287
حكم النّبيّ الأعظم ج6

كلام في اشتراط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بائتمار وانتهاء الآمر

الروايات الواردة عن أهل البيت عليهم السلام حول وجوب الأمر بالمعروف على غير العامل مختلفة ، ولكن تمام الفقهاء تقريبا لم يستثنوا غير العامل من وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وإنما أبقوه على إطلاقه ۱ ، بل لم يتعرضوا ولم يشيروا لهذا الشرط عند ذكرهم الشرائط المعتبرة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . ۲
وقد تعرض الشيخ محمد حسن النجفي لهذه المسألة في كتابه الكبير الموسوم ب «جواهر الكلام» ، وحاول تأويل الروايات الواردة في ذلك الواحدة تلو الاُخرى . ۳ والدليل الأصلي الذي اعتمده الشيخ محمد حسن النجفي في هذه الدعوى التي نسبها إلى عموم فقهاء الشيعة هو إطلاق أدلة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، سواء في ذلك آيات الكتاب العزيز ، أو الأحاديث الشريفة أو الإجماع . وقال : إن حصر الفقهاء لشروط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بأربع ـ هي : العلم بالمعروف والمنكر ، واحتمال التأثير ، واصرار الفاعل ، وعدم الضرر ـ ظاهر في عدم اشتراط غيرها كالائتمار والانتهاء . ۴
الجدير بالذكر أنه يحتمل أن يكون التعبير ب «كله» في روايات الباب ناظرا إلى هذه النقطة وهي أنه ليس كل أحد يتمكن من الاتيان بجميع أنواع المعروف كي يأمر به . كما أنه باشتراط الانتهاء عن المنكر لا يمنح الأفراد الذين صدرت منهم بعض المعاصي والمنكرات الذريعة للفرار عن أداء تكليفهم المتمثل بالنهي عن المنكر ، وإن كان الانتهاء شرطا من الناحية الأخلاقية ، بل هو شرط في تأثير الكلام أيضا ، فينبغي أن يكون الآمر والناهي مطبّقا لقوله وعاملاً به ، لكنه شرط أخلاقي لا فقهي .

1.قال الشيخ محمد حسن النجفي : «وعن البهائي رحمه الله في أربعينه عن بعض العلماء زيادة أنه لا يجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا بعد كون الآمر والناهي متجنبا عن المحرمات وعدلاً» (راجع : جواهر الكلام : ج ۲۱ ص ۳۷۳) .

2.الحلبي في الكافي : ص ۲۶۵ ، الطوسي في النهاية : ص ۲۹۹ ، ابن البراج في المهذب : ج ۱ ص ۳۴۱ ، ابن حمزة الطوسي في الوسيلة : ص ۲۰۷ ، ابن ادريس الحلي في السرائر : ج ۲ ص ۲۲ ، المحقق الحلي في شرائع الإسلام : ج ۱ ص ۲۵۹ ، العلامة الحلي في قواعد الأحكام : ج ۱ ص ۵۲۵ . ومن الفقهاء المعاصرين : الإمام الخميني في تحرير الوسيلة : ج ۱ ص ۴۶۷ .

3.نظير كون العمل عندهم شرطا للواجب لا شرطا للوجوب ، أو أن الروايات المذكورة إنما هي لذم الآمر غير المؤتمر ، لا أن الائتمار شرط ، وعليه فإنها ستلائم وتوافق الروايات الواردة في الباب السابق «ذم من يأمر بما يأتي» (راجع : جواهر الكلام : ج ۲۱ ص ۳۷۴ ، وراجع أيضا : جامع المدارك ـ للخونساري ـ : ج ۵ ص ۴۰۶) .

4.راجع : جواهر الكلام : ج ۲۱ ص ۳۷۲ .


حكم النّبيّ الأعظم ج6
286

« أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَ تَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَ أَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَـبَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ » . ۱

الحديث

۹۰۴۷.رسول اللّه صلى الله عليه و آله :يُؤتى بِالرَّجُلِ يَومَ القِيامَةِ فيُلقى في النّارِ ، فتَندَلِقُ أقتابُ بَطنِهِ فيَدورُ بِها كما يَدورُ الحِمارُ في الرَّحى ، فيَجتَمِعُ إلَيهِ أهلُ النّارِ فيَقولونَ : يا فُلانُ ، ما لَكَ ؟ ألَم تَكُن تَأمُرُ بِالمَعروفِ وتَنهى عَنِ المُنكَرِ ؟ ! فيَقولُ : بَلى كُنتُ آمُرُ بِالمَعروفِ ولا آتيهِ ، وأنهى عَنِ المُنكَرِ وآتيهِ . ۲

۹۰۴۸.عنه صلى الله عليه و آلهـ لعِبد اللّه بن مسعود ـ: يَابنَ مَسعودٍ ، لا تَكُنْ مِمَّن يُشَدِّدُ عَلَى النّاسِ ويُخَفِّفُ عَن نَفسِهِ ، يَقولُ اللّه ُ تَعالى : «لِمَ تَقولونَ ما لا تَفعَلونَ» ؟! ۳

1.البقرة : ۴۴ .

2.تفسير القرطبي : ج ۱ ص ۳۶۶ عن أسامة بن زيد .

3.مكارم الأخلاق : ج ۲ ص ۳۶۱ ح ۲۶۶۰ عن عبداللّه بن مسعود ، بحارالأنوار : ج ۷۷ ص ۱۰۹ ح ۱ .

  • نام منبع :
    حكم النّبيّ الأعظم ج6
    الناشر :
    دار الحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق / 1387 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 164909
الصفحه من 649
طباعه  ارسل الي