435
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج7

۶۶۴۱.الاختصاص :كانَ عَمرُو بنُ الحَمِقِ الخُزاعِيُّ شيعَةً لِعَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ عليه السلام ، فَلَمّا صارَ الأَمرُ إلى مُعاوِيَةَ انحازَ إلى شَهرَزورَ مِنَ المَوصِلِ وكَتَبَ إلَيهِ مُعاوِيَةُ :
أمّا بَعدُ ؛ فَإِنَّ اللّهَ أطفَأَ النّائِرَةَ ۱ ، وأخمَدَ الفِتنَةَ ، وجَعَلَ العاقِبَةَ لِلمُتَّقينَ ، ولَستَ بِأبعَدِ أصحابِكَ هِمَّةً ، ولا أشَدِّهِم في سوءِ الأَثَرِ صُنعا ، كُلُّهُم قَد أسهَلَ بِطاعَتي ، وسارَعَ إلَى الدُّخولِ في أمري ، وقَد بَطُؤَ بِكَ ما بَطُؤَ ، فَادخُل فيما دَخَلَ فيهِ النّاسُ ، يُمحَ عَنكَ سالِفُ ذُنوبِكَ ، ومُحِيَ داثِرُ حَسَناتِكَ ، ولَعَلّي لا أكونُ لَكَ دونَ مَن كانَ قَبلي إن أبقَيتَ واتَّقَيتَ ووَقَيتَ وأحسَنتَ ، فَاقدَم عَلَيَّ آمِنا في ذِمَّةِ اللّهِ وذِمَّةِ رَسولِهِ صلى الله عليه و آله ، مَحفوظا مِن حَسَدِ القُلوبِ وإحَنِ الصُّدورِ ، وكفى بِاللّهِ شَهيدا .
فَلَم يَقدَم عَلَيهِ عَمرُو بنُ الحَمِقِ ، فَبَعَثَ إلَيهِ مَن قَتَلَهُ وجاءَ بِرَأسِهِ ، وبَعَثَ بِهِ إلَى امرَأَتِهِ فَوُضِعَ في حِجرِها ، فَقالَت : سَتَرتُموهُ عَنّي طَويلاً وأهدَيتُموهُ إلَيَّ قَتيلاً ! فَأَهلاً وسَهلاً مِن هَدِيَّةٍ غَيرَ قالِيَةٍ ولا مَقلِيَّةٍ ، بَلِّغ أيُّهَا الرَّسولُ عَنّي مُعاوِيَةَ ما أقولُ : طَلَبَ اللّهُ بِدَمِهِ ، وعَجَّلَ الوَبيلَ مِن نِقَمِهِ ! فَقَد أتى أمرا فَرِيّا، وقَتَلَ بارّا تَقِيّا ! فَأبلِغ أيُّهَا الرَّسولُ مُعاوِيَةَ ما قُلتُ .
فَبَلَّغَ الرَّسولُ ما قالَت ، فَبَعَثَ إلَيها ، فَقالَ لَها : أنتِ القائِلَةُ ما قُلتِ ؟ قالَت : نَعَم ، غَيرَ ناكِلَةٍ عَنهُ ولا مُعتَذِرَةٍ مِنهُ ، قالَ لَها : اُخرُجي مِن بِلادي ، قالَت : أفعَلُ ، فَوَاللّهِ ما هُوَ لي بِوَطَنٍ ولا أحِنُّ فيها إلى سِجنٍ ، ولَقَد طالَ بِها سَهَريِ، وَاشتَدَّ بِها عَبري ، وكَثُرَ فيها دَيني مِن غَيرِ ما قَرَّت بِه عَيني .
فَقالَ عَبدُ اللّهِ بنُ أبي سَرحٍ الكاتِبُ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ! إنَّها مُنافِقَةٌ فَأَلحِقها بِزَوجِها ، فَنَظَرَت إلَيهِ فَقالَت : يا مَن بَينَ لِحيَيهِ كَجُثمانِ الضِّفدَعِ ، ألا قُلتَ ۲ مَن

1.النّائرة : الحقد والعداوة ، وقيل : الكائنة تقع بين القوم (لسان العرب : ج۵ ص۲۴۷) .

2.كذا، وفي بحار الأنوار : «ألا قَتَلتَ»، و لعلّه الصواب.


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج7
434

مَن أنتَ ؟ فَقالَ : مَن إن تَرَكتُموهُ كانَ أسلَمَ لَكُم ، وإن قَتَلتُموهُ كانَ أضَرَّ لَكُم ، فَسَأَلوهُ ، فَأَبى أن يُخبِرَهُم ، فَبَعَثَ بِهِ ابنُ أبي بَلتَعَةَ إلى عامِلِ المَوصِلِ ـ وهُوَ عَبدُ الرَّحمنِ بنُ عَبدِ اللّهِ بنِ عُثمانَ الثَّقَفِيُّ ـ فَلَمّا رَأى عَمرَو بنَ الحَمِقِ عَرَفَهُ ، وكَتَبَ إلى مُعاوِيَةَ بِخَبَرِهِ .
فَكَتَبَ إلَيهِ مُعاوِيَةُ : إنَّهُ زَعَمَ أنَّهُ طَعَنَ عُثمانَ بنَ عَفّانَ تِسعَ طَعَناتٍ بِمَشاقِصَ ۱ كانَت مَعَهُ ، وإنّا لا نُريدُ أن نَعتَدِيَ عَلَيهِ ، فَاطعَنهُ تِسعَ طَعَناتٍ كَما طَعَنَ عُثمانَ . فَاُخرِجَ فَطُعِنَ تِسعَ طَعَناتٍ ، فَمات فِي الاُولى مِنهُنَّ أوِ الثّانِيَةِ ۲ .

۶۶۴۰.تاريخ اليعقوبي :بَلَغَ عَبدَ الرَّحمنِ بنَ اُمِّ الحَكَمِ ـ وكانَ عامِلَ مُعاوِيَةَ عَلَى المَوصِلِ ـ مَكانُ عَمرِو بنِ الحَمِقِ الخُزاعِيَّ ، ورِفاعَةَ بنِ شَدّادٍ ، فَوَجَّهَ في طَلَبِهِما ، فَخَرَجا هارِبَينِ ، وعَمرُو بنُ الحَمِقِ شَديدُ العِلَّةِ ، فَلَمّا كانَ في بَعضِ الطَّريقِ لَدَغَت عَمرا حَيَّةٌ ، فَقالَ : اللّهُ أكبَرُ ! قالَ لي رَسولُ اللّهِ : «يا عَمرُو ! لَيَشتَرِكُ في قَتلِكَ الجِنُّ والإِنسُ» ثُمَّ قالَ لِرِفاعَةَ : اِمضِ لِشَأنِكَ ؛ فَإِنّي مَأخوذٌ ومَقتولٌ .
ولَحِقَتهُ رُسُلُ عَبدِ الرَّحمنِ بنِ اُمِّ الحَكَمِ ، فَأَخَذوهُ وضُرِبَت عُنُقُهُ ، ونُصِبَ رَأسُهُ عَلى رُمحٍ ، وطيفَ بِهِ ، فَكانَ أوَّلَ رَأسٍ طيفَ بِهِ فِي الإِسلامِ .
وقَد كانَ مُعاوِيَةُ حَبَسَ امرَأَتَهُ بِدِمَشقَ ، فَلمّا أتى رَأسُهُ بَعَثَ بِهِ ، فَوُضِعَ في حِجرِها ، فَقالَت لِلرَّسولِ : أبلِغ مُعاوِيَةَ ما أقولُ : طالَبَهُ اللّهُ بِدَمِهِ ، وعَجَّلَ لَهُ الوَيلَ مِن نِقَمِهِ ! فَلَقَد أتى أمرا فَرِيّا ، وقَتَلَ بَرّا نَقِيّا !
وكانَ أوّلَ مَن حَبَسَ النِّساءَ بِجَرائِرِ الرِّجالِ ۳ .

1.المشاقص : جمع مِشْقَص ؛ وهو نصل السهم إذا كان طويلاً غير عريض (النهاية : ج۲ ص۴۹۰) .

2.تاريخ الطبري : ج۵ ص۲۶۵ ، الكامل في التاريخ : ج۲ ص۴۹۲ نحوه .

3.تاريخ اليعقوبي : ج۲ ص۲۳۱ .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج7
    المساعدون :
    الطباطبائي، السيد محمد كاظم؛ الطباطبائي نجاد، السيد محمود
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الثانية
عدد المشاهدين : 203574
الصفحه من 532
طباعه  ارسل الي