329
حكم النّبيّ الأعظم ج4

الممتازة ، والاستعانة باللّه تعلى لبلوغ هذا الهدف ، وتوجيهات أئمّة الإسلام في هذا المجال على غاية من الأهمّية للمربّين والمشتغلين في حقول الدّعوة .

5 . المؤدّبون

إنّ أوّل معلّم للأدب هو اللّه سبحانه الذي أدّب أنبياءه ، وأمرهم أن يربّوا الناس على هذه الفضيلة ، وقد واصلَ هذه المهمّة الأوصياء بعد الأنبياء ، يقول الإمام عليّ عليه السلام :
إنَّ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله أدَّبَهُ اللّهُ ، وهُوَ صلى الله عليه و آله أدَّبَني ، وأنَا اُؤَدِّبُ المُؤمِنينَ واُوَرِّثُ الآدابَ المُكرَمينَ.۱
إنّ هذه المسؤوليّة في عهدنا هذا يتحمّلها المسؤولون السياسيّون في المجتمعات الإسلاميّة ، والإسلام يرى أنّ التخطيط لإشاعة ثقافة التأدّب في المجتمع ، من أهمّ حقوق الناس على الحكّام ، ففي الظروف الراهنة للعالم الإسلاميّ يتحمّل العلماء والمثقّفون على هذا الصعيد مسؤوليّة خاصّة ، وفضلاً عن روّاد السياسة والثقافة ، تتحمّل العوائل ـ خاصّة الآباء ـ مسؤوليّة تأديب الأبناء ، فقد روي عن الرسول صلى الله عليه و آله قوله :
مِن حَقِّ الوَلَدِ عَلى والِدِهِ أن يُحسِنَ أدَبَهُ.۲

6 . اُسلوب التّأديب

إنّ من أغنى كنوز ما ورد عن أهل البيت عليهم السلام توجيهاتهم بشأن التأديب والتربية ، وقد وردت نصوص هذه التوجيهات في الفصل السادس ، والتفصيل فيها يتطلّب كتابا مستقلّاً ، ولكن يمكن الإشارة بإيجاز إلى أنّ اُصول اُسلوب التأديب في مدرسة أهل البيت عليهم السلام عبارة عن :
أ ـ أن يكون المعلّم متأدّبا .

1.راجع : موسوعة ميزان الحكمة : ج ۲ ( الأدب / الفصل الخامس : / أولياء التأديب : ح ۹۶۱ ) .

2.راجع : موسوعة ميزان الحكمة : ج ۲ ( الأدب / الفصل الخامس : / أولياء التأديب : ح ۹۶۶ ) .


حكم النّبيّ الأعظم ج4
328

إنّ الأدب الذي ينفع الإنسانَ بعد موته هو الأدب مع اللّه سبحانه ؛ أي تَجسيد القيم الإلهيّة في حياة الإنسان ، وكلّما ازداد الإنسان في هذا الحقل تأدّبا ازداد من حكمة الخليقة قربا ، وازداد من بركات الدنيا والآخرة نيلاً ، كما في قوله تعالى :
«فَعِندَ اللَّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالْاخِرَةِ» . ۱

4 . مصادر الأدب

من مجموع النصوص التي أشارت إلى مصادر الأدب ، نفهم أنّ للأدب مصدرين : أحدهما الوراثة ، والآخر التربية ، فقد ورد في الحديث النبويّ :
النّاسُ مَعادِنُ ، وَالعِرقُ دَسّاسٌ ، وأدَبُ السّوءِ كَعِرقِ السّوءِ.۲
ثمّ أنّ الوراثة ترتبط بالاُسرة ، وفي رواية عن عليّ عليه السلام :
إذا كَرُمَ أصلُ الرَّجُلِ كَرُمَ مَغيبُهُ ومَحضَرُهُ.۳
من هنا فإنّ من يريد أن يكون له أبناء متأدّبون ، عليه أن يختار الزوجة المناسبة ، يقول الرَّسول صلى الله عليه و آله :
اُنظُر في أيِّ نِصابٍ تَضَعُ وَلَدَكَ ، فَإِنَّ العِرقَ دَسّاسٌ.۴
إنّ العوائل الأصيلة النجيبة الكريمة لها دور أساس في تربية الأفراد الصالحين المؤدَّبين ، ولكنّ التربية ـ إلى جانب الوراثة ـ لها دور هامّ أيضا في بناء الإنسان ، وتستطيع بما لها من تأثير أن تقضي على الآثار الإيجابيّة أو السلبيّة للوراثة أو تقلّلها .
إنّ العناصر المهمّة الفاعلة في التربية كما جاء في النصوص الإسلاميّة عبارة عن : بذل الجهد والسعي لتقوية الإيمان ، والعلم ، والاقتداء بالنماذج الإنسانيّة

1.النساء : ۱۳۴ .

2.راجع : موسوعة ميزان الحكمة : ج ۲ ( الأدب / الفصل الثالث : / مبادى ء الأدب : ح ۸۶۲ ) .

3.راجع : موسوعة ميزان الحكمة : ج ۲ ( الأدب / الفصل الثالث : / مبادى ء الأدب : ح ۸۵۷ ) .

  • نام منبع :
    حكم النّبيّ الأعظم ج4
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دار الحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق/1387 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 205888
الصفحه من 702
طباعه  ارسل الي