مَن أنتَ ؟ فَقالَ : مَن إن تَرَكتُموهُ كانَ أسلَمَ لَكُم ، وإن قَتَلتُموهُ كانَ أضَرَّ لَكُم ، فَسَأَلوهُ ، فَأَبى أن يُخبِرَهُم ، فَبَعَثَ بِهِ ابنُ أبي بَلتَعَةَ إلى عامِلِ المَوصِلِ ـ وهُوَ عَبدُ الرَّحمنِ بنُ عَبدِ اللّهِ بنِ عُثمانَ الثَّقَفِيُّ ـ فَلَمّا رَأى عَمرَو بنَ الحَمِقِ عَرَفَهُ ، وكَتَبَ إلى مُعاوِيَةَ بِخَبَرِهِ .
فَكَتَبَ إلَيهِ مُعاوِيَةُ : إنَّهُ زَعَمَ أنَّهُ طَعَنَ عُثمانَ بنَ عَفّانَ تِسعَ طَعَناتٍ بِمَشاقِصَ ۱ كانَت مَعَهُ ، وإنّا لا نُريدُ أن نَعتَدِيَ عَلَيهِ ، فَاطعَنهُ تِسعَ طَعَناتٍ كَما طَعَنَ عُثمانَ . فَاُخرِجَ فَطُعِنَ تِسعَ طَعَناتٍ ، فَمات فِي الاُولى مِنهُنَّ أوِ الثّانِيَةِ ۲ .
۶۶۴۰.تاريخ اليعقوبي :بَلَغَ عَبدَ الرَّحمنِ بنَ اُمِّ الحَكَمِ ـ وكانَ عامِلَ مُعاوِيَةَ عَلَى المَوصِلِ ـ مَكانُ عَمرِو بنِ الحَمِقِ الخُزاعِيَّ ، ورِفاعَةَ بنِ شَدّادٍ ، فَوَجَّهَ في طَلَبِهِما ، فَخَرَجا هارِبَينِ ، وعَمرُو بنُ الحَمِقِ شَديدُ العِلَّةِ ، فَلَمّا كانَ في بَعضِ الطَّريقِ لَدَغَت عَمرا حَيَّةٌ ، فَقالَ : اللّهُ أكبَرُ ! قالَ لي رَسولُ اللّهِ : «يا عَمرُو ! لَيَشتَرِكُ في قَتلِكَ الجِنُّ والإِنسُ» ثُمَّ قالَ لِرِفاعَةَ : اِمضِ لِشَأنِكَ ؛ فَإِنّي مَأخوذٌ ومَقتولٌ .
ولَحِقَتهُ رُسُلُ عَبدِ الرَّحمنِ بنِ اُمِّ الحَكَمِ ، فَأَخَذوهُ وضُرِبَت عُنُقُهُ ، ونُصِبَ رَأسُهُ عَلى رُمحٍ ، وطيفَ بِهِ ، فَكانَ أوَّلَ رَأسٍ طيفَ بِهِ فِي الإِسلامِ .
وقَد كانَ مُعاوِيَةُ حَبَسَ امرَأَتَهُ بِدِمَشقَ ، فَلمّا أتى رَأسُهُ بَعَثَ بِهِ ، فَوُضِعَ في حِجرِها ، فَقالَت لِلرَّسولِ : أبلِغ مُعاوِيَةَ ما أقولُ : طالَبَهُ اللّهُ بِدَمِهِ ، وعَجَّلَ لَهُ الوَيلَ مِن نِقَمِهِ ! فَلَقَد أتى أمرا فَرِيّا ، وقَتَلَ بَرّا نَقِيّا !
وكانَ أوّلَ مَن حَبَسَ النِّساءَ بِجَرائِرِ الرِّجالِ ۳ .