115
منتخب نهج الذكر

والصفات والأفعال ، ولا شك في أن وجود جميع الكمالات فيه ـ سبحانه ـ راجع إلى تنزيهه من جميع النقائص .
على هذا ، فإنّ التحميد هو في الحقيقة نوع من التسبيح ، باختلاف في جهة واحدة وهي أنّ التسبيح ثناء على اللّه بصفات الجلال والتحميد ، ثناء عليه بصفات الجمال ، واقتران التسبيح بالتحميد ، يعني الثناء على اللّه ـ تعالى ـ بصفات الجلال والجمال معا .
بعبارة اُخرى ، فإنّ التحميد ملازم للتسبيح كما أنّ الصفات الثبوتية للحق ـ تعالى ـ تستلزم صفاته السلبية وبذلك يتم اقتران تنزيه اللّه ـ تعالى ـ من جميع النقائص ووصفه بجميع الكمالات ، من خلال اقتران التحميد بالتسبيح .
الملاحظة الأخرى هي أنّ التحميد ليس بمفرده نوعا خاصّا من التسبيح ، بل إنّ التهليل والتكبير نوعان من التسبيح أيضا ، لأنّ التهليل هو تنزيه الخالق ـ سبحانه ـ من الشرك ، والتكبير تنزيهه من وصف الجاهلين وتحديدهم له ، لذلك فقد سأل الإمام الصادق عليه السلام الشخص الذي كبّر في حضوره عليه السلام قائلاً : اللّهُ أكبَرُ مِن أيِّ شَيءٍ؟
فأجاب ذلك الشخص بقوله : من كلّ شيء .
فقال الإمام : حَدَّدتَهُ .
فقال الرجل : فكيف أقول؟
فقال الإمام : قُل : اللّهُ أكبَرُ مِن أن يوصَفَ . ۱
وعلى هذا ، فإنّ جذور التحميد والتهليل والتكبير تمتد في التسبيح ، ورغم أنّ هذه الأذكار مختلفة من حيث المفهوم ولكنّها تتمتع بالوحدة في المصداق ، لذلك يطلق على هذه الأذكار الأربعة في الصلاة مصطلح «التسبيحات الأربعة» ۲ ، كما يسمى «التكبير» و«التحميد» بالتسبيح في تسبيح فاطمة الزهراء عليهاالسلام . ۳

1.الكافي : ج ۱ ص ۱۱۷ ح ۸ ، التوحيد : ص ۳۱۳ ح ۱ ، بحار الأنوار : ج ۸۴ ص ۳۶۶ ح ۲۰ .

2.راجع : ص ۱۳۲ (التسبيحات الأربعة) .

3.راجع : ص ۱۳۶ (تسبيح فاطمة عليهاالسلام) .


منتخب نهج الذكر
114

حينما ينطق بالتسبيح .

سرّ التلازم بين «التسبيح» و«التحميد»

من خلال التأمّل في المفهوم الحقيقي ل «التسبيح» يتضح لنا سر التلازم بين هذا الذكر وذكر «التحميد» في القرآن ۱ والأدعية الشريفة ولماذا تأتي الملائكة بحمد اللّه مع تسبيحه :
«وَ تَرَى الْمَلَئِكَةَ حَآفِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ» . ۲
ويأمر اللّه ـ تعالى ـ النبيّ صلى الله عليه و آله قائلاً :
«وَ سَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِىِّ وَ الْاءِبْكَـرِ» . ۳
ويقول أيضا :
«وَ سَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ» . ۴
كما ذكر القرآن بشأن ذكر «الرعد» :
«وَ يُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ» . ۵
بل إنّ كل الأشياء في عالم الخلق تحمد اللّه ـ تعالى ـ إلى جانب تسبيحه :
«وَ إِن مِّن شَىْ ءٍ إِلَا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَ لَـكِن لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ» . ۶
وتوضيح ذلك أن التسبيح هو تنزيه اللّه ـ تعالى ـ في الذات والصفات والأفعال من كل نقص والتحميد ، هو الثناء على اللّه ـ تعالى لتمتعه بجميع الكمالات في الذات

1.راجع : البقرة : ۳۰ ، الرعد : ۱۳ ، الحجر : ۹۸ ، الإسراء : ۴۴ .

2.الزمر : ۷۵ وراجع : غافر : ۷ ، الشورى : ۵ ، البقرة : ۳۰ .

3.غافر : ۵۵ .

4.الطور : ۴۸ .

5.الرعد : ۱۳ .

6.الإسراء : ۴۴ .

  • نام منبع :
    منتخب نهج الذكر
    المساعدون :
    الافقی، رسول
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دار الحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق / 1387 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 175104
الصفحه من 368
طباعه  ارسل الي