383
حكم النّبيّ الأعظم ج4

إنّ عب ء الأمانة الفادح الّذي حمله الإنسان ولم تتحمله الموجودات الأُخرى ، يمثّل الاستعداد للتكامل الإرادي وبلوغ مرتبة الخلافة الإلهيّة ، وما مُنح الإنسان من طاقات وإمكانيات مادّية ومعنوية ، هو كلّه أجزاء هذه الأمانة الإلهيّة . وإذا ما تفتّح استعداد الإنسان وأوصل هذه الأمانة إلى الهدف ، فإنّه سيتحوّل بنفسه إلى أمانة قيّمة أُخرى للمجتمع البشري ، وسيدفع اللّه به أنواع البلاء عن الناس . ۱
بناءً على ذلك ، فإنّ تفسير الأمانة ـ المعروضة على السموات والأرض فأبت أن تحملها وأشفقت منها وحملها الإنسان ـ بالولاية أو الصّلاة أو سائر ما جعله اللّه ـ تعالى ـ تحت اختيار الإنسان لتكامله ، هو في الحقيقة إشارة إلى قسم من أرضية التكامل الاختياري للإنسان ، وهذه التفسيرات لا تتنافى مع بعضها البعض .
و ـ العلماء وأهل المعرفة ، هم اُمناء اللّه ـ تعالى ـ في نقل علمهم ومعرفتهم إلى الناس حسب استيعابهم واستعداداتهم .
ز ـ المسؤولون السياسيّون ، هم حملة أمانة اللّه ـ عزّوجلّ ـ وأمانة الناس في الإدارة الصحيحة للشؤون السياسية في المجتمع .
ح ـ المؤذّنون هم أمناء الناس في الأُمور التي يعلنونها لهم ، مثل : وقت الصّلاة والصيام .
ط ـ المسلمون الأثرياء ، هم أمناء القادة على تأمين احتياجات المعوزين .
ي ـ المستشار ، أمين مَن استشاره .
ك ـ الشخص الّذي تُوكل إليه وديعة أو عملٍ ما ، هو أمين صاحب الوديعة وصاحب العمل .
ل ـ المؤمن أمين سلامته في الحالات الّتي أوكل فيها تحديد القدرة على أداء

1.راجع : موسوعة ميزان الحكمة : ج ۴ ( الأمانة / الفصل الخامس : أصناف الاُمناء / الإنسان ) .


حكم النّبيّ الأعظم ج4
382

ضيقها ، سنشير إليها هنا استنادا إلى ما ورد في الفصل الخامس :
أ ـ إنّ أسمى مجالات الأمانة خاصّ باللّه ـ تعالى ـ ، لذلك يُسمّى «الأمين» و «المؤمن» و «المهيمن» ، فهو «الأمين» المطلق وجميع الأمانات منه وإليه ، ولا يضيع حقّ أحد لديه ، لذلك فقد كان أئمّة الإسلام يوكلون كلّ شيء إلى اللّه ، وكان النبيّ الأعظم صلى الله عليه و آله يقول في الدعاء :
اللّهُمَّ إنِّي أستَودِعُكَ نَفسي وأهلي ومالي وديني ودُنيايَ وآخِرَتي وأمانَتي وخَواتيمَ عَمَلي .۱
ب ـ ملائكة الوحي ، هم أمناء اللّه ـ سبحانه ـ في إبلاغ الوحي إلى الأنبياء والرّسل .
ج ـ الأنبياء والرّسل هم أُمناء اللّه في إبلاغ الوحي إلى الناس .
د ـ أوصياء الأنبياء ومن جملتهم أهل بيت نبيّنا صلى الله عليه و آله هم أُمناء اللّه ـ تعالى ـ وأنبيائه في بيان الوحي وقيادة الناس .
ه ـ يُعدّ الإنسان أكبر حاملي الأمانة الإلهيّة بين جميع الكائنات ، فهو يضطلع بأمانة عجزت السماوات والأرض والجبال عن حملها :
«إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَـوَ تِ وَ الْأَرْضِ وَ الْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَ أَشْفَقْنَ مِنْهَا وَ حَمَلَهَا الْاءِنسَـنُ إِنَّهُ كَانَ ظَـلُومًا جَهُولًا» . ۲
إنّ الشاعر حافظ الشيرازي يبيّن مضمون هذه الآية في بيت من الشعر ترجمته : «لم تطق السماء حمل عب ء الأمانة ، واقترعوا لنفسي المجنونة» . ۳

1.الكافي : ج ۳ ص ۴۸۰ ، تهذيب الأحكام : ج ۳ ص ۳۱۰ ح ۹۵۹ .

2.الأحزاب : ۷۲ .

3.آسمان ، بار امانت نتوانست كشيدقرعه كار به نام منِ ديوانه زدند

  • نام منبع :
    حكم النّبيّ الأعظم ج4
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دار الحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق/1387 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 202778
الصفحه من 702
طباعه  ارسل الي