِ ، وَ الرَّبِّ و المَربوبِ ، وَ الحادِّ و المَحدودِ ، أَحدٌ لا بِتَأويلِ عَدَدٍ ، الخالِقُ لا بِمَعنى حَرَكَةٍ ، السَّميعُ لا بِأَداةٍ ، البَصيرُ لا بِتَفريقِ آلَةٍ ، الشَّاهِدُ لا بِمُماسَّةٍ ، البائِنُ لا بِبَراحِ 2 مَسافَةٍ ، الباطِنُ لا بِاجتِنانٍ 3 ، الظَّاهِرُ لا بمُحاذٍ ، الّذي قَد حَسَرَت دونَ كُنهِهِ نَواقِدُ الأَبصارِ ، وَ امتَنَعَ وُجودُهُ جَوائِلَ الأَوهامِ .

1.أي : من الوصف .

2.البراح ـ بالفتح ـ : المتّسع من الأرض لا زرع فيها ولا شجر ؛ أي : بائنٌ عن خلقه لا ببعده عنهم بالمسافة ( راجع : مجمع البحرين : ج ۱ ص ۱۷۹ ) .

3.الاجتنان : الستر (النهاية : ج ۱ ص ۲۹۶) .

  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمة ج5
    المساعدون :
    الفرجي، مجتبی
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحديث
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1387
    الطبعة :
    الاولى
عدد المشاهدين : 111923
الصفحه من 464
طباعه  ارسل الي