369
حكم النّبيّ الأعظم ج4

سَبعَةُ أبياتٍ حَتّى رَجَعَت إلَى الأَوَّلِ، فَنَزَلَت: «وَ يُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ» إلى آخِرِ الآيَةِ. ۱

الوجه الخامس: إيثار جماعة من شهداء اُحد

كتب مؤلّف تفسير مجمع البيان في بيان شأن نزول الآية، ما نصّه:
قيل: نزلت في سبعة عطشوا في يوم اُحد فجيء بماء يكفي لأحدهم، فقال واحد منهم: ناول فلانا حتّى طيف على سبعتهم، وماتوا ولم يشرب أحد منهم، فأثنى اللّه سبحانه عليهم. ۲

تحليل الوجوه المذكورة

تنتهي عملية دراسة الوجوه المذكورة حول أسباب نزول آية الإيثار وتحليلها، إلى أنّ شأن النزول الأصلي الذي يتوافق مع ظاهر القرآن وتدلّ عليه الروايات يتمثّل بإيثار الأنصار في واقعة تقسيم الغنائم التي حصل عليها المسلمون من يهود بني نضير ؛ فقد آثر الأنصار المهاجرين بحصّتهم من تلك الغنيمة وقدّموهم على أنفسهم، فنزلت الآية تثني عليهم. ولمّا كانت الروايات الدالّة على هذا الوجه متّسقة مع ظاهر آية الإيثار ومنسجمة معه، فقد مالت غالبية المفسّرين إليه وتبنّته.
على هذا الضوء ينبغي القول أنّ الروايات التي لها دلالة على بقيّة الوجوه المشار لها آنفا، إنّما هي بصدد تطبيق خاتمة الآية على الموارد المذكورة من باب الجري. أمّا إذا أردنا تطبيق جملة: «وَ يُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ» على فرد خاصّ كما لاحظنا ذلك في عدد من الروايات السابقة، فلا ريب في أنّ الإمام عليّا عليه السلام هو «سيّد المؤثِرين». وعندئذٍ فلا مانع من أن نقول أنّ جبرئيل قد طبّق

1.المستدرك على الصحيحين: ج ۲ ص ۵۲۶ ح ۳۷۹۹ ؛ مشكاة الأنوار : ص ۳۳۰ ح ۱۰۵۰ عن أنس .

2.مجمع البيان: ج ۹ ص ۳۹۱ .


حكم النّبيّ الأعظم ج4
368

أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ» نزلت بحقّ الإمام عليّ عليه السلام ، لكن مع فارق إذ جاء بعضها مطلقا دون أن يبيّن مورد الإيثار ، وفي بعضها أنّ مورد الإيثار هو كسوة الإمام لرجل اشتكى له عُريه ، وفي بعضها الآخر أنّ الإمام آثر على نفسه المقداد ابن الأسود فيما مسّه وأهله من حاجة ، كما أشار بعضها الآخر إلى أنّ شأن نزول الآية هو إيثار الإمام عليه السلام وإطعامه لضيف بعثه إليه النبيّ صلى الله عليه و آله .

الوجه الثالث : إيثار الرجل الأنصاري

جاء في صحيح البخاري أنّ هذه الآية نزلت في رجل من الأنصار أكرم وفادة ضيف رسول اللّه صلى الله عليه و آله وآثره على نفسه وزوجته وصبيانه. ۱ أمّا ما اسم المضيّف ؟ فقد اختلفت في ذلك المصادر والأخبار، إذ فيها من ذهب أنّه أبو طلحة الأنصاري ۲ ، وفيها من ذكر أنّه ثابت بن قيس ۳ على حين ذهب صاحب مجمع البيان إلى أنّ المضيّف هو الإمام عليّ عليه السلام ، وأنّه قد وردت في ذلك رواية صحيحة دالّة على هذا المعنى ۴ .

الوجه الرابع: إيثار أحد أصحاب النبيّ

جاء في مستدرك الحاكم، عن ابن عمر:
اُهدِيَ لِرَجُلٍ مِن أصحابِ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله رَأسُ شاةٍ ، فَقالَ : إنَّ أخي فُلانا وعِيالَهُ أحوَجُ إلى هذا مِنّا . قالَ : فَبَعَثَ إلَيهِ، فَلَم يَزَل يَبعَثُ بِهِ واحِدا إلى آخَرَ حَتّى تَداوَلَها

1.صحيح البخاري : ج ۳ ص ۱۳۸۲ ح ۳۵۸۷ .

2.تفسير القرطبي: ج ۱۸ ص ۲۵ .

3.الدرّ المنثور: ج ۸ ص ۱۰۲ .

4.وأمّا الذي رويناه بإسنادٍ صحيح عن أبي هريرة، أنّ الذي أضافه ونوّم الصبية وأطفأ السراج عليّ وفاطمة عليهماالسلام(مجمع البيان : ج ۹ ص ۳۹۱).

  • نام منبع :
    حكم النّبيّ الأعظم ج4
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دار الحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق/1387 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 201235
الصفحه من 702
طباعه  ارسل الي