قَادِرٌ عَلَى هِدايَةِ مَن يَشَاءُ وَضَلالِ مَن يَشَاءُ ، وَإذَا أَجبَرَهُم بِقُدرَتِهِ عَلَى أَحَدِهِما لَم يَجِب لَهُم ثَوابٌ وَلا عَلَيهِم عِقابٌ عَلَى نَحوِ ما شَرَحنَا فِي الكِتَابِ .
وَالمَعنَى الآخَرُ : إنَّ الهِدايَةَ مِنهُ تَعرِيفُهُ ، كَقَولِهِ : «وَ أَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَـهُمْ»۱ » ، أَي عَرَّفنَاهُم ، «فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى»۲ » . فَلَو أَجبَرَهُم عَلَى الهُدَى لَم يَقدِرُوا أَن يَضِلُّوا ، وَلَيسَ كُلَّمَا وَرَدَت آيَةٌ مُشتَبِهَةٌ كَانَتِ الآيَةُ حُجَّةً عَلَى مُحكَمِ الآيَاتِ اللَّوَاتِي أُمِرنَا بِالأَخذِ بِهَا ؛ مِن ذَلِكَ قَولُهُ : «مِنْهُ ءَايَـتٌ مُّحْكَمَـتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَـبِ وَأُخَرُ مُتَشَـبِهَـتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِى قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَـبَهَ مِنْهُ ابْتِغَآءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَآءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ»۳ الآيَة ، وَقالَ : «فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَـئِكَ الَّذِينَ هَدَهُمُ اللَّهُ وَ أُولَـئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبَـبِ »۴ .
وَفَّقَنَا اللّهُ وَإِيَّاكُم إِلَى القَولِ وَالعَمَلِ لِمَا يُحِبُّ وَيَرضَى ، وَجَنَّبَنَا وَإِيَّاكُم مَعَاصِيَهُ بِمَنِّهِ وَفَضلِهِ ، وَالحَمدُ للّهِِ كَثِيراً كَمَا هُوَ أَهلُهُ ، وَصَلَّى اللّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِهِ الطَّيِّبِينَ ، وَحَسبُنَا اللّهُ وَنِعمَ الوَكِيلُ . ۵